المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في المناهج النقدية: المنهج النفسي (3)



المراسل الإخباري
08-20-2022, 04:13
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png ينطلق المنهج النقدي (النفسي) من كونه يبحث في أعماق النفس الإنسانية، فيكشف عن علاقة النص الأدبي بالنفس في مختلف تشكلاتها، وتحولاتها، وقد لوحظت ملامحه الأولى، وآثاره البدائية منذ القديم عند فلاسفة اليونان، كسقراط، وأفلاطون، وأرسطو، وغيرهم؛ ولهذا يرى بعضهم، وهو د. حسن مسكين في كتابه (مناهج الدراسات الأدبية الحديثة من التاريخ إلى الحجاج، ص44) - أن "الإرهاصات الأولى للنظرية النفسية تعود في الأساس إلى المحاكاة الأفلاطونية، والتطهير الأرسطي".
كما شوهدت بعض أشكال هذا المنهج النقدي في بعض الممارسات النقدية العربية التي كانت معروفة عند القدماء، ولو عدنا إلى أقدم المحاولات النقدية لوجدنا فيها ما يشي بمنهج نقدي منبعث من أغوار النفس، وأعماق الذات، ففي القصة النقدية المشهورة عن (أم جندب الطائية) حين احتكم إليها امرؤ القيس الكندي، وعلقمة الفحل التميمي في وصف فرسيهما، كانت تنطلق من بعض البواعث النفسية، فكانت تستبطن ما في الإنسان من إحساس وشعور، وتبحث بعمق عما يعتوره من هموم وصراع، ومن هنا يصبح النص الأدبي بوابةً يخرج من خلالها ما تبوح به النفس، عندئذ يظهر الجمال ويتوقد.
وتركّز الاهتمام بالمنهج النفسي عند العرب في العصر الحديث في مظاهر مختلفة، لعل من أوضحها وأميزها (عبقريات العقّاد) المشهورة، وقد تأثر العقاد (1964م) بهذا المنهج كما تأثر به آخرون، كإبراهيم المازني (1949م)، وعبد الرحمن شكري (1958م)، وغيرهما، وذلك أنهم تعاملوا مع بعض المدونات الأدبية من زاوية نفسية تنشد الأدبية، فالمازني مثلاً درس شخصية ابن الرومي، والعقّاد قام بدراسة شخصيات أدبية متباينة من منظور نفسي، كشخصية أبي نواس مثلاً، حتى جاء د. عز الدين إسماعيل (2007م) فيما بعد، فعمّق من الترسيخ لهذا المنهج، والتجذير له، وذلك في كتابه المشهور (التفسير النفسي للأدب)، ثم جاء من بعده من المعاصرين اليوم د. محمد النويهي الذي حاول التطبيق على المنهج النفسي بشكل موسع، وأخلص دراساته النقدية لهذا المنهج، ومن يتأمل بعض مؤلفاته يجدها تنطق بهذا الاتجاه، كما في كتابه (شخصية بشار)، وكتابه (نفسية أبي نواس).
ولئن حاول الطبيب النمساوي (سيغموند فرويد 1939م) التحليل النفسي الأعمق لدراسة الظواهر الإنسانية التي من بينها الأدب، فلقد غاص بشكل مفرط -في نظري- حتى أفقد الجانب الأدبي بعض بريقه، وصار الناس ينظرون من منظاره نظرة نفسية لا جمالية، أو تؤدي إلى الجمال على الأقل، ولذلك كان بعض تلامذته أكثر تنظيماً وربطاً بين النفسي، والجمالي، كما عند البريطاني (أرنست جونز 1958م)، وغيره؛ ولهذا فإن المنهج النفسي كلما توغل في الجمالي، ونأى عن السريري، أو (الإكلينيكي) كان أكثر ثراءً وتدفقاً.
إن المنهج النقدي النفسي ليس منهجاً قديماً، أو تقليدياً كما قد يُظن، وليس هو بمنهج حديث معاصر، بل هو منهج نقدي حيوي مواكب، ولا سيما إذا اقترب من تحقيق الغايات النفسية ذات البعد الجمالي، والطابع الأدبي، وليس هذا المنهج -كما قد يُفهم أحياناً- خاصاً باعتلالات الأديب، وانفعالاته فحسب، بل هو منهج -وهذا الذي نراه- يتطلع إلى رصد أدبية الخطاب من زوايا نفسية متوهجة، والحق أنه لم يحظَ باهتمام النقاد كما هي المناهج الأخرى، وإن كان بعضهم يضمنه -أحياناً- داخل نسق المناهج الأخرى؛ ولهذا لم نعد نرى دراسات نقدية تنص عليه، أو تخصّه إلا نادراً.




http://www.alriyadh.com/1967372]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]