المراسل الإخباري
09-13-2022, 02:51
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
صار الناس ينفرون من الصدق حتى لو قدم لهم بشكل مهذب كرأي أو نقد بناء ويريدون منك أن تثني عليهم طوال الوقت فتثني على الشكل وكل ما يقول ويفعل، والغريب في الأمر تساوي الجاهل والعالم في هذا الولع بالثناء..
صلة العرب بالمديح بدأت كما عرفناها في الشعر العربي القديم قبل الإسلام، ولا شك أن المديح لم يظهر شعراً إلا وهو ظاهر بين أفراد المجتمع، ولا ضير فهو جزء من تكوين الشخصية، فكلنا نحب الثناء وكلنا نعمد إلى الثناء على غيرنا بما يستحقونه من صفات، وقد نقل لنا الشعر مدائح مبالغا فيها وبخاصة حين تقدم لعلية القوم حتى أصبح المدح الصادق يندر بندرة من يستحقونه، وظل شعر المدح سائداً في العصور التالية وما زال حتى يومنا هذا؛ وإن قل أو استبدلت مكانته الأولى فبعد أن كان يبرز في الشعر ويضعف بين أفراد المجتمع انقلب الحال فضعف في الشعر وتزايد بين الناس لدرجة ممقوته وقد وصل إلى مستوى الخديعة التي يتبادلها الناس ويحبون أن تقدم لهم حتى صار بعضهم يشعر أنك إن لم تثنِ عليه فأنت ضده أو حاقد عليه وحاسد له!
لقد صار الناس ينفرون من الصدق حتى لو قدم لهم بشكل مهذب كرأي أو نقد بناء ويريدون منك أن تثني عليهم طوال الوقت فتثني على الشكل وكل ما يقول ويفعل، والغريب في الأمر تساوي الجاهل والعالم في هذا الولع بالثناء؛ فالذي يجمع بينهما ليس حب الثناء وحده بل حالة الاضطراب النفسي التي تختبئ في زاوية من نفسه وهي حالة يمتزج فيها الضعف بعدم تقدير الذات وعدم الثقة بالنفس مع الخوف وربما الشعور بالعار وكأن كل هذه المشاعر المتذبذبة كرة من الشعور بالنقص تتأرجح في داخله ولا تستقر إلا حينما يسمع الثناء وتطرب له روحه وتشتعل تلك الكرة حين يصطدم برأي يخالفه ويكشف سوء حاله.. قال أحمد شوقي:
خدعوها بقولهم حسناء
والغواني يغرهن الثناء
أحقاً؟! أن الغواني وحدهن من يغرهن ويخدعهن الثناء؟
ألم تقم دول وتسقط دول وشنت حروب وانتهت حروب لأن الثناء قدم للرجال!
ألم تنتهك حياة الإنسان وكرامته في مواضع شتى من هذا العالم بسبب ثناء في غير محله؟
ألم يتبادل بعضهم المديح في مواقع عملية وثقافية وفنيه من أجل المصالح الخاصة؟
ألم تصدر مؤلفات وتقدم أغنيات ويرتفع شأن لوحات بسبب الثناء الكاذب؟!
وماذا نعد لنعد من أنواع الجرائم العامة التي كان الجناة فيها يستخدمون سلاح المديح بلا تردد ولا خجل ولا إحساس بحجم الجريمة التي يرتكبونها حتى صار الجوع للمديح متبادلا بين المادح والممدوح.. فأثني عليك ليصل ثناؤك إلي فنبتهج بأكاذيبنا دون أي شعور بالذنب!
لم يعد سقوط قيمة الصدق مرتبطا بأوضاع سياسية عظمى بل تغلغل في عمق الحياة الاجتماعية والثقافية حتى صار العاقل يربأ بنفسه عن قول الكذب بالتزام الصمت حتى لا يتهم بأنه حاقد أو حاسد أو على أقل تصنيف شخص غيور! وهكذا اختلت الموازين.. وصدق قول الكندي:
أناف الذنابى على الأرؤس
فغمِّض جفونك أَو نكِّس
وضائل سوادك واقبض يَديك
وَفِي قَعْر بَيْتك فاستجلس
وَعند مليكك فابغِ الْعُلُوَّ
وبالوحدة الْيَوْم فاستأنس
فَإِنَّ الْغنى فِي قُلُوب الرِّجَال
وَإِنَّ التَّعزُّز بالأنفس
ولا أتفق مع ما أبداه الشاعر في البيت الأول والثاني من الشعور بالهزيمة أمام سقوط القيم وما يتبعه من تقلب الأحوال والذي سرعان ما تداركه في بيته الأخير؛ ولكن يعز على كل امرئ واعٍ وصادق ما سيؤول إليه حال المجتمعات في ظل المزيد من سقوط القيم التي تتسبب في سقوط أعمدة اجتماعية وثقافية وعلمية يختل بها توازن المجتمعات لفترة تطول أو تقصر وفقاً لما يفرضه الزمن من متغيرات تحدث شرخاً وتردم آخر.
http://www.alriyadh.com/1971569]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
صار الناس ينفرون من الصدق حتى لو قدم لهم بشكل مهذب كرأي أو نقد بناء ويريدون منك أن تثني عليهم طوال الوقت فتثني على الشكل وكل ما يقول ويفعل، والغريب في الأمر تساوي الجاهل والعالم في هذا الولع بالثناء..
صلة العرب بالمديح بدأت كما عرفناها في الشعر العربي القديم قبل الإسلام، ولا شك أن المديح لم يظهر شعراً إلا وهو ظاهر بين أفراد المجتمع، ولا ضير فهو جزء من تكوين الشخصية، فكلنا نحب الثناء وكلنا نعمد إلى الثناء على غيرنا بما يستحقونه من صفات، وقد نقل لنا الشعر مدائح مبالغا فيها وبخاصة حين تقدم لعلية القوم حتى أصبح المدح الصادق يندر بندرة من يستحقونه، وظل شعر المدح سائداً في العصور التالية وما زال حتى يومنا هذا؛ وإن قل أو استبدلت مكانته الأولى فبعد أن كان يبرز في الشعر ويضعف بين أفراد المجتمع انقلب الحال فضعف في الشعر وتزايد بين الناس لدرجة ممقوته وقد وصل إلى مستوى الخديعة التي يتبادلها الناس ويحبون أن تقدم لهم حتى صار بعضهم يشعر أنك إن لم تثنِ عليه فأنت ضده أو حاقد عليه وحاسد له!
لقد صار الناس ينفرون من الصدق حتى لو قدم لهم بشكل مهذب كرأي أو نقد بناء ويريدون منك أن تثني عليهم طوال الوقت فتثني على الشكل وكل ما يقول ويفعل، والغريب في الأمر تساوي الجاهل والعالم في هذا الولع بالثناء؛ فالذي يجمع بينهما ليس حب الثناء وحده بل حالة الاضطراب النفسي التي تختبئ في زاوية من نفسه وهي حالة يمتزج فيها الضعف بعدم تقدير الذات وعدم الثقة بالنفس مع الخوف وربما الشعور بالعار وكأن كل هذه المشاعر المتذبذبة كرة من الشعور بالنقص تتأرجح في داخله ولا تستقر إلا حينما يسمع الثناء وتطرب له روحه وتشتعل تلك الكرة حين يصطدم برأي يخالفه ويكشف سوء حاله.. قال أحمد شوقي:
خدعوها بقولهم حسناء
والغواني يغرهن الثناء
أحقاً؟! أن الغواني وحدهن من يغرهن ويخدعهن الثناء؟
ألم تقم دول وتسقط دول وشنت حروب وانتهت حروب لأن الثناء قدم للرجال!
ألم تنتهك حياة الإنسان وكرامته في مواضع شتى من هذا العالم بسبب ثناء في غير محله؟
ألم يتبادل بعضهم المديح في مواقع عملية وثقافية وفنيه من أجل المصالح الخاصة؟
ألم تصدر مؤلفات وتقدم أغنيات ويرتفع شأن لوحات بسبب الثناء الكاذب؟!
وماذا نعد لنعد من أنواع الجرائم العامة التي كان الجناة فيها يستخدمون سلاح المديح بلا تردد ولا خجل ولا إحساس بحجم الجريمة التي يرتكبونها حتى صار الجوع للمديح متبادلا بين المادح والممدوح.. فأثني عليك ليصل ثناؤك إلي فنبتهج بأكاذيبنا دون أي شعور بالذنب!
لم يعد سقوط قيمة الصدق مرتبطا بأوضاع سياسية عظمى بل تغلغل في عمق الحياة الاجتماعية والثقافية حتى صار العاقل يربأ بنفسه عن قول الكذب بالتزام الصمت حتى لا يتهم بأنه حاقد أو حاسد أو على أقل تصنيف شخص غيور! وهكذا اختلت الموازين.. وصدق قول الكندي:
أناف الذنابى على الأرؤس
فغمِّض جفونك أَو نكِّس
وضائل سوادك واقبض يَديك
وَفِي قَعْر بَيْتك فاستجلس
وَعند مليكك فابغِ الْعُلُوَّ
وبالوحدة الْيَوْم فاستأنس
فَإِنَّ الْغنى فِي قُلُوب الرِّجَال
وَإِنَّ التَّعزُّز بالأنفس
ولا أتفق مع ما أبداه الشاعر في البيت الأول والثاني من الشعور بالهزيمة أمام سقوط القيم وما يتبعه من تقلب الأحوال والذي سرعان ما تداركه في بيته الأخير؛ ولكن يعز على كل امرئ واعٍ وصادق ما سيؤول إليه حال المجتمعات في ظل المزيد من سقوط القيم التي تتسبب في سقوط أعمدة اجتماعية وثقافية وعلمية يختل بها توازن المجتمعات لفترة تطول أو تقصر وفقاً لما يفرضه الزمن من متغيرات تحدث شرخاً وتردم آخر.
http://www.alriyadh.com/1971569]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]