تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سوف أحيا



المراسل الإخباري
10-11-2022, 05:51
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
إن عمرنا القصير كبشر لا يبرر لنا أن نلتحف سواد التشاؤم، فليكن لنا في عمر الزهرة القصير جداً درساً نتقن من بعده أن نحيا كل يوم من أعمارنا حتى منتهاه ببهجة نلونها ببياض التفاؤل..
من يتابع الأخبار العالمية ويرى ويسمع كل الأخطاء التي يرتكبها الناس في كل مكان سواء من بعض الساسة أو من الإنسان العادي فهم جميعاً يرتكبون جناياتهم ضد أنفسهم وضد الأرض والسماء والحياة بشكل عام ويسهم كل واحد منهم في انتكاسات سياسية وأخلاقية لا يستهان بها ثم يأتي من يسمعنا ذلك التشاؤم الذي يبثه كثير من الناس في تحليلاتهم للأحداث العالمية ما حدث ويحدث وما قد يحدث مستقبلاً ثم يخبرونك وكأنهم يعلمون الغيب أن العالم سينتهي وأن الحرب العالمية قريبة وأن المجاعات ستحل وما إلى ذلك من أساليب النكد واستخدام اللون الأسود ووضع إشارة (إكس) على كل شيء!
وبغض النظر عن مستوى الإيمان في داخل كل منا إلا أن تلك الأقوال المزعجة لا بد أن تترك شيئاً من سوادها أثناء مرورها على أفئدتنا، ولكن المتفائل منا سرعان ما يبادر إلى إزاحتها ليتنعم بلحظته ويجدد نعمة التسليم لله فله الأمر من قبل ومن بعد ولا شك أن كثيرا منا يريد هذه اللحظة التي ينتعش فيها التفاؤل في روحه ويصرف عن قلبه وعقله هم ذلك السواد الذي يريد بعضهم أن يفرضوه.
إن هذه المراوحة بين التفاؤل والتشاؤم كانت وما زالت منذ أن خلق الله الخلق وقد عبر كثير من الناس على اختلاف مشاربهم وقدراتهم عنها فصاحب العلم والثقافة الدينية يخبرك بكل ما ورد في القرآن والسنة لتطرد الظلام وتستبدله بالنور وصاحب العلم والثقافة الأدبية يجمع لك ما قاله الشعراء والرواة في تلك المعاني وإذا كان الشاعر أحدهم فما يقول يحظى دائماً بالانتشار بين الناس وليس أدل على ذلك من تشاؤم المعري وبعض قصائد إيليا أبو ماضي وأمامهما يكاد التفاؤل أن يتوارى فلا يكون له ذلك النصيب من الانتشار والتبني.
وها هي ذي قصيدة الشاعر المصري مرسي جميل عزيز (سوف أحيا) شبه متوارية إلا عن بعض المهتمين بالشعر أو الغناء الفصيح فهذه القصيدة غنتها فيروز عام 1955 وهي قصيدة جميلة بدأها مرسي بسؤال:
لم لا أحيا؟ وظل الورد يحيا في الشفاه
لم لا أحيا؟ وفي قلبي وفي عيني الحياه
ثم يؤكد: سوف أحيا.. سوف أحيا
كم هو استفهام بسيط يستنكر على المرء أن يجعل من حياته جحيماً يشبه الموت حين يستسلم لكل ما ينغص عليه عيشه فهو حي ميت!!
لم لا يحيا طالما وهبت له الحياة؟ لم لا يحيا طالما هو قادر على رؤية الحياة فيما حولة من أحياء أخرى اختار منها الشاعر الزهور الجميلة التي قال عنها في ختام قصيدته:
ليس سراً يا رفيقي أن أيامي قليلة
ليس سراً إنما الأيام بسمات طويلة
إن أردت السر فاسأل عنه أزهار الخميلة
عمرها يوم، وتحيا اليوم حتى منتهاه
إن البيت الأخير فيه من الجمال والإيجاز ما يغني عن كثير فكيف لا نتعلم ونأخذ شيئاً من الدرس الذي تعلمنا إياه الزهور التي نقتنيها أو نراها في أرضها وهي بعمرها القصير تمنحنا الجمال والانتعاش في كل لحظه ننظر فيها إليها؟ كيف لا نتعلم وهي تعطينا ما لا نستطيع أن نعبر عنه بالكلمات حين نقدمها لبعضنا بعضا؟
إن عمرنا القصير كبشر لا يبرر لنا أن نلتحف سواد التشاؤم، فليكن لنا في عمر الزهرة القصير جداً درساً نتقن من بعده أن نحيا كل يوم من أعمارنا حتى منتهاه ببهجة نلونها ببياض التفاؤل.




http://www.alriyadh.com/1976584]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]