تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : دَعَوات الحُقوق الغَربية.. جَمالية التَنْظِير تُكذبُها آلام ومَآسي الوَاقِع



المراسل الإخباري
10-12-2022, 04:01
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
إنّ الآلة الإعلامية الغربية، والأطراف المحسُوبة عليها من المرتزقة والعُمَلاء، تُواصل تضليلها للرأي العام بالإِعلاء من شأن أولئك المُنظِرين لحقوق الإنسان بالرغم من الآلام والمآسي والمصائب العظيمة التي تسببوا بها للشعوب والمُجتمعات الآمنة والمُسالمة والمُستقرة..
إنّ الآلة الإعلامية الغربية، والأطراف المحسُوبة عليها من المرتزقة والعُمَلاء، تُواصل تضليلها للرأي العام بالإِعلاء من شأن أولئك المُنظِرين لحقوق الإنسان بالرغم من الآلام والمآسي والمصائب العظيمة التي تسببوا بها للشعوب والمُجتمعات الآمنة والمُسالمة والمُستقرة..
حق تقرير المَصير للشعوب، حق الشعوب في تأسيس دولهم المستقلة، حق الشعوب في إقامة نُظمهم السياسية الوطنية، حق الشعوب في الاستفادة من ثروات وخيرات بلدانهم، حق الشعوب في حماية مصالحهم الوطنية، حق الشعوب في استخدام لُغتهم الخاصة بهم، حق الشعوب في إظهار ثقافتهم والاعتزاز بحضارتهم وتاريخهم، حق الشعوب في حماية ثقافتهم وحضارتهم من التشويه أو الاندثار، حق الشعوب في ممارسة عاداتهم وتقاليدهم ودينهم بالطريقة والأسلوب المُناسب لهم، حق الشعوب في حماية استقلالهم والمُحافظة على سيادتهم الوطنية، حق الشعوب في تنمية مجتمعاتهم وتطوير اقتصاداتهم، حق الشعوب في حماية مبادئهم وقيمهم الأخلاقية والإنسانية، حق الشعوب في المُحافظة على كرامتهم وصِيانة دمائهم من التعدي عليها مهما كانت الأسباب والمسببات؛ جميعها قيم ومبادئ إنسانية سَامية تُؤمن بها الثقافات والحضارات الأصِيلة في نشأتها، والمُعتدلة في طرحها وسلوكها وممارساتها، والبنَّاءة في منهجها وطريقتها وأسلوب عملها. ومع إيمان الحضارات والثقافات الإنسانية الأصيلة بهذه القيم والمبادئ الإنسانية السَّامية وسعيها الدائم للعمل بها وتطبيقها على أرض الواقع، إلا أن الأنظمة السياسية الغربية - على مدى القرنين الماضيين - تجاوزت سُمو الأهداف ونُبل الغايات لهذه القيم والمبادئ الإنسانية العُليا إلى أهداف وغايات أدنى ذات طبيعة سياسية، وإلى قيم ومبادئ أرخص حيث تعلو المصالح على القيم والمبادئ والعادات والتقاليد الأصيلة، لتُصبح بذلك السياسات الخاصة والمصالح الذاتية منهجاً وطريقة فِعلية للتفكير والتخطيط، وسلوكاً وأُسلوباً مُتبعاً للعمل والمُمَارسة، ولتكون القيم والمبادئ غِلافاً يُحسِن صورة تلك السياسات الخاصة، ويُخفي خلفه طُغيان المصالح الذاتية على القيم والمبادئ. نعم، قد نرى هذه القيم والمبادئ السَّامية مُتضمنة في خطابات السياسيين الغربيين، وقد نراها مُتبناة في إعلانات الأحزاب والجماعات السياسية في المجتمعات الغربية، وقد نراها شعارات سياسية في الحملات الانتخابية والبرامج الحزبية، وقد يراها الرأي العام عِبارات منثُورة على مختلف وسائل الإعلام المقروءة والمُشاهدة والمسموعة، إلا أن ذلك كله لا يتجاوز الظَّاهر للباطن، ولا يتعدى الإعلان الشفوي للعمل الفِعلي، حيث المصالح مُقدمة على كل شيء بما فيها القيم والمبادئ الإنسانية السَّامية، ولكن هل يُمكن إثبات هذا القول عن الأنظمة الغربية؟
نعم، إنَّ هذا القول - أو هذا الاستنتاج - يُمكن إثباته عن الأنظمة الغربية بالشواهد والأدلة التاريخية، ويمكن التأكيد عليه بالأحداث السياسية القائمة في وقتنا الحاضر. نعم، ففي النِّصف الثاني من القرن الثامن عشر، تصاعدت داخل المجتمعات الغربية - أوروبا والولايات المتحدة - دعوات الحقوق الإنسانية لأبناء تلك المجتمعات، تِجاه النُّظم السياسية المُهيمنة عليهم، مطالبةً بدايةً بحقها في تقرير مصيرها السياسي وذلك بإقامة دولها المستقلة على أُسس قومية، والدعوة للثورة ضد الاستعمار الإمبراطوري الأوروبي على المناطق الأوروبية الأخرى، ونتيجة لهذه الدعوات والمطالب الحقوقية - حق الشعوب في تقرير مصيرها -، ثارت شُعوب المستعمرات البريطانية في الساحل الشرقي والجنوبي الشرقي للولايات المتحدة الأميركية عام 1775م لتُعلن استقلالها كدولة مستقلة في يوليو 1776م ويصدر دستورها 1789م. وفي فرنسا، ونتيجة لسوء الإدارة السياسية ولاستمرار الأزمات الاقتصادية، حدثت ثورة شعبية شاملة في يوليو 1789م أدت لتغيير النظام السياسي الفرنسي، وساهمت بنشر الفكر القومي، وأصدرت إعلان حقوق الإنسان، ونادت بحق الشعوب في تقرير مصيرها ومستقبلها، لتؤثر بهذه الخطوات السياسية في القارة الأوروبية بشكل عام. وقد تبع هذه الدعوات والمطالب والخطوات الشعبية في الولايات المتحدة وفرنسا، حراك شعبي وسياسي وعسكري كبير جداً في المجتمعات الغربية أدى - على مدى قرنين من الزمان - إلى استقلال ونشوء عدد كبير من دول القارة الأوروبية. نعم، لقد كان النموذجان الأميركي والفرنسي بداية حقيقية لِحراك شعبي مُتصاعد ومستمر في القارة الأوروبية شعاره حق تقرير المصير، وهدفه الرئيس الاستقلال بالثورة ضد الدول والإمبراطوريات الاستعمارية، وغايتها النهائية إقامة نُظم ودول مستقلة، وأداتها الرئيسة لحشد الرأي العام وتحريك الشعوب هو حقوق الإنسان.
نعم، لقد كان لمصطلح "حقوق الإنسان" أثر إيجابي عظيم جداً في تحشيد الرأي العام في القارة الأوروبية للتحرر من هيمنة واستعمار الدول والقوى والإمبراطوريات في القارة الأوروبية، كما كان لهذا المُصطلح أثر إيجابي عظيم جداً في استقلال وتأسيس دول عديدة في القارة الأوروبية على أُسس قومية وعرقية، إلا أن هذه الآثار الإيجابية لهذا المُصطلح - الذي قاد حركة التحرر والثورة ضد المُستعمر - لم تتجاوز آثاره حدود تلك الدول وسواحل القارة الأوروبية، ولم تتعد قيمه ومبادئه وشعاراته حدود اللُغة التي نَطقت بها قيادات تلك الشعوب الغربية. نعم، لقد ثارت شعوب أوروبا بدعوى حق تقرير المصير، وأسست نُظمها وأقامت دولها وأصدرت دساتيرها تحت شِعارات الحرية والعدالة والمُساواة وحقوق الإنسان، إلا أنها عندما قويت وتمكنت مارست أشد أنواع الظُلم والاستبداد تجاه الشعوب والمجتمعات الأخرى، وخاصة خارج القارة الأوروبية، في تناقض صارخ مع ما تضمنه مُصطلح "حقوق الإنسان" من قيم ومبادئ وشعارات. ففي الوقت الذي رفعت فيه الولايات المتحدة وفرنسا - وغيرهما من قوى أوروبية وغربية - شِعار "حقوق الإنسان"، أقدمت هذه القوى الأوروبية على أعظم وأبشع وأسوأ حركة استعمارية عرفها التاريخ الإنساني حيث مارست خلالها وعبرها في معظم أقاليم ومناطق العالم وخاصة في أفريقيا وآسيا أشد أنواع الظُلم والاستبداد والاستعباد للشُعوب الأخرى، ونهبت وسرقت وسلبت ثروات وخيرات سكان تلك المناطق، ودمرت وخربت وأهلكت أُسس الحياة الاقتصادية والتنموية والإنسانية في تلك الأقاليم، ونشرت الفقر والجوع والفاقة في تلك المجتمعات، وتسببت بانتشار الجهل والأمية والأوبئة والمجاعات في تلك المناطق، وتسببت بغياب الأمن وزعزعة سلم واستقرار تلك المجتمعات التي احتلتها، وزرعت بذور التطرف والإرهاب والتنظيمات الخارجة عن القانون في الأقاليم التي احتلتها، وقتلت بأسلحتها عشرات الملايين من أبناء الأقاليم المُحتلة، وتسببت بعملياتها العسكرية بتهجير وتشتيت عشرات الملايين من شعوب المناطق والمجتمعات المُحتلة. نعم، إنها الحقيقة البيِّنة والظَّاهرة والمُعلنة التي تتناقض تماماً مع مصطلح "حقوق الإنسان" الذي ترفعه الأنظمة الغربية في خطاباتها السياسية أمام شُعوب العالم، وهذه الحقيقة التاريخية الثابتة التي تتناقض وتتصادم تماماً مع قيم ومبادئ وشعارات "حقوق الإنسان"، تُؤكدها بِجلاء ووضوح سياسات ومُمَارسات وسُلوكيات الأنظمة السياسية الغربية في وقتنا الحاضر تجاه الشعوب والدول والحضارات والثقافات الأخرى.
وفي الختام من الأهمية القول إنَّ التاريخ والواقع القائم يُؤكد أنَّ دُعاة حقوق الإنسان، والمُنظِرين لها، والرافعين لِشعاراتها، والمُنشئين والداعمين والراعين لِمُنظماتها وهيئاتها، والمُطالبين بتطبيق قيمها ومبادئها، والمُسوقين لدعاتها والمنظرين لها، يُعتبرون حقيقةً من أشد الأعداء لقيم ومبادئ حقوق الإنسان السَّامية في أهدافها والنبيلة في غاياتها لأنهم - وبكل جرأة غير أخلاقية - وظَّفوها لِخدمة مصالحهم الاستعمارية، ولِتغطية جرائمهم ضِد الإنسانية، ولِتبرير هيمنتهم السياسية والاقتصادية العسكرية والأمنية على المجتمعات والأمم والحضارات الأخرى. ومع اتضاح وثبوت هذه الحقائق التاريخية والحاضرة التي تشهد بالتناقض بين الدعوة والتنظير لحقوق الإنسان مع التطبيق والمُمارسة الفعلية، إلا أن الآلة الإعلامية الغربية، والأطراف المحسُوبة عليها من المرتزقة والعُمَلاء، تُواصل تضليلها للرأي العام بالإِعلاء من شأن أولئك المُنظِرين لحقوق الإنسان بالرغم من الآلام والمآسي والمصائب العظيمة التي تسببوا بها للشعوب والمُجتمعات الآمنة والمُسالمة والمُستقرة. إن المجتمعات الدولية في وقتنا الحاضر أمام تحديات مُتصاعدة عِمادها المصالح، وأداتها حقوق الإنسان، في تِكرار مُباشر لما دونته سِجلات التاريخ من أحداث وعمليات، إلا أن أسلوب الإخراج والتسويق يختلف بما يتماشى مع تطور وسائل الاتصالات، وبما يتناسب مع التقدم التقني والتكنولوجي.




http://www.alriyadh.com/1976824]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]