المراسل الإخباري
10-13-2022, 05:17
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
مما يُخَفِّف به تارك الجادة أعباءَ الشعور بالتِّيه على نفسه التعلُّلُ بالتقليل من شأن مخالفه، وذلك إما بإضفاء أوصاف القصور المعرفي عليه كاتهامه بالجهل وخفة العقل كما فعل المنافقون بالمسلمين..
المشي على جادَّة السداد صعب، والسبق فيها أصعب، وكثير من الموفَّقين قصارى أحدهم أن يُسدِّدَ في سلوكها ويقارب، وقد يكبو فيها جواد السائر الحسنِ النية فيعترف بالتقصير، ويجتهد في النهوض من كبْوته، وهو بكل أحواله دائر بين الإصابة وتحرِّيها والجهد في البحث عنها، والتأسف على الفائت منها، ولا يَثْنيه التعثر في أثناء ذلك عن الدأب والتشمير كلما وجد فرصة، وهذا بعكس صنيع من اجتنب طريق السداد بقلبه وعمله، وأعرض عنه على وجه الرفض والاستبدال، فالمعهود من مثله أنه لا يجرؤ على أن يفصح عن مجانبته للصواب، بل يحاول أن يلبس الحق بالباطل، ويظهر ما عليه من تخبُّط على أنه الرشد المرغوب فيه، ولو تقاطع سبيل وجهته التي اختطَّها لنفسه مع الطريق المثلى فعرض له سلوك أجزاء من المثلى صدفةً لم يغتبط بذلك، ولم يعدَّ نفسه من أهلها، بل يبقى معتدّاً بمنهجه المعوجِّ، ولي مع استثقال سلوك الجادة المستقيمة وقفات:
الأولى: الانحراف عن الطريق المستقيم سببه بعد تقدير الله تعالى استثقال النفس للانضباط والاقتصاد اللذين لا بد منهما، وجنوحُها إلى إحدى جهتي التطرف (التفريط والإفراط)، وأخطرهما أثراً الجنوح إلى الإفراط؛ لأن الجنوحَ للتفريط والإخلال بالعمل الصالح أهون من أن يُوضِعَ الإنسان في سبيل الضلال، والمخِلُّ بالعمل قد يكون متكاسلاً ضعيف الهمة، لم يُزاحم أهل الخير في خيرهم، ولم يتشرَّب شيئاً من المذاهب المردِيَة، وهو حريٌّ بأن تؤنبّه نفسُه يوما فيرفض الدعةَ والكسل ويلحق بركب العاملين المصلحين لدينهم ومعاشهم، وهذا مغاير لحال أهل الغلو والإفراط؛ فإن الإفراط حامل للإنسان على أن يستفرغ جهده في الإساءة والمفسدة، وهو يتظاهر بأنه محسن مصلح أو يحسب نفسه كذلك، وهذا الذي ذم الله به المنافقين فقال تعالى: (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُون)، وجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - علامة واضحة لأهل الأهواء والفرقة فقال عليه السلام: «يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ، حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ»، والحديث متفق عليه.
الثانية: مما يُخَفِّف به تارك الجادة أعباءَ الشعور بالتِّيه على نفسه التعلُّلُ بالتقليل من شأن مخالفه، وذلك إما بإضفاء أوصاف القصور المعرفي عليه كاتهامه بالجهل وخفة العقل كما فعل المنافقون بالمسلمين: (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكن لا يَعْلَمُونَ)، وإما بالتمسك بأوصاف لا علاقة لها بنقطة النزاع ولا يقتضي وجودها نفيَ ما قاله الصادق المحِق، ولا إثبات ما يحاول المبطل إثباته كقول مكذبي الرسل لهم: (إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا)، فالبشرية لا تنافي النبوة والرسالة ولا تقتضي انتفاءهما، وكالتمسك بمظاهرَ تتعلق بمعاش الناس وتباين طبقاتهم وإمكاناتهم مما لا أثر له في استقامةٍ ولا اعوجاج، كالطعن في أتباع الرسل بأنهم من ضعفاء الناس، والضعفُ لا يدفع الاستقامة، فهي نورٌ يقذفه الله في قلب من شاء من عباده، فقد منَّ على من شاء بالهدى والجاه والمال، وهدى من شاء من المُقْتِرين ومنع من شاء ما شاء، فلولا الهوى واستثقال الصواب لم يلجأ أحدٌ إلى التعلق بهذه الأساليب العقيمة، وما زال أهل الأهواء يتشبثون بنظائرها.
الثالثة: من أهم الجادَّات التي يستثقلها من لا ينقاد للحق التزام الجماعة، ولما كان للجماعة مصالحها الدينية والدنيوية التي لا تخفى لم يستطع مستثقلها المتنكِّر لها أن يتظاهر بذلك إلا تحت غطاء يصطنعه لذلك، ويزعم أنه مقتضى قواعد الدين والمصلحة؛ ليخفف على نفسه ثقلَ استشعار أنه يعبث بدين الناس ومصالحهم، ويحتال على ضميره حتى يُشْرِبه الشبهةَ فيطمئنّ بها ولا يلومه عليها؛ ولكي يتخذَ سبباً لتخدير ضمائر أتباعه، فلا يعرفون معروفاً ولا يُنكرون منكراً، والمفارق للجماعة الشاذ آخذٌ بنصيبه الوافر من عادة تاركي الجادة المتمثلة في اتهام أهل الصراط المستقيم، وتفصيل أثواب الذم لهم على مزاجه، فلهم تُهَمُهُم الجاهزة لكل طبقةٍ ممن سار على الدرب الصحيح، يرمون كل فئةٍ بنوعٍ من الزور والبهتان، لكن لم ينفعهم ذلك، ولم يحُلْ دون ارتداد كيدهم في نحورهم، وقد جرت السنة الكونية بأن مَكيدةَ شقِّ عصا الطاعة والعبث بمصلحة الأمة لم يُدَبِّرها أحدٌ في الإسلام إلا كان من أهل العلم وأهل البصيرة والحكمة من يخالفه فيها، ويُمثِّلُ جانبَ الحق، وأن نارها التي ينفخ فيها أهل النزَقِ من قصار الأنظار لا تَعْدَم من يُطفئها ولا يدوم لهبها.
http://www.alriyadh.com/1976983]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
مما يُخَفِّف به تارك الجادة أعباءَ الشعور بالتِّيه على نفسه التعلُّلُ بالتقليل من شأن مخالفه، وذلك إما بإضفاء أوصاف القصور المعرفي عليه كاتهامه بالجهل وخفة العقل كما فعل المنافقون بالمسلمين..
المشي على جادَّة السداد صعب، والسبق فيها أصعب، وكثير من الموفَّقين قصارى أحدهم أن يُسدِّدَ في سلوكها ويقارب، وقد يكبو فيها جواد السائر الحسنِ النية فيعترف بالتقصير، ويجتهد في النهوض من كبْوته، وهو بكل أحواله دائر بين الإصابة وتحرِّيها والجهد في البحث عنها، والتأسف على الفائت منها، ولا يَثْنيه التعثر في أثناء ذلك عن الدأب والتشمير كلما وجد فرصة، وهذا بعكس صنيع من اجتنب طريق السداد بقلبه وعمله، وأعرض عنه على وجه الرفض والاستبدال، فالمعهود من مثله أنه لا يجرؤ على أن يفصح عن مجانبته للصواب، بل يحاول أن يلبس الحق بالباطل، ويظهر ما عليه من تخبُّط على أنه الرشد المرغوب فيه، ولو تقاطع سبيل وجهته التي اختطَّها لنفسه مع الطريق المثلى فعرض له سلوك أجزاء من المثلى صدفةً لم يغتبط بذلك، ولم يعدَّ نفسه من أهلها، بل يبقى معتدّاً بمنهجه المعوجِّ، ولي مع استثقال سلوك الجادة المستقيمة وقفات:
الأولى: الانحراف عن الطريق المستقيم سببه بعد تقدير الله تعالى استثقال النفس للانضباط والاقتصاد اللذين لا بد منهما، وجنوحُها إلى إحدى جهتي التطرف (التفريط والإفراط)، وأخطرهما أثراً الجنوح إلى الإفراط؛ لأن الجنوحَ للتفريط والإخلال بالعمل الصالح أهون من أن يُوضِعَ الإنسان في سبيل الضلال، والمخِلُّ بالعمل قد يكون متكاسلاً ضعيف الهمة، لم يُزاحم أهل الخير في خيرهم، ولم يتشرَّب شيئاً من المذاهب المردِيَة، وهو حريٌّ بأن تؤنبّه نفسُه يوما فيرفض الدعةَ والكسل ويلحق بركب العاملين المصلحين لدينهم ومعاشهم، وهذا مغاير لحال أهل الغلو والإفراط؛ فإن الإفراط حامل للإنسان على أن يستفرغ جهده في الإساءة والمفسدة، وهو يتظاهر بأنه محسن مصلح أو يحسب نفسه كذلك، وهذا الذي ذم الله به المنافقين فقال تعالى: (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُون)، وجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - علامة واضحة لأهل الأهواء والفرقة فقال عليه السلام: «يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ، حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ»، والحديث متفق عليه.
الثانية: مما يُخَفِّف به تارك الجادة أعباءَ الشعور بالتِّيه على نفسه التعلُّلُ بالتقليل من شأن مخالفه، وذلك إما بإضفاء أوصاف القصور المعرفي عليه كاتهامه بالجهل وخفة العقل كما فعل المنافقون بالمسلمين: (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكن لا يَعْلَمُونَ)، وإما بالتمسك بأوصاف لا علاقة لها بنقطة النزاع ولا يقتضي وجودها نفيَ ما قاله الصادق المحِق، ولا إثبات ما يحاول المبطل إثباته كقول مكذبي الرسل لهم: (إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا)، فالبشرية لا تنافي النبوة والرسالة ولا تقتضي انتفاءهما، وكالتمسك بمظاهرَ تتعلق بمعاش الناس وتباين طبقاتهم وإمكاناتهم مما لا أثر له في استقامةٍ ولا اعوجاج، كالطعن في أتباع الرسل بأنهم من ضعفاء الناس، والضعفُ لا يدفع الاستقامة، فهي نورٌ يقذفه الله في قلب من شاء من عباده، فقد منَّ على من شاء بالهدى والجاه والمال، وهدى من شاء من المُقْتِرين ومنع من شاء ما شاء، فلولا الهوى واستثقال الصواب لم يلجأ أحدٌ إلى التعلق بهذه الأساليب العقيمة، وما زال أهل الأهواء يتشبثون بنظائرها.
الثالثة: من أهم الجادَّات التي يستثقلها من لا ينقاد للحق التزام الجماعة، ولما كان للجماعة مصالحها الدينية والدنيوية التي لا تخفى لم يستطع مستثقلها المتنكِّر لها أن يتظاهر بذلك إلا تحت غطاء يصطنعه لذلك، ويزعم أنه مقتضى قواعد الدين والمصلحة؛ ليخفف على نفسه ثقلَ استشعار أنه يعبث بدين الناس ومصالحهم، ويحتال على ضميره حتى يُشْرِبه الشبهةَ فيطمئنّ بها ولا يلومه عليها؛ ولكي يتخذَ سبباً لتخدير ضمائر أتباعه، فلا يعرفون معروفاً ولا يُنكرون منكراً، والمفارق للجماعة الشاذ آخذٌ بنصيبه الوافر من عادة تاركي الجادة المتمثلة في اتهام أهل الصراط المستقيم، وتفصيل أثواب الذم لهم على مزاجه، فلهم تُهَمُهُم الجاهزة لكل طبقةٍ ممن سار على الدرب الصحيح، يرمون كل فئةٍ بنوعٍ من الزور والبهتان، لكن لم ينفعهم ذلك، ولم يحُلْ دون ارتداد كيدهم في نحورهم، وقد جرت السنة الكونية بأن مَكيدةَ شقِّ عصا الطاعة والعبث بمصلحة الأمة لم يُدَبِّرها أحدٌ في الإسلام إلا كان من أهل العلم وأهل البصيرة والحكمة من يخالفه فيها، ويُمثِّلُ جانبَ الحق، وأن نارها التي ينفخ فيها أهل النزَقِ من قصار الأنظار لا تَعْدَم من يُطفئها ولا يدوم لهبها.
http://www.alriyadh.com/1976983]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]