تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إعادة تعريف أميركا في الشرق الأوسط.. المصطلحات المليئة بالتناقضات



المراسل الإخباري
10-24-2022, 04:17
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
دائما ما تنشأ تناقضات واسعة في معنى المصالح المشتركة وحدودها، وتكون القاعدة الدائمة الظهور بين أميركا والشرق الأوسط أنه يجب عدم الإفصاح عن تعارض المصالح إذا حدثت بين الطرفين، وكانت هذه الطريقة قادرة على معالجة الكثير من القضايا في مراحل معينة، ولكن بعد أحداث سبتمبر الشهيرة تضاعفت الطريقة الأميركية ذات الاتجاه الواحد في تعريف علاقتها بالشرق الأوسط..
سياسات أميركا في الشرق الأوسط أصبحت بحاجة ماسة إلى إعادة تعريف ليس من أجل المنطقة وشعوبها فقط بل من أجل العالم كله والداخل الأميركي أيضا الذي أصبح عرضة لأكبر عمليات الاستقطاب الحزبي، فالحالة العالمية الرخوة في المجال السياسي التي خلفتها حرب أوكرانيا، أتت بسرعة على كثير من محاصيل السياسة الأميركية في مناطق كثيرة من العالم ومنها الشرق الأوسط تلك الجغرافيا الحافلة بتاريخ طويل من العلاقات مع الغرب، ولكن هذا لا يخفي أن التجربة السياسية التي تعلمتها هذه المنطقة هي القابلية للتغيير والتحول بشكل سريع.
أميركا والشرق الأوسط حالة تاريخية وسياسية باذخة في التأثير السياسي وخاصة من الطرف الأميركي الذي استطاع أن يكون جزءا أساسيا في مصطلحات تعريف الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية بشكل دقيق، ولم تستطع أي قوة في العالم المحافظة على نمط سمعتها وتواجدها في المنطقة كما فعلت أميركا لعقود طويلة من الزمن، ولكن السؤال: هل ما زال تعريف أميركا في المنطقة يحمل ذات المصطلحات، أم أنه أصبح مليئا بالتناقضات المقلقة التي يمكنها أن تساهم في تشققات مرئية في القشرة السياسية للعلاقات الأميركية في الشرق الأوسط؟
صحيح أن أميركا لم تكن يوما المصدر الوحيد والمطلق الذي يعتمد عليه في تحقيق الاستقرار في المنطقة الشرق أوسطية، ولكنها كانت دائما قادرة على أن تدير المنطقة رغم الحرائق السياسية المتفرقة التي كانت مشتعلة سواء بالعمد أو بالتكتيك، ومع ذلك قبلت المنطقة بحسب إمكاناتها الوجود الأميركي وتفاعلت معه وبنت من خلاله مسلكا تاريخيا عميقا أصبح فعلياً جدارا سميكا من العلاقات الراسخة بين واشنطن والمنطقة التي تغيرت حساباتها بشكل مقلق بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001م، لقد كانت تلك الأحداث المرحلة المفصلية التي خلقت فكرة إعادة تعريف أميركا في الشرق الأوسط، حيث بدأت المصطلحات شديدة التناقض عند أي محاولة لتعريف الوجود الأميركي في المنطقة.
دول الشرق الأوسط تدرك أن أميركا تفهم مصالحها الاقتصادية والسياسية والجيوسياسية الخاصة بالشرق الأوسط، ولكن دول المنطقة تعلم أيضا أن أميركا تتجاهل كثيراً الطريقة التي تربط فيها بين مصالحها ومصالح الدول، ولذلك دائما ما تنشأ تناقضات واسعة في معنى المصالح المشتركة وحدودها، وتكون القاعدة الدائمة الظهور بين أميركا والشرق الأوسط أنه يجب عدم الإفصاح عن تعارض المصالح إذا حدثت بين الطرفين، وكانت هذه الطريقة قادرة على معالجة الكثير من القضايا في مراحل معينة، ولكن بعد أحداث سبتمبر الشهيرة تضاعفت الطريقة الأميركية ذات الاتجاه الواحد في تعريف علاقتها بالشرق الأوسط، وهنا تراكمت الأخطاء منذ غزو العراق وحتى فترة الثورات العربية وأخيرا انعكاسات الحرب الأوكرانية.
الأسئلة الأكثر أهمية حول العلاقات التاريخية بين المنطقة وأميركا التي يمكن إثارتها اليوم؛ لماذا ترغب أميركا اليوم بحذف تاريخ طويل من الدروس والتجارب السياسية السلبية والإيجابية التي تعلمتها منطقة الشرق الأوسط خلال أكثر من سبعة عقود أعقبت الحرب العالمية الثانية؟ المنطقة اليوم تتطلب من أميركا أن تعي حجم التحول الذي تحقق بين دول المنطقة وخاصة الدول الخليجية الأغني في المنطقة والمرشحة بقوة لقيادة المنطقة نحو التنمية.
المنطقة الشرق أوسطية تدرك أنه يصعب عليها اليوم قبول أن أميركا لا تزال ترغب في أن تستخدم ذات المعادلة في حساباتها السياسية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية، الوقت اليوم يدفع بأن تكون السياسة الأميركية ليست مسألة شخصية بين الحزب الحاكم والشعب فالنظام الأميركي مهما كان لا يسمح بظهور (نابليون جديد) فمهما كانت شخصية الرئيس فهو لن يتجاوز أن يذهب أبعد من كونه أوباما أو كلينتون أو جيمي كارتر.
السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط اليوم تواجه النموذج المتطور لمرحلة جديدة من عقد سياسي هدفه تمكين المنطقة من بناء تصوراتها الذاتية حول مستقبلها بمشاركة الحلفاء التقليديين والجدد على حد سواء بما يخدم المصالح العالمية، أهمية أميركا التاريخية للمنطقة ليس عقدا مقدسا في كثير من الأحول فالانشقاقات الدولية تتضاعف حول ملامح النظام العالمي القادمة واختباراته التي تضع أمام منطقة الشرق الأوسط سؤالا مهما يقول: كيف يمكن إعادة تعريف أميركا في الشرق الأوسط، وتصحيح المصطلحات؟ العلاقات التاريخية بين المنطقة وأميركا وخاصة في الخليج هي في النهاية رمز فعلي للتغلب على الصعوبات ومسار لتسهيل التعاون، أكثر من كونها مسارا لفرض المتطلبات لأن ذلك هو ما يدفع في الغالب إلى تحريك التاريخ في الاتجاه المعاكس.




http://www.alriyadh.com/1978859]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]