المراسل الإخباري
11-11-2022, 03:30
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png في عام 1995م، اقتحم ماك آرثر أحد البنوك، وراح يهدد بمسدسه ويطالب مسؤولي البنك بتسليمه المبالغ الموجودة في الخزائن نقدا. الغريب في أمر هذا اللص أنه كان ينظر إلى كاميرات المراقبة بكل هدوء وبرود وثقة دون أن يضع أي غطاء أو قناع على وجهه. وما هي إلا ساعات قليلة وتمكنت الشرطة من التعرف على هويته والقبض عليه بسرعة. وأثناء الاستجواب سأله المحققون لماذا لم يغط وجهه ولماذا كان ينظر بتلك الثقة إلى الكاميرات؟ وصعق المحققون عندما عرفوا أن اللص كان يعتقد أن وجهه غير مرئي لأنه طلاه بواسطة "عصير الليمون"! وعصير الليمون كثيراً ما كان يستخدم في الروايات والأفلام كحبر سري في الرسائل الورقية. بطبيعة الحال تم تحويل ذلك اللص إلى مصحة نفسية للتأكد من قواه العقلية. لكن القصة الحقيقية بدأت بعد ذلك...
استرعت هذه الحادثة انتباه اثنين من الباحثين في مجال علم النفس وهما ديفيد دونينغ وجوستن كروجر واللذين درسا الحالة وأجريا اختباراً على مجموعة من الطلبة الجامعيين أصحاب مستويات متباينة في التحصيل الدراسي. وبعد الاختبار سأل الباحثان الطلبة كيف كان أداؤهم. وكانت النتائج الصادمة أن الطلبة أصحاب الأداء الأكاديمي المنخفض كانوا واثقين تماماً من أن إجاباتهم كانت صحيحة وعلاماتهم مرتفعة. وبالمقابل فالطلبة المتفوقون كانوا غير واثقين من أنفسهم ولا يستطيعون الجزم بأن نتائجهم كانت ممتازة. تمت تسمية هذه الظاهرة علميا باسم "تأثير دانينغ وكروجر".
تتحدث هذه الظاهرة عما يطلق عليه "تحيز التفوق الوهمي" والذي يتمثل في وهم داخلي خاطئ لدى أصحاب القدرات المنخفضة حيث لا يستطيعون فهم نقاط ضعفهم بشكل سليم مما يولد لديهم ثقة زائفة. ولعل أدق وصف لهذه الحالة كلمات داروين: "الجهل في كثير من الأحيان يولد الثقة أكثر مما تفعل المعرفة". في الجهة المقابلة، فأصحاب القدرات العالية لديهم مشكلة في تقدير قدرات الآخرين حيث ينظرون إلى الجميع أن قدراتهم عالية في الوقت الذي يستنقصون فيه من قدراتهم الشخصية. الجدير بالذكر، أن دراسة دانينغ وكروجر أوضحت أن الطلبة أصحاب العلامات المنخفضة تحسنت قدرتهم على تقييم قدراتهم بشكل أفضل بعد أخذ دروس تقوية في المواد والمواضيع التي كانوا لا يفهمونها. وبالمقابل فالطلبة المتفوقون أصبحوا أكثر قدرة على تقييم أنفسهم مقارنة بغيرهم بعدما عرفوا أن المهام السهلة عليهم ليست بالضرورة سهلة على الجميع.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا، كم من المديرين تحت تأثير عصير الليمون أو بتعبير علمي أدق تحت تأثير دانينغ وكروجر؟ المشكلة الحقيقية تكمن عندما لا يعلم المدير من هذه النوعية أنه لا يعلم، ولا يرغب في أن يتعلم وفوق ذلك إذا حارب وتجاهل من يعلم ما يتسبب بخسائر كارثية على المنظمات. ولعل أفضل الطرق للتعامل مع المديرين تحت تأثير دانينغ وكروجر هي الوعي الذاتي بأهمية التعلم وتطوير القدرات والاستماع لآراء الخبراء وأهل المعرفة، وفي نفس الوقت بناء ثقافة تقوم على الصدق والشفافية فالنصح والنقد البناء.
وأختم بكلمات الفيلسوف البريطاني برتراند راسل: "المشكلة مع العالم هي أن الأغبياء واثقون من أنفسهم والأذكياء ممتلئون بالشك".
http://www.alriyadh.com/1981985]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
استرعت هذه الحادثة انتباه اثنين من الباحثين في مجال علم النفس وهما ديفيد دونينغ وجوستن كروجر واللذين درسا الحالة وأجريا اختباراً على مجموعة من الطلبة الجامعيين أصحاب مستويات متباينة في التحصيل الدراسي. وبعد الاختبار سأل الباحثان الطلبة كيف كان أداؤهم. وكانت النتائج الصادمة أن الطلبة أصحاب الأداء الأكاديمي المنخفض كانوا واثقين تماماً من أن إجاباتهم كانت صحيحة وعلاماتهم مرتفعة. وبالمقابل فالطلبة المتفوقون كانوا غير واثقين من أنفسهم ولا يستطيعون الجزم بأن نتائجهم كانت ممتازة. تمت تسمية هذه الظاهرة علميا باسم "تأثير دانينغ وكروجر".
تتحدث هذه الظاهرة عما يطلق عليه "تحيز التفوق الوهمي" والذي يتمثل في وهم داخلي خاطئ لدى أصحاب القدرات المنخفضة حيث لا يستطيعون فهم نقاط ضعفهم بشكل سليم مما يولد لديهم ثقة زائفة. ولعل أدق وصف لهذه الحالة كلمات داروين: "الجهل في كثير من الأحيان يولد الثقة أكثر مما تفعل المعرفة". في الجهة المقابلة، فأصحاب القدرات العالية لديهم مشكلة في تقدير قدرات الآخرين حيث ينظرون إلى الجميع أن قدراتهم عالية في الوقت الذي يستنقصون فيه من قدراتهم الشخصية. الجدير بالذكر، أن دراسة دانينغ وكروجر أوضحت أن الطلبة أصحاب العلامات المنخفضة تحسنت قدرتهم على تقييم قدراتهم بشكل أفضل بعد أخذ دروس تقوية في المواد والمواضيع التي كانوا لا يفهمونها. وبالمقابل فالطلبة المتفوقون أصبحوا أكثر قدرة على تقييم أنفسهم مقارنة بغيرهم بعدما عرفوا أن المهام السهلة عليهم ليست بالضرورة سهلة على الجميع.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا، كم من المديرين تحت تأثير عصير الليمون أو بتعبير علمي أدق تحت تأثير دانينغ وكروجر؟ المشكلة الحقيقية تكمن عندما لا يعلم المدير من هذه النوعية أنه لا يعلم، ولا يرغب في أن يتعلم وفوق ذلك إذا حارب وتجاهل من يعلم ما يتسبب بخسائر كارثية على المنظمات. ولعل أفضل الطرق للتعامل مع المديرين تحت تأثير دانينغ وكروجر هي الوعي الذاتي بأهمية التعلم وتطوير القدرات والاستماع لآراء الخبراء وأهل المعرفة، وفي نفس الوقت بناء ثقافة تقوم على الصدق والشفافية فالنصح والنقد البناء.
وأختم بكلمات الفيلسوف البريطاني برتراند راسل: "المشكلة مع العالم هي أن الأغبياء واثقون من أنفسهم والأذكياء ممتلئون بالشك".
http://www.alriyadh.com/1981985]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]