تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بنية الثورات العلمية



المراسل الإخباري
11-13-2022, 04:51
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png أصدر توماس كون كتابه الشهير بنية الثورات العلمية في العام 1964م، وقدم منظوراً جديداً للنظريات العلمية. كان المنظور الرومانسي يرى المعرفة العلمية خالصة خالية من الشوائب تقف على أرض صلبة وتتحرك في خط بياني واضح، تتراكم فيه المعرفة عبر الزمن كما لو كانت الأجيال تبني حائطاً متيناً من البنيان المرصوص. جاء توماس كون ليزعزع هذا المفهوم ليقول: إن العلم لا يسير بهذا النظام الصارم إنما هو أكثر هشاشة وتواضعاً.
كانت نتائج (كون) في فهم بنية الثورات العلمية نتيجة لدراسة تاريخ العلوم. فقد تبينت جوانب اجتماعية وسياسية ليس لها علاقة مباشرة بالعلوم إنما لها تأثير مهم في رفضها أو قبولها. فإذا طرحت نظرية جديدة في المجتمع العلمي، فإن الاستجابة لها تعتمد على الأدبيات العلمية المتفق عليها. فإذا كانت الصورة الرومانسية هي أن المجتمع العلمي يسعى إلى النمو والبحث عن الجديد، فإن الصورة الواقعية تقول أمراً آخر.
في خضم البحث عن الجديد في المجتمع العلمي، توجد فئات ارتكنت إلى القديم. ومع ما يعتور المجتمعات العلمية كغيرها من نوازع النفس الإنسانية، فإن هذه النوازع تعمل داخل المجتمع العلمي في صورة معارضة لكل جديد. وقد وصف (كون) النظريات الجديدة بالثورات ليعكس حجم الصدمة التي تحدثها النظريات الجديدة في المجتمع العلمي وما ينتج من معارضة واضطراب في الفهم واختلاف في النوايا واحتراب على المصالح والمكاسب المادية والمعنوية.
تحدث الثورة العلمية إذا حدث تغيير لما اصطلح عليه (كون) بالنماذج الإرشادية في مجال معين. ففي العلوم الطبيعية، تتكون النماذج الإرشادية باعتبارها مرجعيات علمية يتفق عليها بين أفراد المجتمع العلمي. ولأن النماذج الإرشادية لها هذا المستوى من الأهمية فإن الثورة عليها تحدث هزة ينتج منها صراع فكري بين المدافعين عن النموذج القديم والثائرين الذين يحملون معهم النموذج الجديد.
الثورة على النماذج الإرشادية لا تأتي من فراغ، فعندما يصل النموذج المعتمد في مجتمع علمي ما إلى طريق مسدودة، يقع النموذج في أزمة. ينقسم المجتمع أمام هذه الأزمة بين باحث عن حل لها إيماناً بصلاحية النموذج، وبين رافض له باحث عن نموذج جديد. قد تطول الأزمة لسنوات، وقد تتكرر الأزمة مرات كثيرة، لكن وجود نموذج إرشادي مأزوم عند (كون) هو علامة نضج العلم الذي تكون فيه مهما مر بأزمات ومهما استبدل مرات كثيرة بعد ذلك.
في حالة فقدان النموذج الإرشادي من الأساس تصبح الأزمة أعمق، وهو أمر يكثر في العلوم الإنسانية. مصدر الأزمة هو عدم الاتفاق على مبادئ خاصة في مجتمع علمي واحد. وإذا لم يتفق على نموذج واحد فإن الأزمة مستمرة. المشكلة في المجالات الهندسية هو وقوعها في منطقة تلتقي فيها العلوم الطبيعية مع العلوم الإنسانية. هكذا يمكن لنا تفسير تأخر بعض المجالات لعدم اتفاق المتخصصين على المبادئ الأساسية.




http://www.alriyadh.com/1982242]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]