المراسل الإخباري
11-26-2022, 06:26
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png لكل بدايةٍ نهاية، حتى هذا المقال الذي أستهله الآن، يجب عليَّ أن أنهيه مهما طال أو قصر، إن النهاية أمر محتوم في كل شيء، وفي كل أمر، ولو نظرنا في أعمارنا لألفيناها تبدأ بالولادة، وتنتهي بالوفاة، ولو تأملنا جيداً في حيواتنا لوجدناها تبدأ بالحياة الدنيا، وتنتهي بالحياة الأخرى، «والآخرة خير وأبقى»؛ ذلك أنها محطة النهايات الأخيرة، والمآلات الختامية، تلك التي تتحول فيها نهايات الناس إما إلى سعادة، أو شقاء، وإما إلى جنة، أو نار، وعندئذ لا يكون للنهاية سوى طريقين: جميل، وقبيح، أو محمود، ومذموم، وأجمل ما تكون النهايات حين تأتي سعيدة، وأسوأ ما تكون النهايات حين تأتي حزينة.
إن المعول عليه في نهاية كل شيء أن يكون جميلاً؛ ولهذا فالعبرة ليست في النهايات بحد ذاتها، إذ كل شيء سينتهي ويزول، ويضمحل ويتلاشى، وكل شروقٍ سيعقبه غروب، وكل شمسٍ لا بد أن تغيب، وهذه سنة الحياة في تجددها وتحولها، إنما العبرة بكيفية هذه النهاية، ومصير كل غاية، فبعض النهايات السعيدة هي حياة أخرى، وما ألذ أن ينتهي الإنسان إلى نجاح وثواب، وما ألذ أن يقطف المتعلم ثمرة علمه، ويغنم التاجر كسبه وربحه، وينتهي الصانع بنجاح إلى ما صنعه، والباني إلى ما بناه، والزارع إلى ما زرعه، وكل صاحب عملٍ بدأه ثم أنهاه ظافراً، ومن هنا كان لزاماً على كل إنسان فتح شيئاً أن ينهيه بإغلاقه إنهاءً يحمد له، حتى في تفاصيل الحياة الدقيقة، كفتح الأبواب، والأجهزة، والنوافذ، والأواني، ونحوها، وينسحب على ذلك – مجازاً – فتح الحديث وإنهاؤه، وفتح الخطاب وإغلاقه، وكل ما شابه ذلك من ختم صغير وكبير، أو حسي ومعنوي.
وما زلتُ أتذكر كلمةً علمني إياها والدي - حفظه الله - إذ كان يقول عبارةً خاصة به، أرسلها لنا كالمثل السائر في محيط أسرتنا: «من فتح شيئاً فليغلقه»، وكان يضرب وفق هذا المثل الخاص الأمثال، فيقول: «يا بني، كل شيء تفتحه، فعليك أن تغلقه، ولو كان قارورة ماء، أو كتاباً، أو نقاشاً»، ثم يسترسل في ضرب الأمثال وسردها، ولو أردتُ عرضها هنا لطال المقال، وأذكر أن بعضها كان طريفاً وعجيباً، لكنني منذ ذلك اليوم أخذتُ أستصحبها معي، وأحاول تنزيلها على كل إغلاق جميل، أو إنهاءٍ حسن، فوجدتُ أنها لا تخرج عن أمرين: محمود، وغير محمود.
وقد اهتم البلاغيون والنقاد بجمال النهايات، وسماها بعضهم (المقاطع)؛ كما أطلق عليها آخرون الخواتم، ورأوا أن تكون حسنة، جاء في كتاب (العمدة) لابن رشيق القيرواني (456هـ): «قيل لبعض الحذاق بصناعة الشعر: لقد طار اسمك واشتهر، فقال: لأنني أقللت الحز، وطبقت المفصل، وأصبت مقاتل الكلام، وقرطست نكت الأغراض بحسن الفواتح والخواتم»، وروى الجاحظ أن شبيب بن شيبة كان يقول: «الناس موكلون بتفضيل جودة الابتداء وبمدح صاحبه، وأنا موكل بتفضيل جودة المقطع وبمدح صاحبه»، فالمقاطع أواخر الفصول، كما ذكر ذلك ابن رشيق وغيره.
إن النهاية في كل شأن من شؤون الحياة كلما كانت تلخيصاً لما مضى، وإجمالاً لما قد سلف، وإرضاءً لنفس صاحبها، وإمتاعاً لمتذوقها، وإشباعاً جمالياً لكل ما يحيط بها، كانت ختاماً لطيفاً، وانتهاءً حسناً، وإغلاقاً محموداً يبعث على كثير من الجمال، والمتعة، والنهايات السعيدة.
http://www.alriyadh.com/1984415]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
إن المعول عليه في نهاية كل شيء أن يكون جميلاً؛ ولهذا فالعبرة ليست في النهايات بحد ذاتها، إذ كل شيء سينتهي ويزول، ويضمحل ويتلاشى، وكل شروقٍ سيعقبه غروب، وكل شمسٍ لا بد أن تغيب، وهذه سنة الحياة في تجددها وتحولها، إنما العبرة بكيفية هذه النهاية، ومصير كل غاية، فبعض النهايات السعيدة هي حياة أخرى، وما ألذ أن ينتهي الإنسان إلى نجاح وثواب، وما ألذ أن يقطف المتعلم ثمرة علمه، ويغنم التاجر كسبه وربحه، وينتهي الصانع بنجاح إلى ما صنعه، والباني إلى ما بناه، والزارع إلى ما زرعه، وكل صاحب عملٍ بدأه ثم أنهاه ظافراً، ومن هنا كان لزاماً على كل إنسان فتح شيئاً أن ينهيه بإغلاقه إنهاءً يحمد له، حتى في تفاصيل الحياة الدقيقة، كفتح الأبواب، والأجهزة، والنوافذ، والأواني، ونحوها، وينسحب على ذلك – مجازاً – فتح الحديث وإنهاؤه، وفتح الخطاب وإغلاقه، وكل ما شابه ذلك من ختم صغير وكبير، أو حسي ومعنوي.
وما زلتُ أتذكر كلمةً علمني إياها والدي - حفظه الله - إذ كان يقول عبارةً خاصة به، أرسلها لنا كالمثل السائر في محيط أسرتنا: «من فتح شيئاً فليغلقه»، وكان يضرب وفق هذا المثل الخاص الأمثال، فيقول: «يا بني، كل شيء تفتحه، فعليك أن تغلقه، ولو كان قارورة ماء، أو كتاباً، أو نقاشاً»، ثم يسترسل في ضرب الأمثال وسردها، ولو أردتُ عرضها هنا لطال المقال، وأذكر أن بعضها كان طريفاً وعجيباً، لكنني منذ ذلك اليوم أخذتُ أستصحبها معي، وأحاول تنزيلها على كل إغلاق جميل، أو إنهاءٍ حسن، فوجدتُ أنها لا تخرج عن أمرين: محمود، وغير محمود.
وقد اهتم البلاغيون والنقاد بجمال النهايات، وسماها بعضهم (المقاطع)؛ كما أطلق عليها آخرون الخواتم، ورأوا أن تكون حسنة، جاء في كتاب (العمدة) لابن رشيق القيرواني (456هـ): «قيل لبعض الحذاق بصناعة الشعر: لقد طار اسمك واشتهر، فقال: لأنني أقللت الحز، وطبقت المفصل، وأصبت مقاتل الكلام، وقرطست نكت الأغراض بحسن الفواتح والخواتم»، وروى الجاحظ أن شبيب بن شيبة كان يقول: «الناس موكلون بتفضيل جودة الابتداء وبمدح صاحبه، وأنا موكل بتفضيل جودة المقطع وبمدح صاحبه»، فالمقاطع أواخر الفصول، كما ذكر ذلك ابن رشيق وغيره.
إن النهاية في كل شأن من شؤون الحياة كلما كانت تلخيصاً لما مضى، وإجمالاً لما قد سلف، وإرضاءً لنفس صاحبها، وإمتاعاً لمتذوقها، وإشباعاً جمالياً لكل ما يحيط بها، كانت ختاماً لطيفاً، وانتهاءً حسناً، وإغلاقاً محموداً يبعث على كثير من الجمال، والمتعة، والنهايات السعيدة.
http://www.alriyadh.com/1984415]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]