المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النفاق العالمي في أقبح صوره



المراسل الإخباري
11-29-2022, 07:38
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png بداية، من المهم جداً التأكيد على أن الدفاع عن الأقليات والمحرومين ورفع الظلم والانتصار للضعفاء هو أمر في غاية النبل، لكن أن تكون انتقائياً في هذه المهمة السامية وتجيش كل قدراتك كدولة أو مؤسسة إعلامية أو ثقافية أو حتى كفرد، لتناصر فجأة "مجتمعاً" معيناً بشكل متطرف بحجة أنه تعرض لإجحاف في التعامل وظلم تاريخي، وتنسى قضايا عادلة سُحِقت في سبيلها ملايين الأرواح على مدى سنوات طويلة، فإن هذا يضرب مصداقيتك وعدالة القضية التي تناضل في سبيلها.
منافسات كأس العالم التي تقام حالياً أظهرت هذا الانفصام والانتقائية المقيتة ليس فقط في اختيار القضايا التي يتم الدفاع عنها بل وحتى الدول والمناطق التي يتم استهدافها، إثارة ملف حقوق الإنسان واستغلال العمالة مثلا، كانت قضية ساخنة صاحبت البطولة وتبنتها الكثير من وسائل الإعلام العالمية، لكن السؤال أين كانت تلك الصحف والقنوات عن الدول التي استضافت كأس العالم في السابق، ألا تعلم وسائل الإعلام العالمية أن بعض الدول المضيفة في العقد الأخير لديها قائمة طويلة من انتهاكات حقوق الإنسان، بل وحتى استغلال الأطفال كعمالة رخيصة، لا أحد يذكر أن تلك القضايا أثيرت أو حتى فتح النقاش حولها في الدورات السابقة ناهيك عن أن تتحول إلى قضية رأي عام تطغى على موضوع البطولة الرياضية.
لا أؤمن كثيرا بنظرية المؤامرة، لكنني موقن بالانتهازية التي توظفها الكثير من النخب والمؤثرون والمؤسسات في أجنداتها، ولذلك لم يستطع هؤلاء تفويت فرصة المونديال دون أن يتوسلوا عدالة هذه القضايا لتمرير أجندتهم، وبالتالي رأينا النفاق والتناقض في أوضح صوره.
استغلال القضايا العادلة لشيطنة الدول هو وسيلة وضيعة، ولا يُستبعدُ أن ما يحدث من حملات مضادة هو مجرد غطاء لعملية انتقامية لها علاقة بملفات الطاقة وموقف دول الخليج المحايد خلال الحرب القائمة، فالعالم المتأنق المتحضر ليس بالضرورة كما يبدو لنا، ولا حتى تلك الصحف الرنانة المتغطرسة التي تدعي الحياد هي بالفعل تعمل باحترافية. أقرب مثال على ذلك، المادة الصحفية التي نقلتها New York Times عن مجلة Atlantic بعد فوز المملكة على الأرجنتين، والتي تحمل لمزاً وغمزاً وتشير إلى تضارب مصالح النجم الأرجنتيني ميسي مع السعودية بسبب عقوده لترويج السياحة في المملكة، وبالتالي التشكيك في قدرة ميسي على دعم ملف بلاده لاحتضان بطولة كأس العالم 2030.
الأمثلة كثيرة جدا لتفعيل ملفات حقوقية عند الحاجة إليها، وإغفال الكثير مما لا يمكن استغلاله، واستهداف بعض الدول بالنقد المكثف والتغاضي عن دول أخرى، والمملكة باعتبارها قلب الطاقة النابض في العالم عانت الكثير من الإجحاف والاستهداف والشيطنة، في حين أن دولاً كثيرة في أسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا بل وحتى أوروبا الشرقية لديها قائمة لا تنتهي من انتهاكات حقوق الإنسان واستغلال الأطفال كعمالة رخيصة، وضرب الشرطة للناس في الشوارع وأوضاع مزرية في السجون لكن يظل التركيز على بقع معينة في العالم، تلك الأماكن التي تتقاطع فيها المنافع والمصالح الغربية.
وأخيراً من المهم التأكيد على النقطة الواردة في بداية المقال؛ وهي أن حقوق الإنسان ورفع المظالم ونصرة الضعفاء هي قضية نبيلة ومسعى في غاية الأهمية، لكن الانحطاط هو أن تُستغل هذه القضايا بشكل انتقائي ممنهج لخدمة أجندات معينة.




http://www.alriyadh.com/1984878]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]