المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المتلاعبون بأسعار الغذاء



المراسل الإخباري
12-16-2022, 05:04
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png ما هي كواليس الارتفاع القياسي في أسعار السلع الغذائية خلال عام 2022؟ هل هي الظروف المعاكسة التي طالما ذكرها المحللون مثل الحرب الروسية، وتأثير الطقس القاسي على المحاصيل، واختناقات سلاسل التوريد، ونقص العمالة، أم أن هناك وجه آخر للأزمة المستعصية؟.. وفرة المعروض على سبيل المثال ترفض هذا التحليل القاصر، فهناك حصاد وفير في إنتاج الحبوب لدى القطبين الكبيرين، الولايات المتحدة والصين، بينما تتوقع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" وضعاً مريحاً لإمدادات الحبوب، عند 2.7 مليار طن، وهذا يعني ببساطة أن نقص الإمدادات ليس المسؤول وحده عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية، فإلى من تتجه أصابع الاتهام في التلاعب بالأسعار ودفعها إلى قمة الجبل؟.
لمعرفة الإجابة، يجب أن نعود بالذاكرة إلى عام 2008، وهو ذات العام الذي اندلعت فيه شرارة الأزمة المالية العالمية، حينها برز المضاربون للاستفادة من الأزمة الغذائية وقتها، حيث نشطوا في بورصات السلع الأساسية كالقمح والسكر والزيوت، والتي لا يقتصر التداول بها على السلع المادية فقط، ولكن، يمكن رؤية المنتجين والمستهلكين يعملون جنبًا إلى جنب مع البنوك والوسطاء والمستثمرين، يتاجرون في العقود الآجلة للمواد الغذائية بدلاً من المحاصيل الفعلية، ويمارسون الشراء أو البيع على المكشوف، وبما أن معظم العقود تنتهي قبل تاريخ التسليم، فإنه لا يتعين امتلاك أو استلام البضائع حتى يستفيدوا من طفرة الأسعار، بل يتعين عليهم فقط إيداع وديعة في البورصة، يتم من خلالها إضافة المكاسب أو تكبد الخسارة، ولا يفرض علي المضاربين تحديد القيمة الكاملة للمحصول ما لم يستلموا العنصر المادي بنهاية العقد، وهذه أمور تعزز طرق المضاربة بالفعل.
في المقابل، تساعد البورصات السلعية المنتجين والمستهلكين والتجار على إدارة مخاطرهم، وهذه ميزة كبيرة في سوق مضطربة، وعلى سبيل المثال، قد يتخذ المزارع مركزًا قصيرًا، يراهن من خلاله على هبوط سعر القمح عبر عقد ينتهي أو ينضج قريبًا من وقت الحصاد، فإذا انخفضت الأسعار أثناء نمو المحصول، فإن قيمة العقد تكتسب وتعوض خسائر المزارع إذا كانت قيمة المحاصيل الفعلية أقل، حيث يمكن اعتبارها مثل بوليصة التأمين التي تمكن المزارع من التخطيط للمستقبل أثناء زراعة المحصول، ومع ذلك، فلكي تعمل إدارة المخاطر بشكل فعال، فإنه يجب أن يتتبع السعر المادي للسلعة أسعار العقود الآجلة.
يبرر المضاربون استخدام هذه المعايير عبر الادعاء بأن الأسواق المالية جيدة في اكتشاف السعر، لكن الواقع يشير إلى أنهم يستخدمون مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات الخاوية من الاعتماد على قراءة أساسيات السوق، وهذا له آثار مهمة على أسعار المواد الغذائية، وعلى سبيل المثال، فإن متداولي المؤشرات الكبار يستخدمون مشتقات السلع الأساسية في محافظهم الاستثمارية من أجل تنويع موازنة آثار التضخم، وهؤلاء يُعرفون باسم "متداولي الضوضاء"، باعتبار أن قراراتهم التجارية تدعم زيادات الأسعار التي لا علاقة لها تمامًا بالعرض والطلب الفعليين.
في المقابل، تميل صناديق التحوط والبنوك الاستثمارية إلى اتخاذ قرارات تداول بناءً على مزيج من أساسيات السوق والمخططات الإحصائية أو الرسوم البيانية التي توضح اتجاهات الأسعار التاريخية، ونعتقد أن التجار الضجيج لهم تأثير سلبي كبير وطويل الأمد على أسعار العقود الآجلة للسلع، لأنهم يدفعون باتجاه الانفصال بين العرض الحقيقي للغذاء وظروف الطلب، وهذا يعني أن الارتفاع الراهن في أسعار المواد الغذائية لا يعني دائمًا نقص الإمدادات، وهكذا، يجب الحذر من جشع المضاربين الذين باتوا جزءاً أساسياً من المشكلة.




http://www.alriyadh.com/1987668]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]