المراسل الإخباري
12-30-2022, 08:34
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
إن كلاً منهما قد استخلص أن هناك تفاوتاً في عملية التلقي والتذوق الفني حسب كل طبقة أو وظيفة أو درجة علمية أو ثقافية، فلم يعد التذوق الفني قائماً على التذوق البحت أو الانطباع وإنما تعدى كل الحدود المعرفية، حيث يصل إلى درجة الثقافة والعلم والوعي..
في يومنا هذا نجد ضجيجاً منقطع النظير في جل الساحات الاجتماعية والمعرفية حول ما يقدم من فنون، وحول جديتها، ومآلاتها وانعكاساتها على المجتمع وعلى الأجيال المقبلة، خاصة بعد ظهور تلك الفجوة الكبيرة بين فنون الماضي القريب والفنون الآنية باختلاف أنواعها وتنوعها، كما أن ظهور نجوم كبار يلمعون في سماء الفن ينالون كثيراً من الاستهجان الذي يصل إلى حد الاستنكار! وهذا بطبيعة الحال يرجع إلى ندرة المنظرين، ولعدم ظهور مدارس فنية تضع كل فن في قالبه الخاص، لكي يتمكن المتلقي -وحتى الناقد أيضاً- من التوجه إلى القالب المحبب له، وينتمي لدراسة بعينها، ففي يومنا لا نجد باحثين ينظّرون للفنون المستحدثة، فإن ما جعل الفنون في السابق –بجميع أنواعها ومنها الشعر والمسرح– هو البحث والتنظير اللذين يزامنانها، ونعتقد أن الأزمة تكمن هنا.
لقد أرهق البحث عن معرفة الفن كلاً من بورديو وأرابيل، وهل هي جماعية أم فردية؟ فأقاما بحثاً حول تذوق الفن وأنشأا كتاباً بعنوان «حب الفن»، ورصدا فيه جل الشرائح بجميع طبقاتها وتصنيفاتها، وتوجه كل شريحة إلى الفن، ومدى الإدراك الحسي للفن، حيث وصلا إلى أن إدراك الفن ما هو إلا عملية نسبية، فقد أرجع كل منهما عملية التذوق الفني إلى درجة نسبية، نسبة للعلم والثقافة.
(الجمهور يعيش -الفن- إحساساً وشعراً، دون أن يدركه أو يفهمه تماماً، حيث إن العملية تحصل على صعيد شفاف جداً ورقيق لدرجة أنها تغيب عن الإدراك المباشر).
فقد جعلا تذوق الفن -رغم نسبيته تلك- مقتصراً على النخبة والمتعلمين، لقدرتهم على إدراك رموز الفن وفهم شفرته عبر الدلالات الرمزية، وذلك من خلال استبيان بحثي لزوار المتاحف، ما نتج عنه أن نسبة التذوق الفني «نسبية» حسب ثقافة المتلقي.
ونرى أن كلاً منهما قد استخلص أن هناك تفاوتاً في عملية التلقي والتذوق الفني حسب كل طبقة أو وظيفة أو درجة علمية أو ثقافية، فلم يعد التذوق الفني قائماً على التذوق البحت أو الانطباع وإنما تعدى كل الحدود المعرفية، حيث يصل إلى درجة الثقافة والعلم والوعي. وقد أرجعا ذلك إلى القدرة على فك شفرة الرموز المعطاة في تلك الأعمال الفنية من خلال زيارة الجمهور للمتاحف، ومدى قدرة كل إنسان على الوصول إلى كنه العملية الإبداعية. إن هذه النظرية قد تسوقنا إلى نخبوية الفن وانحساره إلى مستوى معين من الجمهور، ما يخلق تلك الغربة التي توخيناها في بداية موسوعتنا نقد النقد، إذ لم يعد هناك فن فطري يناله الجمهور على اختلاف وعيه ودرجاته الثقافية، فلا تنحصر تلك الغربة على الفن بل تنتقل بدورها إلى نفسية الفرد الواحد إذا ما اعتبرنا أن الفن صانع المجتمع، ومن هنا لا يتراجع كل من بورديو وأرابيل عن مسارهما النظري التحليلي.
(لا نستطيع اكتشاف ذلك بالعين المجردة، لكثرة ما هي مغطاة بقشرة سميكة من الأيديولوجيا الرمزية. لكن علم اجتماع المعرفة قادر على كشف الأمر باللجوء إلى تقنيات السسيولوجية الاعتيادية والبحث العلمي)، وهذا رأيهما في نظريتهما للنقد التحليلي، وبحسب طفرة العديد من المدارس الفنية آنذاك.
فكان كسر قشرة الجوز الأسلوب الأمثل لدى كل من بورديو وأرابيل للوصول إلى جوهرها، ومن هنا جعلا العقل والعلم الوسيلة للوصول إلى الجوهر.
وإن هذا المنهج قد أورده الفلاسفة المسلمون، مثل: ابن سينا وابن رشد والفارابي، حيث جعلوا العلم والبرهان المنطقي القياس للوصول إلى جوهر الفن، فاعتبروا أنه يصدر من المتخيلة التي يرونها كاذبة وغير أمينة، فلا يمكن الوقوف على مداها سوى بالعلم والبرهان والقياس، فقشرة الجوز هذه التي وردت عند بورديو وأرابيل أو قشرة ثمرة الجوز عند لوكاكش هي ما أسماها الفلاسفة المسلمون بالغواشي، وهذه الغواشي والتي نادى الفلاسفة المسلمون بإزالتها هي ما نادى به بورديو وأرابيل في «habitus» وهو مصطلح «النزوع»، أي إزالة قشرة الجوز كما يرون، أو إزالة الغواشي كما يرى الفلاسفة المسلمون للوصول إلى جوهر الأشياء ولب الفن والإبداع. وقد عملت الثورة الفرنسية عام 1789 إلى تغيير كل المفاهيم والفلسفات السابقة، حيث أصبح الإنسان محور الفكر الإنساني ولم تعد تلك الفلسفات الكونية محور الاهتمام.
وعلى كل حال، فإن ما يهمنا في هذا المقام هو: كيف أن تزاحم الفلاسفة والمنظرين في إثراء الحركات الفنية والفكرية نظَّم الناتج الفني وأطره وصنفه ودرسه، وهو ما نفتقده الآن، ما جعل الساحات الفنية تنتج فنوناً متنوعة مع تقلبات نسبية التذوق بين الماضي والحاضر، وهذا ضار للغاية بالمنتجات الفنية وأصحاب كل جديد!
http://www.alriyadh.com/1990053]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
إن كلاً منهما قد استخلص أن هناك تفاوتاً في عملية التلقي والتذوق الفني حسب كل طبقة أو وظيفة أو درجة علمية أو ثقافية، فلم يعد التذوق الفني قائماً على التذوق البحت أو الانطباع وإنما تعدى كل الحدود المعرفية، حيث يصل إلى درجة الثقافة والعلم والوعي..
في يومنا هذا نجد ضجيجاً منقطع النظير في جل الساحات الاجتماعية والمعرفية حول ما يقدم من فنون، وحول جديتها، ومآلاتها وانعكاساتها على المجتمع وعلى الأجيال المقبلة، خاصة بعد ظهور تلك الفجوة الكبيرة بين فنون الماضي القريب والفنون الآنية باختلاف أنواعها وتنوعها، كما أن ظهور نجوم كبار يلمعون في سماء الفن ينالون كثيراً من الاستهجان الذي يصل إلى حد الاستنكار! وهذا بطبيعة الحال يرجع إلى ندرة المنظرين، ولعدم ظهور مدارس فنية تضع كل فن في قالبه الخاص، لكي يتمكن المتلقي -وحتى الناقد أيضاً- من التوجه إلى القالب المحبب له، وينتمي لدراسة بعينها، ففي يومنا لا نجد باحثين ينظّرون للفنون المستحدثة، فإن ما جعل الفنون في السابق –بجميع أنواعها ومنها الشعر والمسرح– هو البحث والتنظير اللذين يزامنانها، ونعتقد أن الأزمة تكمن هنا.
لقد أرهق البحث عن معرفة الفن كلاً من بورديو وأرابيل، وهل هي جماعية أم فردية؟ فأقاما بحثاً حول تذوق الفن وأنشأا كتاباً بعنوان «حب الفن»، ورصدا فيه جل الشرائح بجميع طبقاتها وتصنيفاتها، وتوجه كل شريحة إلى الفن، ومدى الإدراك الحسي للفن، حيث وصلا إلى أن إدراك الفن ما هو إلا عملية نسبية، فقد أرجع كل منهما عملية التذوق الفني إلى درجة نسبية، نسبة للعلم والثقافة.
(الجمهور يعيش -الفن- إحساساً وشعراً، دون أن يدركه أو يفهمه تماماً، حيث إن العملية تحصل على صعيد شفاف جداً ورقيق لدرجة أنها تغيب عن الإدراك المباشر).
فقد جعلا تذوق الفن -رغم نسبيته تلك- مقتصراً على النخبة والمتعلمين، لقدرتهم على إدراك رموز الفن وفهم شفرته عبر الدلالات الرمزية، وذلك من خلال استبيان بحثي لزوار المتاحف، ما نتج عنه أن نسبة التذوق الفني «نسبية» حسب ثقافة المتلقي.
ونرى أن كلاً منهما قد استخلص أن هناك تفاوتاً في عملية التلقي والتذوق الفني حسب كل طبقة أو وظيفة أو درجة علمية أو ثقافية، فلم يعد التذوق الفني قائماً على التذوق البحت أو الانطباع وإنما تعدى كل الحدود المعرفية، حيث يصل إلى درجة الثقافة والعلم والوعي. وقد أرجعا ذلك إلى القدرة على فك شفرة الرموز المعطاة في تلك الأعمال الفنية من خلال زيارة الجمهور للمتاحف، ومدى قدرة كل إنسان على الوصول إلى كنه العملية الإبداعية. إن هذه النظرية قد تسوقنا إلى نخبوية الفن وانحساره إلى مستوى معين من الجمهور، ما يخلق تلك الغربة التي توخيناها في بداية موسوعتنا نقد النقد، إذ لم يعد هناك فن فطري يناله الجمهور على اختلاف وعيه ودرجاته الثقافية، فلا تنحصر تلك الغربة على الفن بل تنتقل بدورها إلى نفسية الفرد الواحد إذا ما اعتبرنا أن الفن صانع المجتمع، ومن هنا لا يتراجع كل من بورديو وأرابيل عن مسارهما النظري التحليلي.
(لا نستطيع اكتشاف ذلك بالعين المجردة، لكثرة ما هي مغطاة بقشرة سميكة من الأيديولوجيا الرمزية. لكن علم اجتماع المعرفة قادر على كشف الأمر باللجوء إلى تقنيات السسيولوجية الاعتيادية والبحث العلمي)، وهذا رأيهما في نظريتهما للنقد التحليلي، وبحسب طفرة العديد من المدارس الفنية آنذاك.
فكان كسر قشرة الجوز الأسلوب الأمثل لدى كل من بورديو وأرابيل للوصول إلى جوهرها، ومن هنا جعلا العقل والعلم الوسيلة للوصول إلى الجوهر.
وإن هذا المنهج قد أورده الفلاسفة المسلمون، مثل: ابن سينا وابن رشد والفارابي، حيث جعلوا العلم والبرهان المنطقي القياس للوصول إلى جوهر الفن، فاعتبروا أنه يصدر من المتخيلة التي يرونها كاذبة وغير أمينة، فلا يمكن الوقوف على مداها سوى بالعلم والبرهان والقياس، فقشرة الجوز هذه التي وردت عند بورديو وأرابيل أو قشرة ثمرة الجوز عند لوكاكش هي ما أسماها الفلاسفة المسلمون بالغواشي، وهذه الغواشي والتي نادى الفلاسفة المسلمون بإزالتها هي ما نادى به بورديو وأرابيل في «habitus» وهو مصطلح «النزوع»، أي إزالة قشرة الجوز كما يرون، أو إزالة الغواشي كما يرى الفلاسفة المسلمون للوصول إلى جوهر الأشياء ولب الفن والإبداع. وقد عملت الثورة الفرنسية عام 1789 إلى تغيير كل المفاهيم والفلسفات السابقة، حيث أصبح الإنسان محور الفكر الإنساني ولم تعد تلك الفلسفات الكونية محور الاهتمام.
وعلى كل حال، فإن ما يهمنا في هذا المقام هو: كيف أن تزاحم الفلاسفة والمنظرين في إثراء الحركات الفنية والفكرية نظَّم الناتج الفني وأطره وصنفه ودرسه، وهو ما نفتقده الآن، ما جعل الساحات الفنية تنتج فنوناً متنوعة مع تقلبات نسبية التذوق بين الماضي والحاضر، وهذا ضار للغاية بالمنتجات الفنية وأصحاب كل جديد!
http://www.alriyadh.com/1990053]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]