المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موسم التوقعات.. والخبراء المؤدلجون



المراسل الإخباري
12-30-2022, 08:34
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png لا يجب أن ننخدع أبداً بالتوقعات الاقتصادية في العام الجديد، فمعظمها خاطئة أو مؤدلجة، والقليل منها مهنية، وبعضها مؤشرات على الأماكن والقطاعات التي تنتوي بعض الدول والمؤسسات الاستثمار فيها، وهذا لا يعني بطبيعة الحال إهمال التنبؤات أو رفض الاعتراف بأهميتها، فلا يزال البحث مستمراً سنوياً عن خبير مستبصر تفوق توقعاته الصحيحة تنبؤاته الخاطئة، وحتى لو وجد هذا العبقري، وكنا محظوظين بالاطلاع على توقعاته المثالية، فلن نكون قادرين بكل دقة على تنفيذ رؤيته الاستشرافية للتغلب على آليات السوق المضطربة، وهذه معضلة أخرى.
ترتكز التوقعات الناجحة للمحللين على تطورات الاقتصاد الكلي، أما توقعات الأسهم وأرباح الشركات ونمو القطاعات المختلفة، فقد ثبت مراراً أنها توقعات فارغة، لا قيمة لها، ولهذا، يجب أن نكون حذرين من توقعاتهم لعام 2023، والأفضل لهؤلاء المحللين أن يتوقفوا عن إصدار مثل هذه التوقعات المائعة، وأن يخبروا الناس فقط بما يحدث اليوم، وما يجب أن يفعلوه غداً حيال التداعيات الاقتصادية المحتملة، وسبل التحوط إزاء المخاطر.
تبدو توقعات بيوت الخبرة العملاقة مصممة خصيصاً لدعم مراكز تداولها في الأسواق، فكل توقع يقابله توقع مضاد، ولهذا، يجب أن نفهم طبيعة الدوافع التي تؤثر على المتنبئين ومؤسساتهم، والأيديولوجيا التي تقودهم، وربما تكون الفائدة الوحيدة لهذه التوقعات في رسم صورة ذهنية جيدة عن القدرات الفنية الخارقة للخبراء والمحللين، وبالطبع، في القلب منها ملء فراغ القنوات الفضائية التي تنشط في مثل هذه الأجواء الكرنفالية.
والحقيقة، أن أسواق 2023 بالفعل خارج دائرة التوقعات، مهما حاول البعض الترويج لتوقعاته، وشخصياً، لا أتذكر أي خبير اقتصادي وصف قاع الركود بكل دقة أثناء أزمة عام 2008، ولهذا، فقد أمضيت بضع ساعات في رصد توقعات المحللين التي ظهرت للعلن نهاية العام الماضي، وبالرغم من أنى لم أندهش من كمية الفشل في توقعاتهم للعام الجديد وقتها 2022، إلا أنه قد هالني جداً تلك الثقة المزعومة التي امتلأ بها هؤلاء المحللين حينما كانوا يغذون بتوقعاتهم الفارغة رأس الجمهور المسكين.
خذ مثلاً فاجعة الغزو الروسي لأوكرانيا، وهي إحدى أهم التطورات المرعبة للأسواق المالية هذا العام، فعلى الرغم من الحشد الروسي على الحدود نهاية 2021، إلا أن معظم التوقعات لم تتنبه للخطر القادم، وبعضهم شكك أصلاً في احتمالية الحرب، وأما من توقعوا الغزو، فقد توقعوها نزهة روسية سريعة، ولم يتخيلوا أبداً استمرار الحرب لليوم، وبالتالي لم تتطرق التحليلات لمستقبل أسواق المواد الغذائية وسلاسل الإمدادات في ظل الحرب المستعرة.
الأدهى، أن فشل التنبؤات لم يردع هؤلاء أو حتى يجبرهم على التواضع، فقد عادوا إليها بنهم شديد هذا العام، وكأنها مقرر دراسي على المشاهدين، متوقعين ما سيحدث وما لن سيحدث في 2023، وإذا كان البعض يبرر للمحللين خطئهم بشأن أوكرانيا، على أساس أن السياسة الخارجية ليست ضمن خبراتهم المهنية، إلا أن الفشل امتد إلى سجل توقعاتهم المهنية، فالتضخم، وهو أحد أكبر القصص المأساوية هذا العام، دارت حوله توقعاتهم البائسة، ولم يستطيعوا أن يقدموا رأياً معقولاً حول مدى استمراريته، فقد كانوا يرونه دوماً حالة مؤقتة وستزول، وهذه أحد أكبر شركات الأبحاث العالمية توقعت في ديسمبر 2021 هبوط التضخم ​​في منطقة اليورو إلى 2 ٪، لكنه، يلامس الآن 10 ٪.
الفشل طال أيضاً التوقعات بشأن أسعار الفائدة، فقد استبعدت شركة عالمية بارزة رفع الفائدة الأمريكية في 2022، لكن الفيدرالي زادها 6 مرات، وأخرى توقعت وصول عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 2.5 ٪، لكنها، تبلغ الآن 3.4 ٪، أما قمة الفشل، فقد تجسد بشكل صارخ في العملات المشفرة، حيث أشارت توقعات ديسمبر 2021 إلى أن اتجاه 2022 سيكون صعودي بامتياز، لكنه، أصبح العام الأكثر ترويعاً لها، وبعضهم مثل رجل الأعمال والمستثمر تيم دريبر توقع وصول سعر بيتكوين إلى 250 ألف دولار، ونحن نرى كيف يتم تداولها الآن بـ 17000 دولار فقط، وهكذا طاشت التوقعات في بئر سحيق، لتخسر العملات الرقمية أكثر من 2 تريليون دولار من قيمتها السوقية.




http://www.alriyadh.com/1990028]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]