المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أول يوم



المراسل الإخباري
01-01-2023, 03:48
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
في هذه الأولية تأثير حقيقي جاء به الشرع، فمن بارك الله له في ساعة اليوم الأولى وأصبح كريم النفس طويل اليد، كان ذلك جالبًا للبركة والرزق والعطاء، وليست هذه البركة في الأولية موجودة في تدوين التأريخ، سواءً كان أول السنة أو أول الشهر، إلا ما خصه الدليل الشرعي بالبركة والتميز كأعياد الإسلام ويوم الجمعة ويوم عرفة وغير ذلك من الأيام..
ليس أول يوم هو ذاك اليوم الذي خرجت فيه من ظلمات بطن الأم إلى نور هذه الدنيا، ذاك ليس أول يوم عند الناس كلهم، فهو لا يهم أحدًا سواك، فأنت المعني به ابتداءً وانتهاءً، وقبله لم تكن شيئًا مذكورًا، وهو كذلك ليس أول يوم في وجودك مطلقًا، فهناك حياتان فاضلتان، حياة البرزخ وحياة الآخرة، ومهما كان الخلاف العقدي بين الناس في جهل تفاصيل ذلك إلا أن هناك يومين بالنسبة لنا كمسلمين، أول يوم في القبر، وأول يوم بعد البعث، وأيام الآخرة ليست كأيام الدنيا ولا يجري عليها مسمى زمن الدنيا إلا مجازًا لفظيًا.
أول يوم في القبر، حقيقة واقعية عند كل الناس، لكنه عند المسلمين أول يوم من حياة البرزخ، والتي لا تخلو تفاصيلها من أدلة وأحاديث وعظية تجعل من ذلك اليوم يومًا مخيفًا، وتذكّره رادعًا عن الافتئات عن الأخلاقيات التي فطر عليها الإنسان، والشرائع التي أنزلها الرحمن، فذاك يوم مؤكد وآتٍ ولا يختلف فيه الناس، وهناك يوم آخر سيكون له أول، وليس بعده إلا الخلود، حيث لا تعد الأيام والليالي بحساب الحياة الدنيا.
وفي الإسلام عندنا أول يوم هجري كان ذلك اليوم الذي اتخذه المسلمون تأريخًا لحياتهم ووقائعهم، ولا شك سيكون لها نهاية متى شاء الله، وفي السنة الميلادية هناك أول يوم بدأ فيه ذلكم التأريخ، وسيكون له نهاية متى شاء الله، لكن هناك تأثيرات معنوية على الإنسان، عند اعتداده بالأيام والليالي، فتارة تكون تلك التأثيرات إيجابية حين يكون محطة لعد إنجازات الماضي، ومنطلقًا لإنجازات المستقبل، فيكون لبداية العام تميزًا عن سائر الأيام من هذا المنظور.
في كل شيء يأتي الأول مميزًا عن ما بعده، فالساعة الأولى من اليوم هي محطة الانطلاق، فإن بوركت بارك الله ما بعدها، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا"، وفي هذه الأولية تأثير حقيقي جاء به الشرع، فمن بارك الله له في ساعة اليوم الأولى وأصبح كريم النفس طويل اليد، كان ذلك جالبًا للبركة والرزق والعطاء، وليست هذه البركة في الأولية موجودة في تدوين التأريخ، سواءً كان أول السنة أو أول الشهر، إلا ما خصه الدليل الشرعي بالبركة والتميز كأعياد الإسلام ويوم الجمعة ويوم عرفة وغير ذلك من الأيام، وهناك أيضًا من الأيام الأولى التي لا تأثير لها على حياة الإنسان تأثيرًا متعلقا باليوم نفسه، وإن كان يحدث بعده تغير جذري، كأول يوم بعد الزواج، وأول يوم في الوظيفة، وأول يوم في المدرسة، وكل يوم يعلق في الذهن منه ذكرى حريّة بالتذكر والتقييم، وهناك أول يوم تصبح فيه سعيدًا بقدوم مولودك الأول، وربما احتفلت وفعلت وفعلت، وسيأتي أول يوم يصبح فيه ذاك الولد يعيش أول يوم بغير أم أو بغير أب، تلك سنة الله في خلقه، فأول يوم في السنة قد لا يعني لكثير من الناس شيئًا مهمًا، ولكنه عند أناس آخرين يعد مميزًا ومنطلقًا لمستقبل أفضل مما كان في السنة الماضية، وكل هذه الأوليات ستكون مكتوبة في أسئلةً كثيرة في أول يوم في الآخرة، «لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه»، ولكن هناك سؤال هو الأول من بين كل الأسئلة، ففي الحديث "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر"، فلأولية قيمتها في كثير من الأمور. هذا، والله من وراء القصد.




http://www.alriyadh.com/1990271]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]