المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حماية الإبداع واستدامة الابتكار



المراسل الإخباري
01-03-2023, 04:18
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png يتساءل الكثيرون عن الفارق بين الدول الكبرى والدول النامية، لو قلت إن الفارق في الموارد، فستجد كثيراً من الدول الكبرى ليس لديها موارد تُذكر، ولكن لديها صناعات وشركات تقنية تُعادل الواحدة منها ميزانية دولة، وقد تفوق ذلك، ولكن الفارق الحقيقي هو في الإبداع والابتكار وتهيئة البيئة المحلية لحماية حقوق الملكية الفكرية، فجميع البشر متساوون في قدرتهم على الإبداع، بل إن الدول المتقدمة تجذب الكفاءات المبدعة من كثير من الدول الفقيرة والنامية التي لا تتوفر بها بيئة مناسبة تسمح لهم باستثمار إبداعاتهم واستدامة ابتكاراتهم.
فلو افترضنا أن مخترعًا توصل إلى علاج لأحد أخطر الأمراض، ولم يتمكن من حماية حقوق الملكية الفكرية لاختراعه، وأصبح مَشاعًا لكل الشركات تُصنعه وتطرحه للجمهور، بعد ما بذل من أجل الوصول إليه سنوات من عمره وأبحاثًا وأموالًا طائلة، فكيف له أن يكفل في ذات الطريق وأن ينفع وطنه بعلمه، ويفيد البشرية بمعرفته، وينطبق ذلك على كافة أشكال الإبداع والابتكار، والفنون، والصناعات، والمؤلفات.
إن الخطوة الأولى لضمان استدامة الإبداع والابتكار؛ هي حماية حقوق الملكية الفكرية للمبدعين والمبتكرين، عبر أنظمة وتشريعات محلية، واتفاقات دولية، وإجراءات رسمية، وهيئات معنية بهذا الأمر تساعدهم في تسجيل ابتكاراتهم وملكياتهم الفكرية باختلاف أنواعها، وتنشر الوعي المجتمعي بضرورة التكاتف لحماية حقوق المبتكرين لما فيه من مصلحة تعود على الجميع.
وقد عملت المملكة العربية السعودية على تهيئة هذه البيئة من خلال العديد من الخطوات بداية بتأسيس الهيئة السعودية للملكية الفكرية لتكون الجهة ذات الاختصاص بتقديم كافة الخدمات والمنتجات بالجودة العالية لمختلف المبدعين والمبدعات في المملكة، كما صدقَّت المملكة على العديد من الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بالملكية الفكرية.
ومؤخرًا أطلق ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، لتستكمل هذه الجهود لتشجيع وتيسير استحداث الملكية الفكرية وإدارتها واستثمارها وحمايتها بفعالية على الصعيد الوطني، وكما أن لحماية الملكية الفكرية دورا رئيسا في دعم الاقتصاد الوطني القائم على الابتكار والإبداع، وتشجيع المبدعين على الاستمرار في إبداعاتهم وابتكاراتهم، فإنها تساهم في جذب الاستثمارات والمستثمرين في هذا المجال من كافة أنحاء العالم، فمع التطورات الاقتصادية والتكنولوجية أخذت حماية منتجات الفكر الإبداعية والمعرفية أهمية بالغة، حيث يتجه الاقتصاد العالمي بسرعة كبيرة ليكون اقتصادًا معرفيًّا قائمًا على الابتكار والإبداع، ويتماشى ذلك مع أهداف رؤية المملكة 2030 في تقليل الاعتماد على النفط وتعزيز الاقتصاد المعرفي.
إن الهدف الأساسي لكل الدول دفع عملية التنمية فيها اقتصاديًّا واجتماعيًّا، وعليه فإن الاستثمار الأجنبي من أهم العوامل التي تدفع إلى ذلك، بل إنه المصدر الرئيس لامتلاك الدول للتقنيات الحديثة، من خلال استيراد المستثمرين للتقنية ومحاولة ملاءمتها وتطويرها مع المجتمع والبيئة الاستثمارية المحلية، ولكي تتحقق هذه العملية بنجاح يأتي الدور المهم لحماية الملكية الفكرية بكافة مجالاتها، فلو لم يتم توفير هذه البيئة لن يوافق مالكو التقنيات الحديثة على نقلها أو إعطاء تراخيص عليها، ولن يكون ممكنًا توطينها وتحسينها.
في المجمل يمكننا القول: إن منظومة حماية الملكية الفكرية خطوة ضرورية في بناء منظومة أكبر لتنمية اقتصادنا الوطني، وتحوله بأمان إلى عالم واسع أساسه مواصلة الإبداع وقوامه استدامة الابتكارات، ونحن بصدق قادرون على ذلك بما نمتلك من شباب مبدع ورواد أعمال طموحين قادرين على إحداث التغيير والاستفادة من الفرص.




http://www.alriyadh.com/1990617]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]