المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نُظَّارُ الوقفِ بين الالتزام والتجاوز



المراسل الإخباري
01-12-2023, 07:34
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
الصراعات التي تقع بين النظار إعصار يعصف بالإنصاف، فتطير بعض حقوق الموظفين، والموقوف عليهم أدراج الرياح، ويتجسد في هذه الصراعات الإخلال بالأمانة؛ إذْ هي عبارةٌ عن تقديم المتخاصمين مصالحهم الخاصة على سير العمل كما ينبغي..
تُقاسُ جدوى المنافع بديمومتها، ومن محاسن الشريعة المطهرة ومراعاتها مصالحَ الدارين ترغيبها في الوقف لما فيه من استمرار انتفاع الأحياء بريعه، واستمرار انتفاع الواقف بجريان أجره عليه بعد موته، ولأهمية الوقف شُرعت له أحكام تحميه وتضبط الانتفاع به، وإذا روعيت فيه أحكامه وضوابطه التنظيمية آتى أكله كرافدٍ من روافد التنمية، وكيانٍ عظيمٍ من كيانات التكافل، والدولة -رعاها الله تعالى- تدرك أهمية ذلك، وقد أنشأت هيئة خاصة بالأوقاف، وأناطت بها كل ما يخص هذه الأوقاف فتراقب أعمالها، وتنظم شؤونها، وتسعى للمحافظة عليها بما يحقق شروط واقفيها دون أن يخالف النظام العام، ويعزز دورها في التنمية الاقتصادية والتكافل الاجتماعي، وفقاً لمقاصد الشريعة الإسلامية والأنظمة، ولهذه الهيئة المباركة مهام تنظيمية وتطويرية منها: الإشراف الرقابي على أعمال النظارة؛ لتحقيق أهداف الوقف دون الدخول في أعمال النظارة، وغير ذلك من المهام التي تترتب عليها مصالح الوقف، كما أن من مهامها اتخاذ الإجراءات اللازمة للاستفادة من الأموال الموقوفة الثابتة والمنقولة خارج المملكة على أوجه بِرٍّ داخل المملكة، وحصر هذه الأموال، وبناء قاعدة معلومات عامة عنها، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتطوير العمل الوقفي، وتطوير الصيغ الوقفية القائمة، وإيجاد صيغ وقفية جديدة، وصرف غلال الأوقاف على الأغراض الموقوفة من أجلها، وغير ذلك، ولي مع الأوقاف ونُظَّارها وقفات:
الأولى: أهمية الجوانب التنظيمية المتعلقة بنُظَّارِ الوقف، سواء كانوا مستقلين أو غير مستقلين، وأهم المعايير المعتبرة فيهم: العدالة والكفاءة المتمثلة في صلاحيته لتحمل هذا العبء، ويندرج فيهما التزام الناظر بمنهج أهل السنة والجماعة، وطاعة ولي الأمر، وحرصه على مصلحة المجتمع وأمن الوطن، وسلامة منهجه من التأثر بالأفكار المنحرفة والجماعات المتطرفة، وخلو فكره من لوثة الفكر الخارجي، وهذه الشروط لا مكان لفاقدها بين نظار أوقاف المسلمين؛ لأن فاقدها إنما هو باغٍ غاشٌّ لجماعة المسلمين وإمامهم، وليس أهلاً لأن تُناطَ به نظارة الوقف، وذلك لأنه لم يُحسن النظر لنفسه في دينه ودنياه، فكيف يُمكِنُهُ النظر للمستفيدين من الوقف؟ إضافة إلى أن تمكينه من نظارة الوقف مُناقضٌ للغرض من الوقف المتمثل في رعاية المصالح، فاليد المنزوعة بشكلٍ أو بآخر من طاعة ولي الأمر يدٌ غادرةٌ لا تستحق أن يُوضعُ فيها عملٌ هو عبارةٌ عن رافدٍ من روافد المال والاقتصاد، فمن الأهمية بمكان مراجعة أوضاع هؤلاء النظار، والتأكد من صلاحيتهم لمثل هذا العمل من خلال جهة الاختصاص.
الثانية: ما يتعلق بإدارة شؤون الوقف فيما يتعلق بالمصارف الخيرية، والتأكد من وضع هذه المصارف، ودقة تنفيذ ذلك، ومعلوم أن صرف الوقف في مصرفه هو المقصد الذي شُرِعَ لأجله الوقف، فهو الهدف الذي يسعى لتحقيقه، وكل التشريعات والضوابط هي وسائل تُفضي إليه، فيجب الاهتمام بمراقبة الصرف عبر وسائل متعددة خصوصاً ما يصدره المحاسب القانوني من تقارير تنفي أو تثبت المخالفات والتجاوزات من تسخير الوقف للمصلحة الخاصة، أو فيما يعود بالضرر على أمن الوطن، وعلى افتراض وجودها هل تم التعامل معها وفق الإجراء النظامي، وهل حوسب المتجاوز على تجاوزه، أم أنه لا زال على رأس العمل؟؟ وستسير مصالح الوقف على الجادة المستقيمة إذا أخذ بعين الاعتبار ما يكتشفه المراجع الداخلي على وقفٍ ما من تجاوزات واختلاسات، وقامت الجهة المختصة بدورها تجاه هذه التجاوزات والمخالفات تحملاً لمسؤوليتها الشرعية والوطنية، والتهاون في التحري عن المخالفات يهدر منافع الآخرين، ويعود بالضرر على اقتصاد الوطن ومصلحة شريحة كثيرة من المواطنين، والرقابة في ذلك لا تقتصر على المراجع الداخلي، فمن نماذجها ما يتقدم به بعض النظار من بلاغات تتمثل بتجاوزات حصلت من رئيس مجلس النظارة أو أحد النظار، أو من أيِّ موظفٍ في الوقف، فيجب أن تُعطى هذه البلاغات الاهتمام اللازم والكافي الذي يكشف صحة البلاغ من كيديته، كي يتم العمل تجاه ذلك وفق الإجراءات النظامية.
الثالثة: الصراعات التي تقع بين النظار إعصار يعصف بالإنصاف، فتطير بعض حقوق الموظفين، والموقوف عليهم أدراج الرياح، ويتجسد في هذه الصراعات الإخلال بالأمانة؛ إذْ هي عبارةٌ عن تقديم المتخاصمين مصالحهم الخاصة على سير العمل كما ينبغي، ولا تخلو في الغالب من أن تتمحور دوافعها حول المناكفات الشخصية والذاتية، وينعكس أثرها على مصلحة الوقف وتنميته، وتطويره، وكل طرف من أطراف هذه الصراعات يوغل في إضرام سعيرها متظاهراً بأنه مُناضلٌ لأجل الوقف وأنه يمثل الاتجاه الصحيح، ولو كان كل منهم ملتمساً للصواب لاضمحلَّ الخلاف وتقاربت وجهات النظر، ولا شك أن هذه الظاهرة تحتاج إلى وقفةٍ حازمةٍ من صاحب الصلاحية تضع الأمور في نصابها، وتضع حداً فاصلاً لمثل هذه النزاعات المتكررة والتي تُشكِّلُ إزعاجاً للجهات الرسمية، ولا تليق بمن أحسن به الواقف الظن ورشحه لمثل هذه المسؤولية الكبيرة.




http://www.alriyadh.com/1992200]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]