تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حُلُّوهُ!



المراسل الإخباري
01-15-2023, 04:52
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png ها أمر من النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين دخل المسجد فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فسأل: ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا... حلوه ليصلّ أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد.
وأمره صلى الله عليه وسلم بحلّ الحبل يؤخذ منه فوائد جمّة، أولها: هي ظاهر الحديث، في مراعاة لحال العبد ونشاطه، فقد جاء الإسلام باليسر وبما يستطاع فعله بغير كلفة ومشقة. ومن الفوائد الأخرى: أن وجود الحبل بين الساريتين فيه إعاقة للداخل والخارج من هذا المكان، وفي حله مصلحة عامة، ومحافظة عامة على إبقاء المشاع مشاعًا دون شغله بما يجعله ضيقًا ومخصصًا لا يستفيد منه إلا أفراد قلائل.
ولعل هذا مدخل لي للحديث عن الاكتفاء بفعل المفضول عن الفاضل. ففي أمور العبادات الجماعية، ينبغي مراعاة ذلك بما فيه تقديم للمصلحة العامة وانقياد لتسهيلات الحج التي تنظمها حكومتنا المباركة، كطواف الوداع مثلاً، فحين يقتضي الحال الأخذ بسنيته وعدم التحريج بإيقاعه، لم يكن ذلك تساهلًا بمناسك الحج وإنما هو من باب مراعاة الأصلح وتقديم الأولى عملًا بآراء فقهية لها ثقلها في الفقه الإسلامي، وذلك للضرورة التي يقتضيها الزمان والمكان، فقد اختلف واقع الحرم في عصرنا عن ما كان عليه في العصر الأول من الإسلام، حيث كان الحجيج مهما بلغوا الذروة في الكثرة يستطيعون بمجهود ذاتي وفردي تنظيم جموعهم مع وجود ولو اليسير من التوجيه، ويستطيع الحاج أن يتوسع في فقهياته ويأخذ بالعزائم ويجمع بين المستحبات ويأتي بما تطيب به نفسه من أنواع النسك، وهو بذلك لا يؤثر على النظام العام، ولا يسبب مشكلة بتفرده في اختيار ما يفعله من المناسك، لكننا اليوم لسنا كالأمس، فليس أمامنا إلا فعل المناسك بحسب التنظيم العام الذي يراعي كثرة الحجيج غير المسبوقة، وهو تنظيم يراعي مناسك الحج بحسب الأدلة القرآنية والأحاديث الصحيحة، وفي مثل هذه الضرورات قد يصبح فعل المفضول هو الأفضل، حتى في باب الإتيان بالحج نفسه، فإذا كان تكرار الحج كل سنة يشق على آخرين ويمنعهم من أداء الفريضة، فهنا يأتي الحال الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم واعظًا لكل هؤلاء، فقد قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد "لا خلاف أنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع سنة عشر" وفي تفسير ذلك أقوال، وهكذا في التمتع وكلام الفقهاء في تفضيله على أنواع النسك، لا ينبغي للحاج في مثل هذه الأحوال أن يعمل فقهه في هذه التفضيلات، ويصرف نظره عن وجوب انقياده للترتيب الرسمي العام في الحج، ومراعاته لأحوال الآخرين، وهناك الكثير من التفاصيل التي كان بالإمكان الإتيان بها في القرون الأولى من الإسلام دون الحاجة إلى النظر في الأولى والأفضل أو المفضول لإمكان الإتيان بها جميعًا، وكما في الخلاف الفقهي في وجوب السعي الثاني للمتمتع، فقد يكون تكلف الإتيان بالسعي الثاني مشقة وأيضًا تسببا في الزحام، ولا يخرج الأمر عن النظر الصحيح إذا ما أخذنا هنا بما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية أخذًا برواية عن أحمد في عدم الوجوب، فكل هذا إعمال للفقهيات والآراء التي لا تخرج عن النظر الصحيح، وقد يرتقي إلى الأفضل وإن كان مفضولاً إذا ما نظرنا إلى المصلحة العظمى التي تتحصل للمسلمين في إظهار شعيرة الحج في أكمل صورة وأبلغ موعظة فعلية في دعوة الأمم إلى دين الإسلام؛ دين النظام والترتيب والعبادات المنظمة. هذا، والله من وراء القصد.




http://www.alriyadh.com/1992570]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]