المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكاية غاندي



المراسل الإخباري
02-02-2023, 03:19
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png المهاتما غاندي (1869-1948) هو الأب الروحي للهند، وزعيم (الساتياجراها)، والمقصود بها: فلسفة الوصول إلى الحق دون عنف. وهو الرجل الذي عاش ضد القتل باسم الآلهة، ولكن يقتله رجل متعصب من أنصار القومية الهندوسية، في حديقة (بيت بيرلا)، ظهر يوم 30 يناير 1948، وهو يصلي مع الحشود.
لم يعش غاندي ليرى ثمرة كفاحه المؤسَّس على المقاومة السلمية، ويكون شاهد عيان على وطنه الهند الذي أصر على النهضة والتقدم ودستور علماني يوّحد 500 مليون شخص، ينتمون إلى عدد كبير من الديانات والأعراق والجنسيات والطوائف والمذاهب. وهو الذي ألهم أهل الهند الحكمة والقدرة على تحويل العدو إلى صديق، وكيف تكون روح المرح والسخرية سلاحًا ضد الهزيمة أو اليأس، علمهم بساطة العيش، وكراهية المظاهر المزخرفة.
يؤمن غاندي أن الحقيقة تبقى حقيقة، حتى ولو لم يرَها أحد. والخطأ خطأ حتى لو اعتنقه الجميع. وفي مقولته الشهيرة يقول: (في البداية يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر). كان يرتدي ما يعري جسده أكثر مما يغطيه، وحين سُئل لماذا وهو من أسرة ميسورة؟ قال: (أنا أمثل أمة من العراة والجائعين، ولا أجرؤ على إلقاء خطبة عن الفقر وأنا أعيش حياة الأثرياء).
أدرك غاندي أن بداية تحرير الهند هي من تحرير الهنود أنفسهم من التفرقة الدينية، والطائفية المتعصبة. حيث إن الهندوكية تقسم المجتمع الهندي إلى نظام من الطوائف. على القمة طائفة (البراهما)، هي الطبقة العليا لأنها تمثل إله الخلق والكون، وهم القائمون على الدين والفكر. في القاع طائفة (التشودرا)، حيث أصحاب المهن اليدوية المختلفة، وأصحاب الحرف العديدة. من طائفة القاع، نشأت فئة (المنبوذين)، التي تقوم بأَحَطّ الأعمال. ولا تزاوج بين طائفتين مختلفتين، ولا يحق لإنسان تغيير طائفته إلى أن يموت. وقد قام غاندي بتزويج اثنين من طائفتين مختلفتين، بل من أبعد الطوائف طائفة البراهما وطائفة التشودرا، في أول سابقة تاريخية، وأطلق على (المنبوذين) اسم (هاريجان)، أي أطفال الله.
في 12 مارس 1930 بدأت مسيرة الملح الشهيرة، حيث خرج غاندي من مدينته أحمد أباد في ولاية غوجارت، سائرًا على القدمين، إلى قرية داندي في مقاطعة سوارت. بدأ السير مع تسعة وسبعين من أتباعه، وحين وصل إلى محيط العرب في سوارت، كان قد مشى يومًا كاملًا، قاطعًا خمس مئة كيلومتر. وعلى طول الطريق، تحول الجمع الصغير إلى الآلاف من الهنود في المدن والقرى، احتجاجًا ضد احتكار الإنجليز للملح، وفرض الضرائب الباهظة على تداوله.
أدرك غاندي أن الاستقلال السياسي لن يتحقق مادامت الهند تصدّر إنتاجها الزراعي كمادة خام، ثم تشترى المنتجات الإنجليزية الجاهزة، ولهذا دعا الهنود إلى إحياء الصناعات القديمة، والحرف اليدوية التقليدية، والعودة إلى النول اليدوي، والامتناع عن شراء الأقمشة الإنجليزية، فوقعت الإمبراطورية العريقة العتيدة، وفي 15 أغسطس 1947 نالت الهند استقلالها، بفضل رجل آمن باللاّعنف، وكل عام يحيي الهنود ذكرى اغتيال (الأب والروح العظيمة)، ويعلنون التمسك بمبادئه النبيلة.
غابت الشمس عن الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس، ولكنها لم تغب عن حياة ونضال وفلسفة رجل من أعظم الشخصيات السلمية في التاريخ الحديث.




http://www.alriyadh.com/1995559]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]