المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في مدرسة الثيران



المراسل الإخباري
02-03-2023, 03:47
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png في بعض الدول العربية يستخدم نعت شخص ما بالثور كدليل على البلادة وقلة العقل، ومع ذلك اصطحبكم اليوم في رحلة في مدرسة الثيران.
ننطلق من حضرموت والمثل الشعبي الذي يقول: "نطح يا ثور وعلى قرنك"، والذي يحكي حال الثور الأهوج الذي يغمض عينيه عندما ينطح وقد لا يستوعب ما الذي ينطحه حتى لو كان شيئاً أكثر صلابة وسماكة من قرنيه مما قد يتسبب بكسرهما. وهنالك مثل آخر قريب منه وهو "غبر يا ثور على قرنك"، والذي يعبر عن الثيران التي تهاجم كتل الرمل بكل شراسة ولكن دون فائدة سوى أنها تضر نفسها بكمية الغبار المهولة على قرونها وجسدها. كلا المثلين ينطبق على الأشخاص المندفعين الذين لا يسيطرون على أنفسهم ساعة الغضب والانفعال ويتسرعون باتخاذ قرارات وعمل تصرفات بلا قيمة ولا تأثير حقيقية سوى إلحاق الأذى والضرر بأنفسهم فقط.
محطتنا التالية في أميركا عام 1938م مع الروائي الأميركي مونرو ليف وروايته (قصة فرديناند The Story of Ferdinand)، حيث تروي قصة الثور الصغير فرديناند قرب مدريد، في مزرعة للثيران التي تتصارع وتتنافس لكي تصبح أقوى وتصل إلى المجد الكبير عبر الوصول إلى الحلبة الكبرى أمام آلاف الجماهير، ومع ذلك فالثور فرديناند يتجاهل هذا كله ويفضل قضاء الوقت وحيداً للاستمتاع بشم الورود تحت شجرة الفلين في سلام وأمان، ويستمر الحال هكذا ويكبر فرديناند ليصبح ثوراً ضخماً ولكنه ما يزال بقلبه الرحيم المحب للطبيعة بين الزهور بعيداً عن الصراعات، ويصادف في أحد الأيام أن يزور مجموعة من الرجال مزرعة الثيران لاختيار أقوى الثيران لحلبة المصارعة، وبينما تتأهب الثيران يجلس فرديناند بعيداً يستمتع بالزهور لتلسعه نحلة فيجن جنونه مع الألم ويركض بعنف في المزرعة مدمراً ما بطريقه، الأمر الذي أثار إعجاب الرجل ليختاروه للحلبة ويطلقوا عليه لقب "فرديناند الشرس!"، ينتقل الثور إلى مدريد ليدخل حلبة المصارعة وسط هتاف الجماهير وصرخاتهم وحماسهم، وتقوم إحدى المشجعات بإلقاء باقة ورد في الحلبة، وبينما المصارعون يشهرون سيوفهم وأسلحتهم استعداداً للانقضاض على الثور فرديناند، يتفاجؤون به وهو يتجاهل القتال ويجلس في منتصف الحلبة ليستمتع برائحة الورد في الباقة التي رمتها المشجعة رافضاً تماماً الدخول في القتال رغم صياح الجمهور وغضب المصارعين العارم، وفي نهاية الأمر ومع إصرار فرديناند على رفض القرار يتم إعادته إلى المزرعة ليكمل حياته في سلام ليستمتع مع الأزهار تحت ظلال الأشجار.
هذه القصة يمكن أن تعبر عن الكثير من الفوائد والدروس ومنها:
لا تسمح لخصومك أو ظروف الحياة أن تستدرجك لنزاعات بلا معنى.

لا تخدعنك المظاهر والانطباعات الأولية وتبني عليها أحكاماً أبدية.

ابحث عن السعادة ولو في أبسط الأمور، واستمتع بلحظات حياتك مهما صعبت الظروف.

امتلك رأيك ونظرتك الخاصة ولا تسر خلف القطيع دون تفكير.
وختاماً، من حسن حظ الثيران أنهم لا يفهمون ما يقوله الناس عنهم ويواصلون عملهم ولا يتأثرون بأي أوصاف سيئة أو عدم تقدير من أصحابهم، ومع ذلك فهنالك من يمتدح الثيران أحياناً كقول راشيل راي: "أحب الشعور وكأنني ثور في نهاية اليوم، أحب العمل الجاد!".





http://www.alriyadh.com/1995703]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]