المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القصيمي وجهة نظر مختلفة



المراسل الإخباري
02-04-2023, 03:09
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png "ليس من اليسير أن تكتب عن عبدالله القصيمي، فهو شخصية إشكالية جدلية، وسيرته تحول راديكالي وفكره مُحرّم كبير"، بهذه الكلمات بدأ الكاتب والباحث الدكتور عبدالله القفاري مقدمة كتابه "عبدالله القصيمي، حياته وفكره". تتبع الكاتب تاريخه ومراحل حياته وتحولاته، وتوقف كثيراً عند تحليل أفكاره، قرأ أكثر ما كتب عن القصيمي من أطروحات، كأطروحة الدكتور أحمد السباعي، وأطروحة الباحث الألماني يورغن فازلا، وتعرف عى صديقه الذي لازمه خمسين عاماً المصري إبراهيم عبدالرحمن، وشدّ الرحال إلى القاهرة أكثر من مرة للقاء هذا الصديق ليقترب أكثر من شخصية القصيمي بكل ما تحمل من مفاجآت، ومن خلال هذا الصديق تعرف على العديد من أصدقاء القصيمي وجلسائه من السعوديين واليمنيين وغيرهم، وكانت ترجمة أطروحة الألماني يورغن فازلا عن القصيمي خير معين على كشف الكثير من التفاصيل التي لا غنى عنها.
القصيمي ظاهرة غريبة تستحق القراءة والبحث والاستفادة، ذلك أنه عاش في فترة اتسمت بالكثير من الأحداث، فقد عاصر الجوع والفقر وانفصال الوالدين، عاش الفقر والجفاف العاطفي بكل تداعياته، وتغرب في سنّ العاشرة، فانتقل إلى الرياض لتأمين لقمة العيش، حيث عاش في ظروف صعبة، في بيوت طينية ضيقة، وسكن مع مجموعة كبيرة في غرفة واحدة تخلو من أبسط شروط الصحة والنظافة، ويشير لهذه الفترة بأنه كان هارباً من جحيم لجحيم، ثم تأخذه الصدف إلى الشارقة ليلتقي بوالده الذي وصفه بالشخص المتعصب بلا حدود، والقاسي في تربيته، وكأن العبوس والفظاظة شرط للتدين الصحيح، كان يقسو عليه قسوة يصعب وصفها بهدف أن يجمع كل العلوم والأخلاق في جرعة واحدة يقدمها له، ظروف كثيرة وصدمات قاسية أثرت في روحه الغضة وزادت من ضياعه وتشرده وغربته وعذابه، لكن في المقابل وجد القصيمي في الشارقة بارقة أمل في التعليم الحقيقي الذي كان يجذبه ويثير شغفه، وبعد عام ونصف من وصوله الشارقة توفي والده، لكن الله يسر له التعرف على تاجر يدعى عبدالعزيز بن راشد الذي وصفه بالطيبة والصلاح، لينتقلا معاً إلى الزبير محطتهم الأولى، ثم إلى الهند طلباً للعلم في مدرسة مشهورة بأهل الحديث، كانت مدرسة داخلية تعلما فيها اللغة العربية وأصول الشريعة والفقه والحديث، وبقيا فيها عامين، توجها بعدها إلى العراق، ولم يطل بهما المقام في بغداد ليتوجها إلى القاهرة حيث الأزهر، والتحق به القصيمي ورفيقه في عام 1927 وهو في سنّ التاسعة عشر.
أحداث كثيرة ومحطات مختلفة لم أتطرق إليها، ومواقف مختلفة لا تسمح مساحة المقال المحدودة لذكرها، لكن يمكن أن ألخص أهم الدروس بما يلي:
أولاً: الطفولة القاسية والجافة عاطفياً، والتنقل بين المدن والمدارس المختلفة، ثم الوجود في النهاية في الأزهر، وهي أفضل جامعة ثقافية وعلمية ودينية في ذلك الوقت، حيث وجد نفسه كطالب في تلك المؤسسة العريقة التي أثرت فيه كثيراً، لكن التأثير الأكبر والتغيير الحقيقي في فكره كان في حبه النهم للقراءة المتنوعة، وتوفر مختلف الكتب الدينية وغيرها من الكتب المترجمة والتي أثرت في توجهاته، إضافة إلى قدرته على التحليل والخروج من أسر الثقافة السائدة إلى العالم الرحب، مع القدرة على النقد والتحليل والشكّ الذي هو زاد المفكر للبحث الحقيقة بكل أبعادها.
ثانياً: بدأت مصاعبه الحقيقية بعد تأليفه كتابه "هذه هي الأغلال" لأنه يحوي أفكاراً خرجت قبل أوانها، فالغالبية من المتلقين فهموه على أنه يعني الدين، لكن المحتوى غير ذلك. فهو ينتقد الثقافة السائدة والتراث، وما يحفل به من دعوة إلى الزهد بالحياة والتواكل وسوء فهم للقضاء والقدر، كما كان ينادي بتعليم المرأة، وهو ما يتعارض مع الفكر السائد، كما فتح جبهة مع العسكر حين شنّ في مراحل متأخرة الكثير من الهجوم على الأنظمة الانقلابية والتي بدأت في كل من مصر وسورية والعراق، وكيف أنها كممت الأفواه، وصادرت كل جميل في بلدانها والعالم العربي.
ثالثاً: أشاد بالحضارة الغربية وما تعيشه من تقدم، ليس من قبيل المباهاة، ولكن للمقارنة بين ثقافة البناء والابتكار، وبين ثقافة التلقين والاجترار، بين العيش في الحاضر من أجل المستقبل وبين العيش في الماضي وقيوده، حذر من الصهيونية وقوتها العلمية، فاتهموه أنه معجب بها، لكن مخاوفه تأكدت بعد ذلك بسنوات على أرض فلسطين.
لا تزال الكثير من الأفكار التي نادى بها عبدالله القصيمي صالحة للدراسة والنقاش، فرغم الشك والقلق والتحولات الجذرية في حياته، إلا أنه يحمل صدقاً مع الذات والآخر كما أشار المؤلف عبدالله القفاري في مقدمة كتابه القيم الذي اختفى من المكتبات، وآمل أن يجد من يعيد طبعه وتوزيعه لإثراء المكتبات العربية ومعارض الكتب بهذا الكتاب القيم.




http://www.alriyadh.com/1995840]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]