تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الدرعية أكروبوليس اليونان وكولوسيوم الرومان



المراسل الإخباري
02-16-2023, 03:27
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
يوم التأسيس فرصة لإعادة ترتيب هوية الدولة السعودية، وإظهار واقعها وعدم اختلافها عن بقية دول العالم في اهتماماتها الإنسانية، وفي حرصها على أن تكون القبلة الأنسب للاستثمار والسياحة وصناعة الترفيه وجودة الحياة..
يوم الأربعاء المقبل الـ22 من فبراير لن يكون يوماً عادياً بالتأكيد، لأنه سيوافق الذكرى الثانية للاحتفاء بتأسيس الدولة السعودية في العام 1727 أو قبل قرابة ثلاث مئة عام، والتي بدأها الإمام محمد بن سعود وعمره لم يتجاوز الثلاثين عاماً وهذه المدينة التاريخية، التي كانت عاصمة للدولة السعودية الأولى سيتم إحياؤها من جديد في زمن الرؤية وعرابها، وذلك ضمن مشروع بوابة الدرعية الذي بدأ في نوفمبر 2019، وستعود إلى ما كانت عليه في القرن الثامن عشر الميلادي، ومن الشواهد، سباقات الفورمولا إي، وعرض الملاكمة على لقب الوزن الثقيل، وكأس التنس الدولي، ومهرجان الفروسية، وغيرها من المناسبات الإقليمية والدولية، علاوة على تسجيل حي طريف بالدرعية، في قائمة التراث العالمي بالعام 2010، وقد اختيرت الدرعية بمباركة الإلكسو كعاصمة للثقافة العربية في 2030.
الدولة السعودية الأولى لم تكن طارئة على محيطها أو مستوردة، وقد وقف إلى جانبها رجل الدين والتاجر وشيخ القبيلة، وانضمت تحت لوائها كل الإمارات النجدية وبعض دول الخليج الحالية، ومعها الأحساء ومكة وجدة والمدينة وتهامة، وتناوب على حكمها أربعة أئمة هم: الإمام محمد بن سعود، والإمام عبدالعزيز بن محمد، والإمام سعود الكبير، والإمام عبدالله بن سعود، واستمرت قائمة لمدة 94 عاماً، قبل أن يسقطها المستعمر العثماني من الدرعية، وحاول الأمير مشاري بن سعود شقيق الإمام عبدالله استعادتها، ولكنه لم ينجح وفقد حياته، وكتب المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي أن إبراهيم باشا أقام في الدرعية تسعة أشهر، وعمل على أخذ خمس مئة أسرة من أسرها، وأرسلها إلى مصر وإسطنبول لتباع في سوق العبيد، وتأتي هذه المحاولة العثمانية لتفتيت الدولة السعودية وإلغاء وجودها، والسبب هو أحقيتها في قيادة العالم الإسلامي، مقارنة بالمماليك والعثمانيين، لأصولها العربية وهويتها الإسلامية وكثرة مناصريها، ولأنها جزء من نسيج الجزيرة العربية نفسه.
السعوديون لم يغيبوا طويلا، فقد أسسوا دولتهم الثانية وعاصمتها الرياض بعد سبعة أعوام، وكان مؤسسها الإمام تركي ابن الأمير عبدالله بن محمد شقيق الإمام عبدالعزيز، واستمرت لما يزيد على 69 عاماً، وحكمها بعد الإمام تركي ابنه الإمام فيصل، ومن ثم الأئمة عبدالله وسعود وعبدالرحمن أبناء الإمام فيصل، ونتيجة للأحوال غير المستقرة في نجد جاء السقوط الثاني، ولم يمنع هذا من عودتها مجددا وبعد عشرة أعوام، مع الملك عبدالعزيز ابن الإمام عبدالرحمن بن فيصل في عام 1902، مؤسس الدولة السعودية الحديثة، المشابهة في حدودها السيادية لدولة الإمام محمد بن سعود، وفي عاصمتها لدولة الإمام تركي بن عبدالله، وتعاقب على الحكم بعد المؤسس أبناؤه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله - رحمهم الله -، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله -.
يأتي يوم التأسيس وتحضر معه فلسفة الإمام المؤسس، وطريقته العبقرية في الحكم والإدارة، التي نقلت مجتمع الجزيرة العربية من حياة الشتات والصراعات، إلى حياة السلام والأمان والوحدة، فالجزيرة العربية لم توحد إلا مرتين، الأولى في زمن النبوة والخلافة الراشدة، والثانية في دولة الإمام محمد بن سعود، وإذا كانت الدول العربية وبعض الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة تحتفل باستقلالها، فإن المملكة تحتفل بتأسيسها وبإقامة دولة لم تعرف المستعمر طوال تاريخها، والهوية السعودية لم تتغير منذ الدولة السعودية الأولى ولكنها تطورت، بما ينسجم وظروف الزمان والمكان واحتياجات الناس وأولوياتهم الحياتية، في محاكاة لما فعله الإمام محمد بن سعود، فقد عرفت الدرعية في عهده أكبر سوق تجاري على مستوى الجزيرة العربية، ووصفه موجود عند المؤرخ ابن بشر، وأصبحت من المدن الاقتصادية المهمة ومحطة مركزية على طريق الحج، بالإضافة لأنه أمن البلدات المجاورة لعاصمة الدولة ضد أعدائها، وبما يضمن استقرارها في مواجهة المتربصين بها.
الدرعية عند السعوديين لا تختلف عن أكروبوليس عند اليونانيين، ولا عن الكولوسيوم عند الرومان، ولا عن ماتشو بيتشو في حضارة الإنكا، لأنها تمثل البداية لكل شيء، والمملكة تستحوذ على ما نسبته 45 % من مياه البحر الأحمر، ولديها خمسة مواقع تاريخية مدرجة في اليونسكو، ويحرص سمو ولي العهد على زيارة القادة ورؤساء الدول للدرعية، ويرغب في رؤية إنجاز مشابه في المملكة على طريقة ما قام به لي كوان يو في سنغافورة، وخلال 15 عاماً وليس 50 عاماً، بحسب العارفين، ومعه كل الحق رغم فارق المساحة.
يوم التأسيس فرصة لإعادة ترتيب هوية الدولة السعودية، وإظهار واقعها وعدم اختلافها عن بقية دول العالم في اهتماماتها الإنسانية، وفي حرصها على أن تكون القبلة الأنسب للاستثمار والسياحة وصناعة الترفيه وجودة الحياة، ولا بد من مراجعة مناهج التاريخ، وإعطاء الدولة السعودية بمراحلها الثلاث ما تستحقه من عناية بالتفاصيل، ومن إبراز للمحطات المفصلية فيها ورجالاتها وبطولاتهم، وربط مواقفهم وإنجازاتهم بالواقع الحالي، ومعها تفعيل البحث العلمي لتقديم رؤية وطنية منصفة عنهم.




http://www.alriyadh.com/1997864]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]