تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : يوم التأسيس بوصفه عصراً أدبيّاً



المراسل الإخباري
02-18-2023, 08:38
http://www.alriyadh.com/media/thumb/ae/82/800_d2b825d129.jpg يوُصَف التحقيب الأدبي بأنه وضع حدود زمنية فاصلة للحركة الأدبية عندما تتأثر بظروف مختلفة، فتبدأ بتاريخ محددّ، أو حدث معين، ويُطلق على تلك الفترة (العصر الأدبي)، ويضطلع برصدها، وتحديد مساراتها مؤرخو الأدب، منطلقين من الاشتغال على كثير من العوامل التاريخية، والظروف السياسية، والمؤثرات الدينية، والاجتماعية، والاقتصادية، وغيرها؛ ومن هنا يختلف العصر الأدبي عن العصر الزمني من حيث طبيعة الأدب ذاته، لا التاريخ نفسه، ودليل ذلك أنك قد تجد شاعراً قديماً عاصر فترة ما قبل الإسلام (العصر الجاهلي)، وعصر صدر الإسلام،(عصر النبوة)، وعصر (الخلافة الراشدة)، كحسان بن ثابت –رضي الله عنه– الذي توفي في خلافة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، ومع هذا فقد عاش في عصور أدبية مختلفة، وإن عاش في عصر زمني واحد، وينسحب هذا المثال على كثير من الشعراء المخضرمين الذين عاشوا بين فترتين أو أكثر.
على أن التحقيب الأدبي لا يخضع لقوانين صارمة، أو قواعد ثابتة، وإنما يقدر تقديراً من قبل مؤرخي الأدب بحسب الظروف المحيطة بكل عصر؛ لذا قد تختلف الأعصر الأدبية في تسميتها، أو في تحديد زمنها، من مؤرخ إلى آخر، ومن ناقد إلى غيره، لكن المتفق عليه عند كثير من المشتغلين في الحقل الأدبي أن العصر الجاهلي هو ما قبل الإسلام بنحو قرنين ونصف من الزمن، وأن عصر النبوة والخلافة الراشدة هو عصر صدر الإسلام منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عام 41هـ، وأن العصر الأموي يبدأ من ذلك التاريخ إلى عام 132هـ، وأن العصر العباسي يبدأ من 132هـ إلى 656هـ، وأن العصر الذي يليه هو عصر الدول والإمارات المتتابعة، ويمتد من 656هـ إلى 1213هـ، وهو التاريخ الذي يجعلونه بداية العصر الحديث إلى يومنا هذا.
ولأن جملة من مؤرخي الأدب اجترحوا عصوراً أدبية أخرى، كالعصر الأندلسي، والعصر الأيوبي، والعصر المملوكي، وغيرها من العصور، ناظرين في ذلك إلى اعتبارات متنوعة؛ فإننا من هذا المنطلق نجد أن يوم التأسيس السعودي الموافق للثلاثين من شهر جمادى الآخرة من العام (1139هـ)، الثاني والعشرين من شهر فبراير من العام (1727م)، حدث كبير ومهم في التأسيس للعهد السعودي الزاهر، غير أن بعض مؤرخي الأدب في الوطن العربي لا ينظر إلى هذا اليوم سوى من الناحية التاريخية والسياسية، دون أن يتوقفوا عنده بوصفه بداية عصر أدبي جديد. إن هذا اليوم التاريخي المهم في العصر الحديث، هو يوم تأسيس بحق، فهو تأسيس لعصر تاريخي جديد، وهو كذلك تأسيس لعصر أدبي حديث، والأَولَى أن تُعزى بداية الأدب في العصر الحديث إليه؛ ذلك أن يوم التأسيس السعودي يسبق ذلك التاريخ الذي حدّده مؤرخو الأدب بداية للعصر الحديث، وهو (1213هـ)، والحق أن من يتأمل الحركة العلمية والأدبية التي رافقت جهود الشيخ محمد بن عبدالوهاب، والإمام محمد بن سعود -رحمهما الله- منذ ذلك التاريخ، سيلمس جهداً علميّاً واضحاً، وأثراً أدبيّاً بيّناً، يجعلنا أمام بداية عصر جديد.
ولعل في مؤلفات الشيخ، ومراسلات الإمام، وما واكبهما من علم متصل، وأدب متتابع، وحركة علمية وأدبية متصاعدة فيما بعد، هو أمر يؤكد ذلك السبق، بل إن من يتأمل مسار الأجناس الأدبية منذ ذلك الحين، سيدرك أن يوم التأسيس يوم يصح أن يكون منطلقاً لعصر أدبيّ جديد.




http://www.alriyadh.com/1998163]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]