تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تقليد خشن



المراسل الإخباري
02-19-2023, 22:25
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png العقل المتماسك لا يخضع للتأثير الفارغ، ولا يقبل بالتقليد المائل، حقيقة استقلال الذات تنطلق من ثبات الوعي واتزان العقل ولا يمكن لأي فرد أن يحظى بقيمة ذاتية وهو يضع سلوكه بين أصابع الهزيمة النفسية، ولا يمكن لأي شخص أن يرتاح في حالة عيشه وهو يراقب من حوله ويتعلم من أفعالهم بلا فرز للحق والباطل والصائب والخاطئ والصحيح وغيره.
بعضنا يحمل داخله شعارات الضعف حينما يفكر بعقل غيره ونواياه، ويواصل حياته مرتبكا بين أهواء الآخرين "الكل يسوي كذا" يرددها الكثير ليبرر لنفسه ما يفعله من سيئ الفعل، ويخدع غيره بسيئ القول، عبارة غير مستقيمة، مملوءة بالفراغ، ومفرغة من العقل، يرددونها بكل سهولة وهي صعبة، ويكررونها في كل موقف بلا مبالاة.. "الكل يسوي كذا" ذلك القانون الذاتي الكريه، والسلوك الذهني الخائب، "الكل يسوي كذا" هو تفصيل لمفهوم "الإمّعة" المائل، فحتى الإمعة هو الذي يحسن إذا أحسن الناس ويسيء إذا أساؤوا، ولكن صاحب قانون "الكل يسوي كذا" هو يسيء في كل الأحوال، وفعله تطبيق حي لمصطلح الاستلاب، "الكل يسوي كذا "هي جملة تصفع العقلاء بمنطق الجهلة، وهي مقولة تبرز الجهل في قالب الوهن.
"الكل يسوي كذا" وجه مليء بملامح الفساد والإفساد في مستويات مختلفة، يكذب أحدهم كذبته ويردد الكل يكذب كذا، يخون أمانته ويقول الكل كذا، يرتشي ويبرر بأن الكل والأمور ما تمشي إلا كذا، يلف ويدور ويذكر بصخب كل الذين حولك كذا، يفسد هنا وهناك ويضج بجملة الكل يعمل كذا، يخدع ويحتال وينصب ومعياره الحياة تبغى كذا والكل يسوي كذا، ومصالحك ما تحصل عليها إلا كذا.
هكذا بدا المشهد؛ فمقاييس المحاكاة السيئة، والتشبه المكروه، والتقليد السقيم التصق بثقافة الكثير وفلسفته التي أبعدته عن قيم دينه القويم، وأقصته عن واقع الحق والفضيلة، المرء لا يحمل وزر غيره، مع ذلك أصر بعضهم إلا أن يحمّل الآخر مبرر سوء عمله، لقد أنتج هذا الواقع أفرادا لا يملكون رشدا ولا إدراكا فكان المجتمع هو الضحية، وتعززت مشاهد الانفلات النفسي، والتدني الأخلاقي في كثير من مجتمع نظن أن أغلبه مجتمع متدين ومحافظ على فضائل التوجيه الديني.
وبسوء أثّرت هذه الصور وتلك الأساليب عند الكثير على مبادئ جليلة تكون بين البر والتقوى والأمانة، فجعلت بعضهم يتسلح بمبرراته الواهية حيث يرى أن تردي الأمور وانتشار المرفوض، وتفشي الممنوع كان مبررا لأن يفعل ما يريد، ونظامه "الكل يسوي كذا" فغدوا لا يعون ما يفعلون، وصار منطقهم قاصرا بحدود منافعهم، وبمنتهى مصالحهم، وبغاية أهدافهم.
ويبقى القول: حين تعتركنا الحياة وعاطفتنا مسلوبة بسبب تأثير قناعات خشنة تموج بنا في إشكالات ذاتية تصعّب عيشتنا لأننا؛ بل لأنهم لم يسمحوا بأن نعيش حياة طبيعية بملكنا وحقيقتنا وطاقتنا وقناعاتنا.. والمشكلة القصوى أننا نتجاهل قوله - عز وجل -: "كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ" ولا نستشعر المعنى الجليل فيها، ولا نستوعب مضمونها القيّم، هنا سنكون خاسرين بكل المعايير، ولن تكون حياتنا سهلة مادامت قوانين الآخر الخاصة تقودنا تقليداً واتباعاً.




http://www.alriyadh.com/1998320]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]