المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأزمة الأوكرانية بين الحكمة الصينية والقوة الأميركية



المراسل الإخباري
02-27-2023, 03:56
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
الظهور الصيني في الأزمة الأوكرانية عملية سياسية هدفها خدمة المصالح الصينية في الأزمة التايوانية، والنموذج الأوكراني في حال تحقيقه نصراً على روسيا - الدولة العظمى - سيكون مثالاً استراتيجياً يمكن قيادة تايوان لمثله في المستقبل..
وزير خارجية الصين قال عن بلاده: إنها ستواصل حث محادثات السلام وتوفير الحكمة الصينية للتوصل إلى تسوية في الأزمة الأوكرانية، ولعل التفسير الأكثر دقة لأسباب المشروع الصيني أو دوافعه مرتبط بتصريحات المسؤولين الصينيين بأن بكين تسعى للحصول على دور في تسوية السلام في أوكرانيا، الصين مثلها مثل بقية دول العالم تشعر بالقلق من استمرار الحرب الذي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى أن تخرج هذه الحرب عن السيطرة، هناك قلق صيني واضح من أن انتصار الطرف الأوكراني في الأزمة سوف يؤدي إلى نشوء حالة مماثلة في تايوان، ولذلك وجدت الصين نفسها مضطرة إلى الدخول المباشر على الخط في الأزمة وتقديم مقترح للسلام.
وزارة الخارجية الصينية نشرت على موقعها الموقف الصيني من تسوية الأزمة الروسية - الأوكرانية وقد شمل هذا الموقف اثنتي عشرة فقرة احتوت على نقاط مهمة تستدعي التوقف عندها، ففي الفقرة الثامنة من هذا المشروع تركيز مباشر على "الحد من المخاطر الاستراتيجية" وهذا يعنى أن الصين تشعر أن هناك احتمالات عالية الحدوث بين الأطراف في إمكانية استخدام الأسلحة النووية والذهاب إلى حرب نووية مبتكرة في طريقتها، حيث أكدت هذه الفقرة في المشروع الصيني "بأنه يجب منع الانتشار النووي وتجنب الأزمة النووية، وتعارض الصين بحث الأسلحة الكيميائية والبيولوجية وتطويرها واستخدامها من جانب أي بلد تحت أي ظرف من الظروف".
الفقرة الثالثة من المشروع الصيني أكدت على وقف الأعمال العدائية، ويبدو أن الصين ترغب في إرسال إشارة واضحة لأميركا تحديداً بأن الصراع والحرب لا يفيدان أحدا، فهناك شعور صيني بعدم عقلانية الحرب، وأنها يمكن أن تخرج عن السيطرة إذا لم تتميز الأطراف بالعقلانية وضبط النفس "وتتجنب تأجيج النيران وتفاقم التوترات وأن تمنع الأزمة من التدهور أكثر أو حتى الخروج عن نطاق السيطرة، وينبغي لجميع الأطراف أن تدعم روسيا وأوكرانيا بالعمل في نفس الاتجاه واستئناف الحوار المباشر في أسرع وقت ممكن، بغية تهدئة الحالة تدريجيا والتوصل في نهاية المطاف إلى وقف شامل لإطلاق النار"، هذه الفقرة يبدو أنها رسالة مباشرة للولايات المتحدة الأميركية وهي تعبير مباشر عن عدم رضا الصين عن الموقف الجامح لأميركا ورئيسها في هذه الأزمة وخاصة بعد ظهور الرئيس بايدن المفاجئ في شوارع أوكرانيا قبل أيام.
الموقف الصيني رافض وبشكل قاطع للعقوبات الأميركية على روسيا والفقرة العاشرة من المشروع الصيني تركز على هذا الجانب بوضوح "وقف العقوبات الأحادية الجانب" الصين ترى أن العقوبات سواء بشكل منفرد أو جماعي والضغط بإفراط على روسيا لن يؤدي إلى نتيجة يمكنها أن تحل هذه المسألة ونصت هذه الفقرة أن مثل هذا العمل سيؤدي إلى خلق مشاكل جديدة وليس أكثر، وتحاول الصين إعادة الأزمة الأوكرانية إلى المؤسسات الدولية عبر رفضها لأي عقوبات لا تكون صادرة أو مصرحة من قبل مجلس الأمن الدولي، ومن الواضح أن الأزمة الصينية - الأميركية تتبلور بشكل مختلف في جزء مهم من العالم والصين ترغب في أن تجد نفسها في المعلب الأميركي في أوروبا في محاولة جادة للرد على الوجود الأميركي في الملعب الصيني في تايوان.
الظهور الصيني في الأزمة الأوكرانية عملية سياسية هدفها خدمة المصالح الصينية في الأزمة التايوانية، والنموذج الأوكراني في حال تحقيقه نصرا على روسيا - الدولة العظمى - سيكون مثالاً استراتيجيا يمكن قيادة تايوان لمثله في المستقبل، الاندفاع الأميركي الهائل لتقديم المعونات لأوكرانيا كبير جدا إلى درجة أن العالم أصبح يشعر بأن الرئيس بايدن وكأنه في منصب المبعوث الأميركي للأزمة الأوكرانية بجانب كونه رئيسا لأميركا، الذي علق على المشروع الصيني بأنه في خدمة روسيا وليس أكثر، وهذه المؤشرات مقلقة للعالم لأن استمرار هذه الحرب سيجلب الكثير من الأطراف وقد يفاجئنا الفضاء السياسي قريبا بتحالفات تقسم العالم إلى ثلاثة أقسام بين مؤيد ومعارض ومحايد كمؤشر لعودة الحروب الباردة بنمط أكثر قلقاً للعالم.
السلام في أوكرانيا وعلي المستوى الدولي يختبر فلسفات سياسية يمثلها مشروع صيني يرغب في تقديم نفسه عبر فلسفة الحكمة الصينية التي يمكنها أن تغير من واقع العالم الذي عاش لسنوات طويلة تحت تأثير مفهوم القوة الأميركية، ما يبدو للعالم في هذه الأزمة أنها تتجه نحو خيارات صعبة، فالصين لن تسمح لأوكرانيا أن تنتصر على روسيا لأن النموذج التايواني ينتظر النتيجة، وأميركا لن تسمح لروسيا بالانتصار لأن في ذلك تهديدا للقوة الأميركية، وهنا لا بد من القول إن خيارات الخروج الدولي من هذه الأزمة أصبحت ضيقة كما لم تكن من قبل.




http://www.alriyadh.com/1999697]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]