المراسل الإخباري
03-11-2023, 03:06
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
العلم كأحد أهم الرموز يعمل ضمن منظومة أخرى من الرموز التي قد لا تصل إلى حضوره وقوته، لكنها جميعاً تصنع الهوية وتمثل مصدر الانتماء وتحدد الشخصية العامة لأي مجتمع...
غالباً ما يتعامل كثير من الفلاسفة مع الهوية على أنها حالة فلسفية تتجاوز الرسائل المباشرة التي تختلط بها وتشكل المعاني العميقة التي غالباً ما تحدد سمات الهوية، فهي حالة غائرة في العقل تظهر في المواقف التي تتطلب التعبير عن الانتماء، كما أنها تعبير تراتبي يبدأ من الهوية الفردية إلى الانتماء إلى مجتمع ومكان أو ما يطلق عليه وطن. تمثل الهوية في هذه الحالة «مركبة» الارتباط بين مجموعة من البشر ربما لم يلتقوا ببعضهم في يوم لكنهم يشعرون بأن هناك رابطاً يجمعهم. يبدو أن هذا الشعور الذي يصعب وصفه بالكلمات ويتشكل عبر الزمن وينمو ليمثل «الشخصية» وأسلوب الحياة ومنهجاً يؤطر المنتج الثقافي والفني للأفراد والمجتمع، هو كذلك شعور يسمح بالتعدد داخل إطار وحدة الهوية، فكل وحدة حية لا بد أن تكون قادرة على خلق التعددية داخلها. ربما هذا يقودنا إلى التفكير في «الهوية المرنة» التي تسمح بالتوسع والتعدد الثقافي لكنها لا تدفع هذا التوسع إلى الخروج عن إطارها الجوهري الذي يحدد ماهيتها.
تحتفل السعودية بيوم العلم هذا اليوم السبت 11 مارس، وهو احتفال يدفع بمسألة الهوية إلى الصدارة، إذ إن العلم يستحضر قوة «الرمز البصري» الذي عادة ما يقترن بالهوية كخطاب مرئي يعبر عن الهوية على مستويين، الأول: بين أعضاء المجموعة التي اتفقت على الارتباط بالرمز البصري وعادة ما توظفه للتعبير عن مرجعيتها المشتركة، والثاني: بين هذه المجموعة والآخر من خارج هذه المجموعة للدلالة على وحدة هذه المجموعة واتفاقها فيما بينها على هوية واحدة يتنوعون داخلها. هذا يجعلنا نرى أن الاحتفال بيوم العلم احتفالاً بيوم الوحدة الوطنية التي تجمعنا مقابل الآخر الذي يختلف عنا اختلافاً قليلاً أو كثيراً، وكيف أن هذه الوحدة تطبع كل واحد منا بطابعها رغم تبايننا الجغرافي واللساني واختلافاتنا الفردية. عندما نتحدث عن الثقافة السعودية أو الفن أو العمارة أو أي حرفة أو صنعة ونصفها بأنها سعودية فإننا بشكل أو بآخر نشير إلى الرموز البصرية، والذي يعبر عن هذه الصفة هو «العلم».
رغم أن الهوية تتطور وتنمو وتتحول إلا أن رموزها البصرية تظل ثابتة وقوية، ونادراً ما تضعف إلا إذا ضعفت البنية الجوهرية التي ولّدت هذا الرمز، ونحن نتحدث عن تلك الرموز التي يصعب تغييرها أو استبدالها وتكون قد رسخت في أذهان الأجيال، وهذا ما يجعل للرمز قوته التي يصعب إزالتها أو التقليل من تأثيرها. الاحتفاء بالعلم هو نوع من استحضار هذه القوة التي نفخر بانتمائنا لها، فهي تقوينا كأفراد كما تقوينا كمجتمع متجانس وموحد. كما أنه احتفاء سيؤكد باستمرار أن البنية الجوهرية لمجتمعنا، التي تجعلنا نشكل وطناً واحداً، ستظل متماسكة وقوية، تُخلق الرموز مع حدث فارق يجعل من الرمز مرجعاً يشير إلى ذلك الحدث، ففي 11 مارس 1937م أقر الملك عبدالعزيز -رحمه الله- علم المملكة، الدولة الوليدة، أي بعد إعلان التوحيد بخمسة أعوام تقريباً. وعندما تخلق الرموز تبدأ في التغلغل في عقول الناس ومشاعرهم وتتحول إلى ما يشبه «المقدس» خصوصاً أن علم المملكة يحمل عبارة «الشهادة» التي تشير إلى الانتماء الديني والثقافي العميق، ويرمز للعدل والقوة في الوقت نفسه.
من البداية كان العلم السعودي، كرمز بصري، يحمل معاني واضحة تحدد الهوية، ورغم أنه ليس بالضرورة أن الرموز تحمل معاني مباشرة كما هو الحال في العلم السعودي، إلا أن وجود طبقات من المعاني في الرمز تزيد من الارتباط به وتخاطب الآخر بلغة صامته وتقول له كيف يفكر المرتبطون بالرمز وإلى ما ينتمون إليه، إنه تعبير مباشر وصارخ عن الهوية. العلم كأحد أهم الرموز يعمل ضمن منظومة أخرى من الرموز التي قد لا تصل إلى حضوره وقوته، لكنها جميعاً تصنع الهوية وتمثل مصدر الانتماء وتحدد الشخصية العامة لأي مجتمع.
العلاقة المتلازمة بين أي هوية وبين منظومة الرموز التي تعبر عنها تمثل العامل الأهم في صنع ثقافة ما، وعبر التاريخ ميز هذا الترابط جميع الحضارات. ولعل قرار الاحتفاء بيوم العلم يمثل نوعاً من الحافز لخلق ثقافة سعودية متعددة المجالات، وبالنسبة لي كمهتم بالعمارة يدفعني هذا الحدث المهم إلى التذكير بأهمية أن يكون لنا عمارة سعودية في المستقبل، فالعمارة تمثل أحد أهم الرموز البصرية وتشكل لغة تخاطب عميقة بين الشعوب.
http://www.alriyadh.com/2001852]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
العلم كأحد أهم الرموز يعمل ضمن منظومة أخرى من الرموز التي قد لا تصل إلى حضوره وقوته، لكنها جميعاً تصنع الهوية وتمثل مصدر الانتماء وتحدد الشخصية العامة لأي مجتمع...
غالباً ما يتعامل كثير من الفلاسفة مع الهوية على أنها حالة فلسفية تتجاوز الرسائل المباشرة التي تختلط بها وتشكل المعاني العميقة التي غالباً ما تحدد سمات الهوية، فهي حالة غائرة في العقل تظهر في المواقف التي تتطلب التعبير عن الانتماء، كما أنها تعبير تراتبي يبدأ من الهوية الفردية إلى الانتماء إلى مجتمع ومكان أو ما يطلق عليه وطن. تمثل الهوية في هذه الحالة «مركبة» الارتباط بين مجموعة من البشر ربما لم يلتقوا ببعضهم في يوم لكنهم يشعرون بأن هناك رابطاً يجمعهم. يبدو أن هذا الشعور الذي يصعب وصفه بالكلمات ويتشكل عبر الزمن وينمو ليمثل «الشخصية» وأسلوب الحياة ومنهجاً يؤطر المنتج الثقافي والفني للأفراد والمجتمع، هو كذلك شعور يسمح بالتعدد داخل إطار وحدة الهوية، فكل وحدة حية لا بد أن تكون قادرة على خلق التعددية داخلها. ربما هذا يقودنا إلى التفكير في «الهوية المرنة» التي تسمح بالتوسع والتعدد الثقافي لكنها لا تدفع هذا التوسع إلى الخروج عن إطارها الجوهري الذي يحدد ماهيتها.
تحتفل السعودية بيوم العلم هذا اليوم السبت 11 مارس، وهو احتفال يدفع بمسألة الهوية إلى الصدارة، إذ إن العلم يستحضر قوة «الرمز البصري» الذي عادة ما يقترن بالهوية كخطاب مرئي يعبر عن الهوية على مستويين، الأول: بين أعضاء المجموعة التي اتفقت على الارتباط بالرمز البصري وعادة ما توظفه للتعبير عن مرجعيتها المشتركة، والثاني: بين هذه المجموعة والآخر من خارج هذه المجموعة للدلالة على وحدة هذه المجموعة واتفاقها فيما بينها على هوية واحدة يتنوعون داخلها. هذا يجعلنا نرى أن الاحتفال بيوم العلم احتفالاً بيوم الوحدة الوطنية التي تجمعنا مقابل الآخر الذي يختلف عنا اختلافاً قليلاً أو كثيراً، وكيف أن هذه الوحدة تطبع كل واحد منا بطابعها رغم تبايننا الجغرافي واللساني واختلافاتنا الفردية. عندما نتحدث عن الثقافة السعودية أو الفن أو العمارة أو أي حرفة أو صنعة ونصفها بأنها سعودية فإننا بشكل أو بآخر نشير إلى الرموز البصرية، والذي يعبر عن هذه الصفة هو «العلم».
رغم أن الهوية تتطور وتنمو وتتحول إلا أن رموزها البصرية تظل ثابتة وقوية، ونادراً ما تضعف إلا إذا ضعفت البنية الجوهرية التي ولّدت هذا الرمز، ونحن نتحدث عن تلك الرموز التي يصعب تغييرها أو استبدالها وتكون قد رسخت في أذهان الأجيال، وهذا ما يجعل للرمز قوته التي يصعب إزالتها أو التقليل من تأثيرها. الاحتفاء بالعلم هو نوع من استحضار هذه القوة التي نفخر بانتمائنا لها، فهي تقوينا كأفراد كما تقوينا كمجتمع متجانس وموحد. كما أنه احتفاء سيؤكد باستمرار أن البنية الجوهرية لمجتمعنا، التي تجعلنا نشكل وطناً واحداً، ستظل متماسكة وقوية، تُخلق الرموز مع حدث فارق يجعل من الرمز مرجعاً يشير إلى ذلك الحدث، ففي 11 مارس 1937م أقر الملك عبدالعزيز -رحمه الله- علم المملكة، الدولة الوليدة، أي بعد إعلان التوحيد بخمسة أعوام تقريباً. وعندما تخلق الرموز تبدأ في التغلغل في عقول الناس ومشاعرهم وتتحول إلى ما يشبه «المقدس» خصوصاً أن علم المملكة يحمل عبارة «الشهادة» التي تشير إلى الانتماء الديني والثقافي العميق، ويرمز للعدل والقوة في الوقت نفسه.
من البداية كان العلم السعودي، كرمز بصري، يحمل معاني واضحة تحدد الهوية، ورغم أنه ليس بالضرورة أن الرموز تحمل معاني مباشرة كما هو الحال في العلم السعودي، إلا أن وجود طبقات من المعاني في الرمز تزيد من الارتباط به وتخاطب الآخر بلغة صامته وتقول له كيف يفكر المرتبطون بالرمز وإلى ما ينتمون إليه، إنه تعبير مباشر وصارخ عن الهوية. العلم كأحد أهم الرموز يعمل ضمن منظومة أخرى من الرموز التي قد لا تصل إلى حضوره وقوته، لكنها جميعاً تصنع الهوية وتمثل مصدر الانتماء وتحدد الشخصية العامة لأي مجتمع.
العلاقة المتلازمة بين أي هوية وبين منظومة الرموز التي تعبر عنها تمثل العامل الأهم في صنع ثقافة ما، وعبر التاريخ ميز هذا الترابط جميع الحضارات. ولعل قرار الاحتفاء بيوم العلم يمثل نوعاً من الحافز لخلق ثقافة سعودية متعددة المجالات، وبالنسبة لي كمهتم بالعمارة يدفعني هذا الحدث المهم إلى التذكير بأهمية أن يكون لنا عمارة سعودية في المستقبل، فالعمارة تمثل أحد أهم الرموز البصرية وتشكل لغة تخاطب عميقة بين الشعوب.
http://www.alriyadh.com/2001852]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]