المراسل الإخباري
03-16-2023, 03:20
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
هذا الشهر المبارك وإن تضمن ما تضمنه من أنواع العبادات فليس مدعاة للكسل والتراخي في الأعمال، فالإسلام دين القوة والعمل والإنجاز، وتشريعاته لا تستلزم الوهنَ، بل تحاربه وتنقذ الناس منه..
إن هي إلا أيامٌ ويبتهج المسلمون بضيفٍ كريمٍ، ويدخلون في موسمٍ عظيمٍ، يُفتحُ فيه باب الفوز على مصراعيه، وبحلوله يظفر من بلغه الله تعالى هذا الشهر معافى قادراً على العبادة بأمنيةٍ كانت البغية المنشودة لأناسٍ انقطعت أعمارهم دونها، ولآخرين نغَّصها المرض عليهم، وفرحة المسلم بتحقق هذه الأمنية له ينبغي أن يترجمها بالاستفادة من فرص هذا الشهر، والاجتهاد في أن لا ينصرم عنه إلا وقد ربح وفاز، وهذا الموسم - شأنه شأن غيره من المواسم - إنما يجتني أرباحه ومكاسبه من ولج إليه وقد علم ما يطلب وكيف يطلبه، والنتيجة المرجوة من تحصيله، فإنما تنشط النفس للكدِّ في عملٍ إذا رجت من خلاله تحصيل مصلحةٍ أو دفع مضرّةٍ، ولا يكفي أن تتعلق همة الإنسان بتحصيل مصلحةٍ معينةٍ من غير أن يعرف كيف يحققها؛ إذ في ذلك هدرٌ للجهد والوقت، وعليه فعلى المسلم أن يعلم المطلوبَ منه في هذا الشهر، وأن يعرف النهج الموصل إليه، وأن يستصحب استحضار الجزاء المرجو من خلال ذلك، ولي مع موسم رمضان وقفات:
الأولى: المطلوب في هذا الشهر إما واجبٌ وإما نوافل عظيمة القدر، أما الواجب فصوم رمضان لمن لم يقم به عذرٌ شرعيٌ، وقوام الصوم الذي يؤتي به كامل ثمراته الاستتار عن المعاصي والسيئات بواسطة ترويض النفس بالكفِّ عن المفطرات طيلة النهار، وهذه المفطرات كانت مباحة للإنسان في سائر أيام الأشهر الباقية، فإذا مُنع من تناولها في نهار رمضان؛ لتزكية نفسه والسموِّ بها في مراقي الانضباط والزكاء أدرك أنه ممنوعٌ من باب أولى من السيئات والظُّلامات التي كانت ممنوعة في كل وقتٍ وحينٍ، فلم يكن ليكفَّ عما أصله الإباحة ويرتع فيما أصله الحرمة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ"، أخرجه البخاري، وقد تضمن هذا الحديث بيان المطلوب والجزاء المترتب عليه، وأما المندوب فقيام رمضان والعمرة فيه وبذل المعروف فيه وتلاوة القرآن الكريم والاجتهاد في أواخره بالاعتكاف وغيره، والأجور المترتبة على هذا عظيمة لا يليق بالعاقل التفريط فيها.
الثانية: إذا كان الصيام هو الإمساك عن المفطرات وتمامه بالإمساك عن المنهيات، فمن الطبيعي أن لا يتسنى إلا بالصبر والمثابرة؛ ولهذا يسمى رمضان بشَهْرِ الصَّبْرِ، فهو مدرسةٌ رائدةٌ في الانضباط والتحكم في النفس ومشاعرها، فالمطلوب من الصائم أن يكون تامَّ الضبط لنفسه في أحاسيسها ورغباتها الفطريَّة، وفي رَدَّة فعلها إزاء ما يتعرض له من المواقف، فلا يسفه ولو استفزَّه مستفزٌّ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُ، قَالَ: "إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ" متفق عليه، وإذا وفى الصائم بهذا المبدأ أثناء صومه اكتسب دُربة حسنة في صبر النفس على الطاعات وصبرها عن المنهيات، فينعكس الأثر الإيجابي لذلك على حياته بعد انسلاخ شهر رمضان، فيسعه التحلي بكثيرٍ من أنواع التقوى ورحابة الصدر، وحسن معاملة الخلق، بحيث لا يخفى على من يراه أنه اجتاز متطلبات النجاح في مدرسة الشهر الكريم، وأنه عرف أنه لم يكلَّف بمجرد الجوع والعطش، بل هما وسيلة المقصد الأسنى المتمثل في النقاء والصفاء ولو عريا منها لم يقعا الموقع المطلوب فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ" أخرجه البخاري.
الثالثة: هذا الشهر المبارك وإن تضمن ما تضمنه من أنواع العبادات فليس مدعاة للكسل والتراخي في الأعمال، فالإسلام دين القوة والعمل والإنجاز، وتشريعاته لا تستلزم الوهنَ، بل تحاربه وتنقذ الناس منه، والصوم بحد ذاته تشريع يربي على التحمُّل وتذليل الصعاب، وكم أحرز المسلمون في هذا الشهر الكريم من الانتصارات والإنجازات، فعلى المسلم أن لا يرتبط هذا الشهر في ذهنه بالاسترخاء والدعة والراحة، بل بالعكس من ذلك ينبغي أن يضع في باله احتساب التقرب إلى الله بإتقان ما يقوم به من الأعمال الوظيفية، فإتقان العمل والوفاء بمقتضى العقد واجبٌ شرعيٌ، يثاب من نوى التعبد به، وإذا وافق حصول ذلك كونه صائماً في شهر رمضان فقد اجتمعت له عبادات متنوعة في موسم فاضل، وهذا مما يرغب فيه الراغبون في انتهاز الفرص.
http://www.alriyadh.com/2002758]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
هذا الشهر المبارك وإن تضمن ما تضمنه من أنواع العبادات فليس مدعاة للكسل والتراخي في الأعمال، فالإسلام دين القوة والعمل والإنجاز، وتشريعاته لا تستلزم الوهنَ، بل تحاربه وتنقذ الناس منه..
إن هي إلا أيامٌ ويبتهج المسلمون بضيفٍ كريمٍ، ويدخلون في موسمٍ عظيمٍ، يُفتحُ فيه باب الفوز على مصراعيه، وبحلوله يظفر من بلغه الله تعالى هذا الشهر معافى قادراً على العبادة بأمنيةٍ كانت البغية المنشودة لأناسٍ انقطعت أعمارهم دونها، ولآخرين نغَّصها المرض عليهم، وفرحة المسلم بتحقق هذه الأمنية له ينبغي أن يترجمها بالاستفادة من فرص هذا الشهر، والاجتهاد في أن لا ينصرم عنه إلا وقد ربح وفاز، وهذا الموسم - شأنه شأن غيره من المواسم - إنما يجتني أرباحه ومكاسبه من ولج إليه وقد علم ما يطلب وكيف يطلبه، والنتيجة المرجوة من تحصيله، فإنما تنشط النفس للكدِّ في عملٍ إذا رجت من خلاله تحصيل مصلحةٍ أو دفع مضرّةٍ، ولا يكفي أن تتعلق همة الإنسان بتحصيل مصلحةٍ معينةٍ من غير أن يعرف كيف يحققها؛ إذ في ذلك هدرٌ للجهد والوقت، وعليه فعلى المسلم أن يعلم المطلوبَ منه في هذا الشهر، وأن يعرف النهج الموصل إليه، وأن يستصحب استحضار الجزاء المرجو من خلال ذلك، ولي مع موسم رمضان وقفات:
الأولى: المطلوب في هذا الشهر إما واجبٌ وإما نوافل عظيمة القدر، أما الواجب فصوم رمضان لمن لم يقم به عذرٌ شرعيٌ، وقوام الصوم الذي يؤتي به كامل ثمراته الاستتار عن المعاصي والسيئات بواسطة ترويض النفس بالكفِّ عن المفطرات طيلة النهار، وهذه المفطرات كانت مباحة للإنسان في سائر أيام الأشهر الباقية، فإذا مُنع من تناولها في نهار رمضان؛ لتزكية نفسه والسموِّ بها في مراقي الانضباط والزكاء أدرك أنه ممنوعٌ من باب أولى من السيئات والظُّلامات التي كانت ممنوعة في كل وقتٍ وحينٍ، فلم يكن ليكفَّ عما أصله الإباحة ويرتع فيما أصله الحرمة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ"، أخرجه البخاري، وقد تضمن هذا الحديث بيان المطلوب والجزاء المترتب عليه، وأما المندوب فقيام رمضان والعمرة فيه وبذل المعروف فيه وتلاوة القرآن الكريم والاجتهاد في أواخره بالاعتكاف وغيره، والأجور المترتبة على هذا عظيمة لا يليق بالعاقل التفريط فيها.
الثانية: إذا كان الصيام هو الإمساك عن المفطرات وتمامه بالإمساك عن المنهيات، فمن الطبيعي أن لا يتسنى إلا بالصبر والمثابرة؛ ولهذا يسمى رمضان بشَهْرِ الصَّبْرِ، فهو مدرسةٌ رائدةٌ في الانضباط والتحكم في النفس ومشاعرها، فالمطلوب من الصائم أن يكون تامَّ الضبط لنفسه في أحاسيسها ورغباتها الفطريَّة، وفي رَدَّة فعلها إزاء ما يتعرض له من المواقف، فلا يسفه ولو استفزَّه مستفزٌّ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُ، قَالَ: "إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ" متفق عليه، وإذا وفى الصائم بهذا المبدأ أثناء صومه اكتسب دُربة حسنة في صبر النفس على الطاعات وصبرها عن المنهيات، فينعكس الأثر الإيجابي لذلك على حياته بعد انسلاخ شهر رمضان، فيسعه التحلي بكثيرٍ من أنواع التقوى ورحابة الصدر، وحسن معاملة الخلق، بحيث لا يخفى على من يراه أنه اجتاز متطلبات النجاح في مدرسة الشهر الكريم، وأنه عرف أنه لم يكلَّف بمجرد الجوع والعطش، بل هما وسيلة المقصد الأسنى المتمثل في النقاء والصفاء ولو عريا منها لم يقعا الموقع المطلوب فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ" أخرجه البخاري.
الثالثة: هذا الشهر المبارك وإن تضمن ما تضمنه من أنواع العبادات فليس مدعاة للكسل والتراخي في الأعمال، فالإسلام دين القوة والعمل والإنجاز، وتشريعاته لا تستلزم الوهنَ، بل تحاربه وتنقذ الناس منه، والصوم بحد ذاته تشريع يربي على التحمُّل وتذليل الصعاب، وكم أحرز المسلمون في هذا الشهر الكريم من الانتصارات والإنجازات، فعلى المسلم أن لا يرتبط هذا الشهر في ذهنه بالاسترخاء والدعة والراحة، بل بالعكس من ذلك ينبغي أن يضع في باله احتساب التقرب إلى الله بإتقان ما يقوم به من الأعمال الوظيفية، فإتقان العمل والوفاء بمقتضى العقد واجبٌ شرعيٌ، يثاب من نوى التعبد به، وإذا وافق حصول ذلك كونه صائماً في شهر رمضان فقد اجتمعت له عبادات متنوعة في موسم فاضل، وهذا مما يرغب فيه الراغبون في انتهاز الفرص.
http://www.alriyadh.com/2002758]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]