المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدكتور البادي والرحالة الأوروبيون.. دراسةً وتعريباً وتوصيفاً



المراسل الإخباري
03-17-2023, 04:33
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
الإنسان الذي ينحصر في زاوية الخصوصية الحضارية قد يكون في الغالب غير منفتح خارج محيطه التقليدي، فالانكفاء والانغلاق على الذات يعمقان التوتر ويزيدان المخاوف من الآخر، فثراء الروح في الاطلاع المتبادل على فكر الآخر ومعرفته عن قرب قصد حصول التفاهم وانتفاء اللبس..
أحاول في هذا الرصد المنهجي أن أقف على أشكال التجارب الثقافية والفكرية التي مر بها الدكتور عوض البادي، والتي تشكلت عبر قراءات وتأملات ومراجعات ودراسات وخبرات وكونت منه هذه الشخصية العلمية الموضوعية الجادة والتي تتصف بالعمق المنهجي والوعي المعرفي.
تعود بداية علاقتي بالدكتور عوض البادي إلى عام 1987م وذلك عندما التقيته في واشنطن أثناء رئاستي لتحرير مجلة المبتعث وكان أثناءها يحضر الدكتوراه في العلوم السياسية في جامعة ميرلاند.
ولقد كنت أثناء طرحنا لقضية مراكز دراسات الشرق الأوسط في الجامعات الأمريكية كموضوع رئيسي في مجلة المبتعث حرصت على مشاركته في الطرح ضمن نخبة من المفكرين والأكاديميين ورؤساء مراكز دراسات الشرق الأوسط كالبروفيسور مايكل هيدسون رئيس مركز الدراسات المعاصرة بجامعة جورج تاون، والبروفيسور مجيد قدوري رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة جون هوبكز، والدكتور كلوفيس مقصود سفير جامعة الدول العربية للأمم المتحدة، والبروفيسور جون رودي أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة جورج تاون، والبروفيسورة جودت تكر أستاذة دراسات الشرق الأوسط في جامعة جورج تاون، والبروفيسور برنارد رايتش أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن.
ومراكز دراسات الشرق الأوسط في الجامعات الأمريكية موضوع علمي كبير ومتداخل تناوله كل واحد منهم من زاوية تخصصه. وقد كان للدكتور عوض البادي موقف من مراكز دراسات الشرق الأوسط يتلخص في أن لتلك المراكز أهدافها وتطلعاتها الخاصة وتأتي دراساتها لمنطقة الشرق الأوسط من منظور الرؤية الأمريكية.. ولذلك فإن الطالب العربي في الغالب يستمد معرفته بمنطقته من خلال هذه الرؤية فمراكز دراسات الشرق الأوسط تتبنى وجهة النظر الأمريكية في دراستها لمنطقة الشرق الأوسط.
فالدكتور عوض البادي مفكر وأكاديمي له اطلاعات شتى في مختلف الدراسات القارية، فقد عايش في فترات مختلفة مختلف الثقافات ونظر لها بعين المفكر، فهو من ناحية معرفية له اطلاعاته الواسعة على تلك الثقافات، ومن ناحية منهجية درس مجتمعاتها دراسة علمية وموضوعية دقيقة.. فقد عاش معظم حياته من خلال علاقات فكرية وإنسانية متعددة شرقًا وغربًا وهي حالة طبيعية لمفكر اعتاد على كسر طوق العزلة الثقافية والحواجز الحضارية عبر الحوارات والنقاشات والتبادلات الثقافية والاحتكاكات الإيجابية، فالانفتاح على الآخر ومحاورته داخل ذاته وثقافته، الخيار الحضاري الذى لازمه منهجياً وعملياً وبالذات بعد أن أصبحت المعرفة عالمية، والنظر إلى أن العالم شراكة بين الناس حينها أصبح المثقف الحديث ينظر إلى العالم من خارج إطار الخصوصية الحضارية، فالإنسان الذي ينحصر في زاوية الخصوصية الحضارية قد يكون في الغالب غير منفتح خارج محيطه التقليدي، فالانكفاء والانغلاق على الذات يعمقان التوتر ويزيدان المخاوف وأخذ الاحتياط والحذر من الآخر. فثراء الروح في الاطلاع المتبادل على فكر الآخر ومعرفته عن قرب قصد حصول التفاهم وانتفاء اللبس.
قبل مدة زرت الدكتور عوض البادي في مكتبه بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية وتحاورنا حول قضايا كثيرة في أجواء حوارية مرنة ومتسامحة وهادفة ومثمرة لم أستطع فيها إيقاف سيل أفكاره المتدفقة التي تطغى عليها الصبغة العلمية.. إلا أن الجذر الأعمق في تجربته يتمثل في سلسلة الكتابات والدراسات التي نشرها حول الرحالة الأوروبيين إلى الجزيرة العربية.
فقد اهتم الدكتور عوض البادي على مدى سنوات طويلة برحلات الرحالة الأوربيين الى الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر من زوايا متعددة نظراً لتعدد مقاصدهم واختياراتهم وما يحاط حول بعضهم من التباسات وما يكتنف بعض كتاباتهم من ضبابية، وبرغم ذلك كان لهم حضورهم المكثف بين مجتمعات الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر وتأثيرهم من خلال كتاباتهم ودراساتهم.
وقد قدم الدكتور عوض البادي سلسلة حول رحلتهم إلى الجزيرة العربية وذلك من خلال مجموعة من المؤلفات والدراسات والمقالات البحثية؛ فقد تناول في المؤلف في كتابه الأول (الرحالة الأوروبيون في شمال الجزيرة العربية منطقة الجوف ووادي السرحان 1845 – 1922م).. وتناول في الكتاب الثاني (الرحالة الأوروبيون في شمال وسط الجزيرة العربية منطقة حائل 1845 -1921م).. كما تطرق في الكتاب الثالث لـ(الأوضاع السياسية وسط الجزيرة العربية عند نهاية القرن التاسع عشر الميلادي) نص رحلة البارون إدوارد نولده مبعوث روسيا إلى نجد عام 1893م (تقديم وتعريب وتحرير).
كما نشر في مجلة دارة الملك عبدالعزيز الوثائق المتعلقة بالجزيرة ومنطقة الخليج العربي في الأرشيفات الروسية.. ونشر في مجلة الدرعية وثيقة الملك عبدالعزيز ومنطقة الجوف ووادي السرحان.. ونشر في مجلة الفيصل صفحات من الاستشراق الفلندي.. كما راجع وحرر كتاب الخيل العربية الأصيلة للمؤلف أ. ع شرياتوف س. أ. أستروغانوف.
وقد توقفت طويلًا عند كتابات الدكتور عوض البادي، فالرجل شخصية مفكرة أظهر براعة فائقة وصبغة علمية وأكاديمية في كتاباته حول الرحالة والمستشرقين في القرن التاسع عشر إلى الجزيرة العربية.
فعندما نقف على خواصه الذهنية نجد أنه وظف إمكاناته العلمية والفكرية في هذا النوع من الدراسات ذات النفع الحضاري والتأثير الفكري المتبادل، وقد تشرب تلك القيم الحضارية عن وعي وقناعة فكرية، وكان هذا المشروع الحضاري (الرحلات الأوروبية الى بلاد العرب) والذي يجد عمقه فيه يعكس بامتياز فكره وحضوره واطلاعاته.




http://www.alriyadh.com/2002945]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]