المراسل الإخباري
03-25-2023, 03:23
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png تناول أدباء العصر الحديث في نثرهم (رمضان) كتناول الشعراء الأقدمين له، إن لم يكن أكثر، ولعل ما يثير الدهشة في هذا الموضوع هو أن حضور هذ الشهر الكريم الواضح في الأدب العربي -قديمه وحديثه- لم يفرز لنا نقداً كثيفاً، أو دراسات محايثة، تَتَتبّع هذا الإبداع الرمضاني الشعري، والنثري؛ لذا يمكنني القول: إن النقاد، والباحثين في الحقل الأدبي على حد سواء ما زالوا مقصرين في دراسات الإبداع الرمضاني، وبحسب ظني المتواضع أن التنقيب في الإبداع الأدبي حول هذا الشهر الكريم ما زال مع كثرته ووفرته لم يحظّ باهتمام بالغ إذا ما قورن بالإبداع الأدبي المقترن بالحج مثلاً؛ فمن هنا أستغرب قلة الدراسات المهتمة، ولعلها تطرأ في قادم الأيام لتلبي فيض الإبداع الذي تمتلكه الثقافة العربية منذ القديم؛ فالإبداع والنقد متوازيان وإن تقدم أحدهما الآخر.
ولئن كان حضور رمضان في الأدب غزيراً، فإننا قد عهدناه منذ زمن، لكننا إذا انتقلنا إلى العصر الحديث، واتجهنا إلى أدبائه تحديدا،ً فسنجدهم يتناولون رمضان تناولاً متنوعاً، فهذا أمير الشعراء أحمد شوقي -مثلاً- يتحدث عن (الصوم) بلون أدبي عميق، فيقول في كتابه (أسواق الذهب): «الصوم حرمان مشروع، وتأديب بالجوع، وخشوع لله وخضوع، لكل فريضة حكمة، وهذا الحكم ظاهره العذاب، وباطنه الرحمة، يستثير الشفقة، ويحض على الصدقة، ويسنّ خلال البرّ، حتى إذا جاع من أَلِفَ الشِّبَع، وعرف المترَفُ أسباب المتَع، عرف الحرمان كيف يقع، وألم الجوع إذا لذع».
وفي كتابه (وحي القلم) نجد الأديب المصري الكبير مصطفى صادق الرافعي يشير إلى الصوم إشارات فلسفية، إذ يتوقف عند الصوم منطلقاً من بعض غاياته، ومقاصده، فيقول: «لم أقرأ لأحدٍ قولًا شافيًا في فلسفة الصوم وحكمته، أما منفعتُهُ للجسم، وأنَّه نوعٌ من الطب له، وبابٌ من السياسة في تدبيره؛ فقد فرغ الأطباء من تحقيق القول في ذلك؛ وكأن أيام هذا الشهر المبارك إن هي إلا ثلاثون حَبَّة تؤخذ في كل سنة مرة؛ لتقوية المعدة، وتصفية الدم، وحياطة أنسجة الجسم».
وفي مجلة (الرسالة) يصوّر أحمد حسن الزيات (رمضان) تصويراً عاطفياً مغايراً، حيث يقول: «نعم رمضان! ولا بد من رمضان بعد أحد عشر شهراً قضاها المرء في جهاد العيش، مستكلِب النفس، مستأسِد الهوى، متنمر الشهوة، ليوقظ رواقد الخير في قلبه، ويرهف أحاسيس البِر في شعوره (...) فرمضان رياضة للنفس بالتجرد، وثقافة للروح بالتأمل، وتوثيق لما وَهى بين القلب والدين، وتقريب لما بعد بين الرأفة والمسكين (...) ورمضان بعد ذلك كله رباط اجتماعي وثيق، يؤكد أسباب المودة بين أعضاء الأسرة بالتواصل والتعاطف، وبين أفراد الأمة بالتزاور والتآلف، وبين أهل الملة بذلك الشعور السامي الذي يغمرهم في جميع بقاع الأرض بأنهم يسيرون إلى غاية الوجود قافلة واحدة، ممتزجة الروح، متحدة العقيدة، متفقة الفكرة، متشابهة النظام، متماثلة المعيشة».
ويتأسف الزيات في مقالته هذه على رمضان عندما راح يقارن بينه وبين رمضانات خلت في أزمانٍ مضت، فينظر إليه من زاوية البسطاء من أهل القرية، فيختم مقالته قائلاً: «ذلك رمضان كما تدركه الفِطر السليمة، والقلوب المؤمنة، وهو وحده الباقي لفلاحنا من غفلات العيش، ولحظات السعادة! ولكن وا أسفاه! لقد أفسدت الأزمنة رمضان القرية، كما أفسدت المدنية رمضان المدينة!».
http://www.alriyadh.com/2004301]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
ولئن كان حضور رمضان في الأدب غزيراً، فإننا قد عهدناه منذ زمن، لكننا إذا انتقلنا إلى العصر الحديث، واتجهنا إلى أدبائه تحديدا،ً فسنجدهم يتناولون رمضان تناولاً متنوعاً، فهذا أمير الشعراء أحمد شوقي -مثلاً- يتحدث عن (الصوم) بلون أدبي عميق، فيقول في كتابه (أسواق الذهب): «الصوم حرمان مشروع، وتأديب بالجوع، وخشوع لله وخضوع، لكل فريضة حكمة، وهذا الحكم ظاهره العذاب، وباطنه الرحمة، يستثير الشفقة، ويحض على الصدقة، ويسنّ خلال البرّ، حتى إذا جاع من أَلِفَ الشِّبَع، وعرف المترَفُ أسباب المتَع، عرف الحرمان كيف يقع، وألم الجوع إذا لذع».
وفي كتابه (وحي القلم) نجد الأديب المصري الكبير مصطفى صادق الرافعي يشير إلى الصوم إشارات فلسفية، إذ يتوقف عند الصوم منطلقاً من بعض غاياته، ومقاصده، فيقول: «لم أقرأ لأحدٍ قولًا شافيًا في فلسفة الصوم وحكمته، أما منفعتُهُ للجسم، وأنَّه نوعٌ من الطب له، وبابٌ من السياسة في تدبيره؛ فقد فرغ الأطباء من تحقيق القول في ذلك؛ وكأن أيام هذا الشهر المبارك إن هي إلا ثلاثون حَبَّة تؤخذ في كل سنة مرة؛ لتقوية المعدة، وتصفية الدم، وحياطة أنسجة الجسم».
وفي مجلة (الرسالة) يصوّر أحمد حسن الزيات (رمضان) تصويراً عاطفياً مغايراً، حيث يقول: «نعم رمضان! ولا بد من رمضان بعد أحد عشر شهراً قضاها المرء في جهاد العيش، مستكلِب النفس، مستأسِد الهوى، متنمر الشهوة، ليوقظ رواقد الخير في قلبه، ويرهف أحاسيس البِر في شعوره (...) فرمضان رياضة للنفس بالتجرد، وثقافة للروح بالتأمل، وتوثيق لما وَهى بين القلب والدين، وتقريب لما بعد بين الرأفة والمسكين (...) ورمضان بعد ذلك كله رباط اجتماعي وثيق، يؤكد أسباب المودة بين أعضاء الأسرة بالتواصل والتعاطف، وبين أفراد الأمة بالتزاور والتآلف، وبين أهل الملة بذلك الشعور السامي الذي يغمرهم في جميع بقاع الأرض بأنهم يسيرون إلى غاية الوجود قافلة واحدة، ممتزجة الروح، متحدة العقيدة، متفقة الفكرة، متشابهة النظام، متماثلة المعيشة».
ويتأسف الزيات في مقالته هذه على رمضان عندما راح يقارن بينه وبين رمضانات خلت في أزمانٍ مضت، فينظر إليه من زاوية البسطاء من أهل القرية، فيختم مقالته قائلاً: «ذلك رمضان كما تدركه الفِطر السليمة، والقلوب المؤمنة، وهو وحده الباقي لفلاحنا من غفلات العيش، ولحظات السعادة! ولكن وا أسفاه! لقد أفسدت الأزمنة رمضان القرية، كما أفسدت المدنية رمضان المدينة!».
http://www.alriyadh.com/2004301]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]