تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الطين.. وصفة قبل الإفطار



المراسل الإخباري
04-06-2023, 04:43
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
ارتباط العصبية بشهر رمضان يعود في جزء منه إلى التبدل في نمط الحياة، كالتوقف طوال النهار عن التدخين وتناول المنبهات كالقهوة والشاي، ومعها الإدمان على السوشيال ميديا، واضطرابات النوم، والدراما الرمضانية، والألعاب الإلكترونية وتمجيدها للتصرفات العنيفة..
في 14 إبريل من عام 2021 الموافق لبداية رمضان 1442، باشر الهلال الأحمر السعودي 24 حالة إسعافية، وقد حدثت الحالات نتيجة للانفعالات والاعتداءات الجسدية قبل وقت الإفطار، وبحساب السابق على إجمالي المدن الأساسية في المملكة وعددها 46 مدينة، فالمرجح حدوث قرابة 552 حالة يومية بالمملكة في المتوسط، وأكثر من 18 ألف و500 حالة طوال الشهر الفضيل، وهذه الإحصاءات تأتي استنادا إلى الرقم الرسمي المتوفر، فلم أجد بيانات حديثة تتناول هذه المسألة رغم أهميتها، مع ملاحظة أنه ولقيود كورونا التي زالت، يمكن القول إن الكثافة المرورية في 2021 أقل من 2023، وبالتالي فالأرقام تقبل الزيادة لا النقص، وفي دراسة عربية أجريت قبل ستة أعوام، وتناولت في مضمونها العنف الرمضاني، اتضح أن المشاكل بأنواعها ترتفع فيه بنسبة 30%، وذلك مقارنة ببقية الأشهر، وفسرت النتيجة بتغليب الصيام بالجسد على صيام الروح، والمعاملات على العبادات.
الدراسات العلمية السعودية حاولت فهم ما يحدث، وأحالت الأمر إلى مجموعة من الأسباب، أهمها، وجود نقض في التروية الدماغية، وعدم وصول كميات كافية من الماء إليه، وهو ما يؤدي إلى حدوث ضعف في خلاياه، ويجعل الشخص عصبياً ومتوتراً، وربما ترتب عليه تشتت في الذاكرة وهلوسات سمعية وبصرية، لأن بعض السعوديين يكتفون بوجبة العشاء ولا يتسحرون، ما يعني أنهم قد يستمرون لأكثر من 18 ساعة بدون ماء، وهذا غير مقبول طبياً بطبيعة الحال، وما سبق يخص الشخص العادي، وبالتأكيد ستكون الأوضاع مأساوية بدرجة أكبر، وتحديداً عند مصابي السكري والضغط والأمراض المزمنة، ما لم يتم ضبط برنامجهم العلاجي بما يناسب خصوصية الصيام في مفهومه الإسلامي، بخلاف العصبية المصاحبة للتلوث ونقض الأكسجين، وعدم كفايته لعمل الجهاز العصبي بصورة طبيعية، ومعه زحمة السيارات والضوضاء وارتفاع درجات الحرارة، ومحاولة اغتصاب المسارات والمواقف أمام المطاعم والمحال الاستهلاكية، وكلها عادات موجودة ومتجذرة، ولم تغيرها تطبيقات التوصيل السريع.
ارتباط العصبية بشهر رمضان يعود في جزء منه إلى التبدل في نمط الحياة، كالتوقف طوال النهار عن التدخين وتناول المنبهات كالقهوة والشاي، ومعها الإدمان على السوشيال ميديا واضطرابات النوم، والدراما الرمضانية والألعاب الإلكترونية وتمجيدها للتصرفات العنيفة، والصائم عندما يغضب يرتفع عنده هرمون (الأدرينالين) عشرات المرات، ما يتسبب في تسارع عملية إحراق مخزون (الغلايكوجين) في الكبد، والأخير مهم جدا لأنه يتحول إلى جلوكوز ومصدر طاقة أثناء الصيام، والعنف اللفظي أو الجسدي يستنزف هذا المخزون، ما يشعر الصائم بالتعب والإنهاك الشديد فيما تبقى من نهار رمضان، ويخسر معها صحته وأجر صيامه، وأشارت مجموعة من الدراسات الغربية إلى خطأ في الاعتقاد القديم السائد، والذي ينصح بالتنفيس عن الغضب وعن المشاعر السلبية، فقد أكدت دراسة أجراها البروفيسور مارك ديرموت، من جامعة شرق لندن، أن الأشخاص الذين يعبرون عن الغضب يعانون أكثر من أمراض القلب في مقابل من يكتمونه.
حتى نقف على القدرة الهائلة للانفعالات، قام الدكتور دينيس سوزوكي، بتجميع جزيئات مركبة من زفير شخص غاضب عبر عنه لفظياً، ووجد أن الزفير يحتوي على سموم مركبة، وأنه لو تم تجميعها لمدة ساعة واحدة في عبوة، فإن باستطاعتها قتل 80 حيواناً من حيوانات التجارب المعملية، بالإضافة إلى أن التيار الكهربائي المولد من كل انفعال في الجسم ينتقل بواسطة الجهاز العصبي، ويستحث إفراز بروتينات يسمونها (نيوروببتايد) والتي ترسل رسائل كيميائية لكل الجسم، وتقوم بإنشاء رد الفعل الفسيولوجي عن طريق إفراز الهرمون المناسب، وهو في وضعية الانفعال هرمون الأدرينالين، المحفز للقلق والتوتر، وبما يجعل الجسد مستعدا للإنقضاض أو الهرب، وهذا وفق حسابات الربح والخسارة واحتمالات النجاة، والتي تختلف من شخص لآخر، ولكن تأثيراتها مدمرة على الأجهزة الحيوية والصحة العامة، وعلى الأداء الاجتماعي والمهني للأشخاص.
بعض التفسيرات تعتقد أن خلق الإنسان من طين يجعله يهدأ كلما اقترب منه، وينصحون الغاضب بالتمرغ فيه لإطفاء انفعاله، وربما كانت الفكرة صعبة مع وجود شوارع الإسفلت المرصوف، لغياب الطين عن معظمها، والأنسب أن يحمل الشخص بطانية مملوءة بالطين في سيارته، ويدخل فيها كلما غضب على أحدهم.
الأخلاق مقدمة على صيام النافلة أو السنة، وميزان الأعمال يثقل بها، والصيام يفترض اقترانه بالفضائل والالتزام السلوكي، ومن الأدلة النبوية، أن الله أدخل سيدة صائمة قائمة إلى النار، لأنها كانت تؤذي جيرانها بلسانها، ونظر الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى سرعة الغضب والانفعال عند أبي ذر الغفاري، باعتبارها ضعفاً، والمشكلة عند الناس في المملكة وفي غيرها، أنهم يهتمون بالتنظير عن الرحمة والأخلاق السوية، ولا يلتزم بها بعضهم إلا في رمضان، وربما في حدود المسجد وأوقات العبادات، أو يختصرونها في صلاة القيام والبكاء المدوي خلف الإمام، وبمجرد مغادرتهم لأجوائها يدخلون في معارك كلامية مع الآخرين في كل مكان.




http://www.alriyadh.com/2006203]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]