تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : النظام العالمي.. يتغير أم يتطور؟



المراسل الإخباري
04-10-2023, 08:59
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
هذه المرحلة التاريخية الحساسة تتطلب إعادة قراءة للحالة الراهنة والعودة إلى الأسس التاريخية التي بُنيت عليها المتغيرات التي ساهمت في صعود الإمبراطوريات أو هبوطها، فالعالم اليوم يمر بحالة سياسية تتطلب الحذر الشديد وخاصة تلك الدول الراغبة في الاستفادة من منتجات تغير النظام العالمي أو تطوره..
الدائرة التاريخية التي تتحول بها الإمبراطوريات صعوداً أو هبوطاً تكاد تكون متشابهة من حيث قواعدها الرئيسة، فعبر التاريخ كان إما الصعود أو الهبوط، فمثلاً خلال الخمسة مئة عام الماضية شهد التاريخ وجود إمبراطوريات كبرى مثل الإمبراطورية الهولندية، وكذلك الإمبراطورية البريطانية، ومن ثم الإمبراطورية الأمريكية، وأخيراً الإمبراطورية الصينية الصاعدة، ولعل العامل المشترك الأكبر بين هذه الإمبراطوريات أن مؤشرات صعودها أو هبوطها تصنعها وتؤثر فيها القوة الاقتصادية وتكون العملة المستخدمة في تلك الإمبراطوريات هي المؤشر الأول والأكثر حسماً لمؤشرات التحول نحو الصعود أو الهبوط.
المشهد الدولي المصاحب لهذه التحولات عبر التاريخ دائماً ما يخلق نوعين من الحالات السياسية والاقتصادية للدول، نوعاً يتجه نحو التوازي مع تلك الإمبراطوريات ويهوي معها إذا هوت، أما الآخر فيتجه نحو المسار المؤدي للصعود، وهذا نظرياً يعاكس المسار، وقد شهد العالم خلال الخمسة مئة عام الماضية أن اختفاء الإمبراطوريات يخفي معه الكثير من الدول المصاحبة لتلك الإمبراطوريات، ولذلك تعتبر مرحلة التحولات في النظام العالمي مرحلة صعبة وتتطلب تحديات كبرى، فالقرار السياسي في كثير من الدول يعتمد على اقتناص التوقيت المناسب لصناعة القرار الذي يجعلها تتنبأ باتجاه البوصلة العالمية قبل أن يتم تحديدها.
صحيح أن مقدمات صعود الإمبراطوريات أو هبوطها عملية معقدة جداً، ويصعب فيها رؤية الحقيقة كما هي، ولكن العالم اليوم وبلا أدنى شك يشعر بالاهتزازات الخفيفة إلى متوسطة التي بدأت تظهر على النظام العالمي، ومن وجهة نظري فقد بدأ العالم في غرس بذرة تغير النظام العالمي، وفي المقابل لابد من التأكيد أن هبوط الإمبراطوريات الكبرى لا يحدث بسرعة هائلة كما يتوقع الكثير ولكنه يشبه كثيراً نمو نبات البامبو الذي تتم زراعته ورعايته لمدة خمس سنوات دون أن تظهر منه أي علامات نمو واضحة فوق الأرض، ولكن في السنة الخامسة ستنمو شجرة البامبو ليصل طولها إلى أربعة وعشرين متراً في ستة أسابيع.
المنافسة المتصاعدة بين الصين وأمريكا صنعت الكيفية التي يتم من خلالها الحكم على التحول المنتظر في النظام العالمي، الفرضيات القائمة حول النظام العالمي محصورة بين فرضيتين الأولى: تقول إن الصين أصبحت مستعدة للانقضاض على المسرح العالمي لتتولى القيادة، أما الفرضية الثانية فتقول إن الفروقات بين أمريكا والصين مازالت كبيرة وتتجه لصالح أمريكا، لذلك فإنه من المبكر الحديث عن نظام عالمي جديد فكل ما يحدث هو حالة تطور وليس تغير في النظام العالمي.
المتغير الأكثر حساسية لدى المراقبين والباحثين والمهتمين هو متغير القوة العسكرية الذي يتجه ليرجح الكفة الأمريكية، ويأتي التفكير بالقوة العسكرية انطلاقاً من فرضية أن أمريكا ستدافع عن مكانتها الدولية بكل الوسائل المتاحة بما فيها العسكرية، ولكن هذا المسار يتطلب العودة إلى التاريخ فجميع الحضارات عبر التاريخ لم تستطع أن تقرر اللحظة الحاسمة لهبوطها لذلك لم يكن لديها التوقيت المناسب لاستخدام قوتها العسكرية ضد هبوطها.
فرضية القوة العسكرية من منطلق تاريخي تستبعد المواجهة العسكرية فيما يخص الحالة الدولية اليوم، فالحرب الكبرى تنشأ في الأجواء المتعادلة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، ولكنها لا تنشأ في فضاء التشاركية والتقاسم المعقد للمصالح كما هو حادث بين الصين وأمريكا اليوم، فالصين تمتلك النمو والتنمية بينما أمريكا تمتلك القوة والنفوذ، وهذا التشارك يمنح العالم تصورات مختلفة ومتباينة عن الكيفية التي تتم بها رؤية الصورة الدولية بوجود التنافس الصيني - الأمريكي.
التنافس الصيني - الأمريكي حول قيادة العالم قد ينتهى الى قوة مستقلة تتحكم في العالم أو ينتهي إلى تعدد قطبي قائم على توزيع عادل لمقومات السيطرة الدولية وأدواتها، أما على مستوى الدول الأخرى فلا شك أن كلا النتيجتين سوف تلعبان دوراً في ارتباك الحالة السياسية للكثير منها، فهناك دول سوف تراهن على طرف دون آخر وهي تنتظر النتيجة بقلق، بينما هناك دول ستبقى في منطقة الوسط وسوف تعاني من مقاومة السباحة ضد التيار ولكنها في النهاية ستكون قد ذهبت إلى خط النهاية مبكراً في انتظار النتيجة التي سوف ينبئ عنها النظام العالمي.
هذه المرحلة التاريخية الحساسة تتطلب إعادة قراءة للحالة الراهنة والعودة إلى الأسس التاريخية التي بنيت عليها المتغيرات التي ساهمت في صعود الإمبراطوريات أو هبوطها، فالعالم اليوم يمر بحالة سياسية تتطلب الحذر الشديد وخاصة تلك الدول الراغبة في الاستفادة من منتجات تغير النظام العالمي أو تطوره، فأمريكا الراغبة في البقاء على القمة عبر استخدام جميع الوسائل السياسية والاقتصادية المتاحة تقابلها الصين الطامحة بقوة نحو الالتزام بتعزيز الذات الصينية والعمل على تحديثها من حيث النفوذ والمكانة الحاسمة على المستوى الدولي.




http://www.alriyadh.com/2006791]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]