تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سَردِيّاتٌ رَمَضانِيّةٌ مِن وَحِيِ المذَكِّرَاتِ



المراسل الإخباري
04-15-2023, 05:48
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png من الأمور التي يغلط فيها بعض النقاد ويخلط، مزجهم المذكرات بالسيرة الذاتية، وقد رأيت هذا كثيراً عند غير واحد من المهتمين بأدب السيرة الذاتية ونقدها، وليس هذا موضع جدل وتفصيل، إنما أشرت إليه لأنبه إلى عزل المذكرات عن السيرة الذاتية، وإن كانا يصدران عن أدب ذاتي، جعل أولئك النفر من الباحثين والنقاد يضمونها إلى رواق السيرة الذاتية، وليس هذا الخلط عندهم بملحوظ في المذكرات وحدها، بل تراه في اليوميات، والرسائل، وربما في بعض الرحلات أحياناً؛ لذا حاولت انتقاء بعض الأعمال الأدبية المنتمية إلى جنس المذكرات صراحة، بعيداً عن ذلك التداخل، أو التفاعل، أو التقارب، أو التشابه الذي تضطلع به تلك الأجناس في حدودها مع الأدب الذاتي بوجه عام، والسيرة الذاتية بوجه خاص.
إن المذكرات وإن نبعت من صميم الأدب الذاتي، وانطلقت كثيراً من الصيغ الساردة بضمير المتكلم، لا يعني ذلك جعلها تحت سطوة السيرة الذاتية، وإن تشابهت معها في بعض المنطلقات، فالمذكرات تقترن بها الأحداث المؤقتة، والتواريخ المحددة بشكل أكبر؛ ومن هنا وجدنا حضور رمضان فيها يأتي في سياق بعض الأحداث العارضة، وليست المخصوصة، فمن ذلك مثلاً ما رأيناه عند المؤرخ المصري عبدالرحمن الرافعي (ت 1966م) في كتابه الذي عنونه بـ (مذكراتي)، حيث جاء ذكر رمضان عارضاً، غير أنه أشار إلى حدث مهم ناتج عن انتهائه، وهو العيد، حيث يقول: «وكنا في آخر أيام رمضان (وقفة العيد)، فقلت لهم: غداً العيد فمبروك العيد! ثم دلفت إلى مكتب رئيس الوزارة..»، ويتضح من ذلك أنهم كانوا يسمون ليلة العيد (وقفة العيد).
وفي كتاب آخر بعنوان (مذكرات لا ذكريات) للروائي المصري (ثروت أباظة) (ت 2002م) نجد حديثه عن رمضان ينطلق من علاقاته الروائية مع كبار الكتّاب الروائيين المجايلين له، كنجيب محفوظ مثلاً، يقول: «أعجبت بنجيب الروائي منذ قرأت له، وأخذ إعجابي يزداد به كلما اتسعت مداركي (...) وأذكر في صيف 1946م، وكنت نلت شهادة التوجيهية، وكنت بالإسكندرية، وكنا في رمضان. وجاءتني منه رواية القاهرة الجديدة».
وفي موضع آخر مشابه لتلك العلاقة الروائية مع الكتّاب يقول في مذكراته أيضاً: «وكنت قرأت (حياة محمد) قبل هذا بسنوات، ولكن طاب لي أن أعيد قراءتها. وكنا في رمضان، فكنت أنزل إلى البحر حتى الساعة الواحدة ظهراً، ثم أعود إلى العشة، وألبس ملابسي العادية، وأجرّ كرسيٍّا ومظلة بحر، وكتاب (حياة محمد)، ولا أشعر بالحياة، حتى تغرب الشمس، وأضيق بغروبها كل ضيق، وربما كانت هذه الأيام الوحيدة في حياتي التي كنت أرجو فيها وأنا صائم ألا يأتي الغروب».
على أننا قد وجدنا من خصّ مذكراته بشيء من متعلقات هذا الشهر الكريم، وهو الصوم الذي هو أصل رمضان وأساسه، فاتخذ من الصوم عنواناً لمذكراته، كما جاء في (مذكرات صائم) للأديب المصري أحمد شفيق بهجت (ت 2011م)، بل إنه جعل تلك المذكرات تطوف بكل ما يتعلق برمضان، إذ جعل أكثر فصوله عن هذا الشهر الكريم، وما فيه من مظاهر، وأوصاف؛ ولهذا فإن عناوين فصوله داخل تلك المذكرات تلهج بذلك، حيث نجد فيها مثلاً: «رؤية الهلال – مدفع السحور – رمضان كريم – الصائم اليتيم – ليلة القدر..». وفي تلك المذكرات من الأحداث الغزيرة، والمواقف المتنوعة، ما يمكن أن يدل على مدّ المذكرات بالسرد الرمضاني.




http://www.alriyadh.com/2007662]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]