المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «السودان».. بعيدًا عن «الحرب» قريبًا من «السلام»



المراسل الإخباري
05-01-2023, 03:33
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
لمن يريد أن يفهم التوجه السعودي السياسي إزاء الأزمة السودانية الطارئة، فإنه يتبلور في إيقاف حالة التصعيد والاشتباكات العسكرية، ودعوة المكون العسكري وجميع القيادات السياسية في السودان إلى تغليب لغة الحوار وضبط النفس والحكمة، وتوحيد الصف..
بعيدًا عن مُحددات وأسباب الصراع العسكري المُتفجر في العزيزة "السودان" بين القوات المسلحة، بقيادة رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش، الفريق الأول عبد الفتاح البرهان، وبين قائد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، فإننا نضم أصواتنا إلى الأصوات العاقلة الحاثة على ضرورة إيقاف نزيف النزاع بين الطرفين؛ لأن الخاسر الأكبر فيما يحدث اليوم هو الشعب السوداني، الذي يعيش اليوم الويلات نتيجة الاقتتال المسلح، وما تبثه شبكات التلفزة من شرق الدنيا إلى غربها، إلا دليل على عمق المأساة واستفحال الأزمة الإنسانية فيها بشكل يُدمي القلوب، فـ"السودان وشعبه الكريم لا يستحقون إلا الأجمل"، و"الفتنة نائمةٌ لعن اللهُ من أيقظها".
منذ بداية الأزمة كانت الإدارة السياسية السعودية مع تدعيم مرتكزات السلام، وحماية المدنيين في السودان من هذا الصراع، وطالبت -بل أعلنت- وزارة الخارجية في أكثر من بيان على ضرورة وقف تطورات الأوضاع في السودان، وإيجاد السبل الملائمة لوقف التصعيد بين القوتين العسكريتين والجلوس على طاولة الحوار، وتهدئة التوترات المتصاعدة في عدد من المواقع الحيوية داخل السودان.
لمن يريد أن يفهم التوجه السعودي السياسي إزاء الأزمة السودانية الطارئة، فإنه يتبلور في إيقاف حالة التصعيد والاشتباكات العسكرية، ودعوة المكون العسكري وجميع القيادات السياسية في السودان إلى تغليب لغة الحوار وضبط النفس والحكمة، وتوحيد الصف بما يسهم في استكمال ما تم إحرازه من توافق، بناء على الاتفاق السياسي الإطاري الهادف إلى التوصل لإعلان سياسي يتحقق بموجبه الاستقرار السياسي والتعافي الاقتصادي والازدهار للسودان وشعبه الشقيق، ومن أهم بنوده النأي بالجيش عن السياسة وعن ممارسة الأنشطة الاقتصادية والتجارية الاستثمارية؛ ودمج قوات الدعم السريع وقوات الحركات المسلحة في الجيش وفقاً للترتيبات التي يتم الاتفاق عليها لاحقًا في مفوضية الدمج والتسريح ضمن خطة إصلاح أمني وعسكري يقود إلى جيش مهني وقومي واحد.
الرياض بحنكتها السياسية تُمثل للجميع بكونها بيت "العرب" وقائدة العالم الإسلامي؛ لذلك فتحركاتها الإنسانية اليوم في المحور السوداني محل اهتمام إقليمي ودولي، وقد كان لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده -حفظهما الله- ومتابعتهما المستمرة بالغ الأثر في نجاح جهود المملكة بإجلاء موظفي المنظمات الدولية ورعايا مختلف الدول العالقين في السودان وتأمين وصولهم بأمان إلى المملكة ومن ثم إلى دولهم.
وتعد عمليات الإجلاء التي نفذتها القوات البحرية الملكية السعودية بإسناد من مختلف أفرع القوات المسلحة، أول عملية إجلاء بحري ناجح منذُ اندلاع النزاع في جمهورية السودان، واشتملت العملية على تأمين خروج العالقين من المواطنين ورعايا مختلف الدول من الخرطوم إلى ميناء بورتسودان ونقلهم عبر سفن سعودية إلى المملكة العربية السعودية، وهي استجابة من قيادتها للطلبات المقدمة من المنظمات الدولية والدول الشقيقة والصديقة لإجلاء رعاياها في جمهورية السودان، ووفي ذات الوقت هو تأكيد إنساني على دور بلادنا المؤثر دولياً بوصفها شريكاً موثوقاً به للمجتمع الدولي.
وبلغة الأرقام فقد بلغ إجمالي من تم إجلاؤهم من السودان منذ بدء عمليات الإجلاء (15 أبريل 2023) أكثر من 2000 ما بين سعوديين، بالإضافة إلى رعايا ينتمون لـ62 جنسية، وما زالت جهود المملكة العربية السعودية مستمرة في إجلاء العالقين في السودان من مختلف البلدان.
ومنذ اندلاع الاقتتال أسأل كصحافي من قبل الأصدقاء عن الوصفة العلاجية لخروج السودان من هذه الأزمة المُحتدمة، ورؤيتي باختصار "أن السودان منذ الإطاحة بنظام 30 يونيو 1989 (نظام عمر البشير)، وهو بحاجة إلى إعادة ترتيب مشهده السياسي بما يتواءم مع المصلحة الوطنية العُليا، وهو ما ذهب إليه التقرير المُركز المكون من خمس عشرة صفحة لـ"مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية"، الذي وضع من ضمن سيناريوهات إيقاف هذا النزيف، "سيناريو التوافق"، لكونه الأقرب إلى الواقع، ويتحقق من خلال التدخل الخارجي وتأثيرهم على الأطراف المقاتلة، ويكون ذلك عبر الحوار، مع تقديم التنازلات من قبل الطرفين لصالح المصلحة الوطنية على حساب المصالح الخاصة، كما يتحقق بعد أن تتنازل المؤسسة العسكرية على السلطة لصالح المدنيين، وأن تندمج قوات الدعم السريع تحت راية المؤسسة العسكرية الواحدة، وأن يكون لـ"البرهان" و"حميدتي" دور سياسي وليس عسكرياً في المرحلة المقبلة.. اللهم احفظ السودان وأهله من كل شر.. دمتم بخير.




http://www.alriyadh.com/2010049]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]