المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نهضة المعرفة



المراسل الإخباري
05-05-2023, 03:56
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
هذه النهضة في المملكة لم تكن مجرد انفتاح ثقافي وفني لمسايرة ما يحدث في العالم فحسب، وإنما هي هبَّة معرفية كبيرة بحسب رؤية 2030 لنصرة هذه الأرض بما تحويه من كنوز وجمال ومعارف وآثار، يندر مثيلها في هذا العالم المترامي الأطراف، حان للعالم أجمع أن يعرفها..
عين وعين، وذائقة وذائقة، وجمال وجمال، يجمعها كلها معنى واحد في مفهومهم، لكنهم يختلفون اختلافاً كلياً في وظيفتهم بين جنس وجنس وعرق وعرق وفقاً لمفهوم الجمال.
فالجمال هو "قيمة مرتبطة بالغريزة والعاطفة والشعور الإيجابي، وهو يعطي معنىً للأشياء الحيوية، ليس له وحدة قياس، فكل إنسان يراه بشكل مختلف، مثل: الخصوبة والصحة والسعادة والطيبة والحب والإدراك، كما أن الجمال يفسر الأشياء وتوازنها وانسجامها مع الطبيعة، ويعتمد على تجارب الانجذاب والعاطفة والبهجة في عمق الوعي الحسي، فالجمال ينشأ من تجربة صامتة إيجابية".
وفي هذه الأيام نجد التنشيط السياحي في المملكة يعمل على أشده في ضوء رؤية ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، ذلك لأنه أدرك ما تحويه هذه الأرض من جمال كنا في غفلة عنه على مدار سنوات عديدة انقضت! بما تحويه من تَرَف وأعراف وعادات وتقاليد، وحرير وطيلسان امتزج عبيرها بعطور ذابت بين أحجارها وتعطرت بها مبانيها، تذره لنا سَبيْب الخيل، حينما تصل في كل مكان بصهيل عهدناه!
هذا الجمال لم تغفله عيون المستشرقين حين بهرتهم تلك الرمال الذهبية التي تدرجت في لوحة رسمها المولى عز وجل، كما أنها في بعض الأحيان تأخذ من الألوان البنية في تمازج من الألوان الحمراء والزرقاء، تموجات وكأنها عرائس تراقصت زهواً لحراسة الأرض من غزو السماء.
يقول عنها ويلفريد وثيغنر حين زارها في أوائل القرن التاسع عشر: "سافرت عبر شعاب أكراكورام، وهندوس، وكوش في جبال كردستان، ومستنقعات العراق، مدفوعاً دائماً إلى الأمكنة البعيدة.. وعشت بين قبائل عجيبة، ولكن ما هزني مكان من هذه الأمكنة ولا راعني منظر من هذه المناظر أو أثر فيَّ شعب بقعة من البقاع التي زرتها، كما فعلت صحراء شبه الجزيرة العربية".
هذه الطبيعة الساحرة بوهادها ورملها لها جمال خاص بها، فرمال الصحراء في تكويناتها ترسم أجمل اللوحات الطبيعية الربانية رسمها الخالق عز وجل، والتي قال عنها توماس إدوارد لورانس في كتابه الأعمدة السبعة: "هناك تخوم متلألئة فوق الضباب، ومن فوق رابية صغيرة بالقرب من مخيمنا نظرنا وشاهدنا الموجات المتحركة من الضباب في السماء، وكما ظهرت من هناك رؤوس أو قمم الخيم، وخطوط من الدخان الصادر عن تلك الخيام التي ترتفع عالياً في الهواء النظيف، كما لو أنها مندفعة من قِبل ضجيج الجيش غير المرئي. كانت طبيعة الأرض هذه تبدو كمثل السجادة تحت أقدام جمالنا. وكانت ذرات الرمال نظيفة ومصقولة، وتبدو تحت أشعة الشمس مثل حبات الألماس الصغيرة، وتعطي انعكاساً شديداً مبهراً".
فمن خَبَر هذه الطبيعة يسمع لها أصواتاً وهي تغني غناء رائعاً يُسمى غناء الرمال، وإن اشتد أسموه زئيراً، لم نكن نحن والأجيال المتعاقبة نشف السمع إليها، أو حتى نطرب لها، لكن وثيغنر سمعها حين كتب في كتابه رمال الصحراء: "طَرق سمعي طنين منخفض أخذ يزداد حتى أضحى كأزيز طائرة، واندفعت الإبل مذعورة وتفرقت، ثم توقف الصوت عندما وصلنا قاع المنحدر. إنهم يطلقون عليه (غناء الرمال) ويصفونه بالزئير، وهو ينتج عن انهيار طبقة من الرمل على وجه أخرى". كل هذا وذاك يتوجب على رجال السياحة إظهاره وشرحه وإمتاع الزوار به في ضوء هذا الترويج العالمي وصولاً إلى المعرفة عن طريق المتعة.
كما أن لهذه الطبيعة ألواناً متناسقة ومتناغمة تسحر البصر، حيث إن لون رمال هذه السهول زاهٍ، متعدد الطيف، ففي بعض جهاتها يكون لونه كلون اللبن، وفي أماكن أخرى يكون بلون القرميد الأحمر، وفي ثالثة يكون لونه ذهبياً.
هذا الجمال البيئي الذي تسعى بلادنا لتسويقه وتعريف العالم به هو وبطبيعة الحال له انعكاسه على طبيعة الشخصية، حين تمتد هذه التلال من الغرب إلى الشرق، على شكل سلاسل متوازية، يبلغ ارتفاع قممها نحو الثلاث مئة قدم، وبينها وديان واسعة حافلة بالشجيرات الخضراء التي تتمع بالأمطار صيفاً وشتاء طيلة العام، فأهلها يعشقون المطر الغزير بقدر حبهم للمطر الخفيف الهادئ، ويطلقون عليه اسم "الهَميل" لأنه يتخلل الأرض ببطء فلا تنجرف المياه في شكل سيول، التي تذهب بالماء سريعاً دون تغلغل في طبقات الأرض، أما الهَميل فتختزنه الأرض من وجهة نظرهم فتنبت به مراعٍ تسعدهم فيما بعد، ولذلك نجد الهميل يتخلل كرات السحب الزاحفة على الأقدام أغلب فصول السنة وهذا ما سيشكل عنصر جلب لكل سياح العالم.
ولم تكن هذه الطبيعة مهملة لكل عابر سبيل، كما قد يظن البعض، بل تحكمها تلك الأعراف والتقاليد وسلطة غير مبرمة تتوارثها الأجيال، بوجدان وعقيدة قلَّما توفرت في ربوع أخرى في العالم أجمع، فالعرف القبلي كان بمثابة سلطة القانون فيما بينهم، والتي أرخ لها الرحالة بقولهم: إن الرجال نظروا للصحراء على أنها أرض جرداء قاحلة، أو تحمل بحرية كل ما تختاره، ولكن الحقيقة أن كل تلة وكل وادٍ فيها له أو لها رجل يعتبر مختصا ومطَّلعا بها، ويمكنه أن يؤكد بسرعة حق عشيرته وقبيلته فيها ضد أي اعتداء أو عدوان. وحتى الآبار أو الأشجار يوجد لها أسيادها، الذين يسمحون للناس أن يوقدوا من أشجارها ويشربوا من آبارها بحرية، طالما تطلبت حاجتهم لذلك، ولكنهم في الوقت نفسه (هؤلاء الأسياد) يدققون بشكل مستمر في كل من يحاول ملكيتها لحسابه، أو أن يستغلها، أو أن يحوِّل إنتاجها لصالحه، أو لمنفعته الخاصة من بين الآخرين.
إن هذه النهضة في المملكة لم تكن مجرد انفتاح ثقافي وفني لمسايرة ما يحدث في العالم فحسب، وإنما هي هبَّة معرفية كبيرة بحسب رؤية 2030 لنصرة هذه الأرض بما تحويه من كنوز وجمال ومعارف وآثار، يندر مثيلها في هذا العالم المترامي الأطراف، حان للعالم أجمع أن يعرفها.




http://www.alriyadh.com/2010722]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]