المراسل الإخباري
05-11-2023, 03:41
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
المجتمع المحلي نفسه يشجع على السلوك الاستهلاكي، لأنه يحاكم الأشخاص ويعطيهم أوزاناً اجتماعية وفق مقتنياتهم عالية القيمة، أو استناداً لتصرفاتهم غير المسؤولة في الأموال، والحكمة الاقتصادية تفترض، أن من يشتري ما لا يحتاجه اليوم، قد يجبر على بيع ما لا يستطيع الحياة من دونه في المستقبل...
جازان السعودية تتصدر قائمة الخمسة الكبار في التسوق الإلكتروني السعودي، ومن ثم تأتي مناطق الرياض وحائل ومكة المكرمة وتبوك، وهذه التراتبية حددها تقرير صدر هذ العام عن إجمالي تعاملات عام 2022 في مجال التجارة الرقمية، وبمعرفة هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة، مع ملاحظة أن التسوق باستخدام المواقع المحلية وصل بين المواطنين والمقيمين لما نسبته 94 %، والنساء يتفوقون على الرجال بنسبة 74 %، واهتماماتهن تتراوح ما بين الملبوسات والأحذية ومستحضرات التجميل وحجوزات الطيران والفنادق، مقارنة باهتمام رجالي واضح يركز على أجهزة الكمبيوتر والجوالات الذكية والمواد الغذائية، وعائدات تجارة الإنترنت في المملكة جيدة، وحققت ما قيمته سبعة مليارات دولار في 2021، والتوقعات تشير إلى أنها ستقترب من تسعة مليارات دولار في 2025.
الاستعانة بأدوات التسوق الإلكتروني إيجابية إذا استخدمت بتوازن، وإلا فإنها بالتأكيد ستفاقم من متاعب المدمنين عليه، خصوصاً أن هوس الشراء صنف باعتباره مرضاً عقلياً في 2013، وتم تعريفه باسم (اضطراب التسوق القهري) والمرض يشكل معاناة لقرابة 5 % من سكان العالم، أو بالأرقام 250 مليون شخص، وللوقوف على حجم المشكلة، فالدراسات أكدت أن 58 % من مدمني التسوق معرضون لخطر الديون والسرقة ومخالفة الأنظمة، و46 % قد يدخلون في دائرة المخدرات، وينفق العالم على السلع الفاخرة الكمالية أكثر من تريليـــــون دولار سنوياً، حصة الشرق الأوسط فيهـــــا تسعة مليارات دولار، والإنفاق على الكماليات في دول الخليج بما فيها المملكة، بحسب الدراسات المتخصصة، يعادل سبعة أضعاف ما ينفقه المستهلك الأوروبي عليها.
فيلسوف الاقتصاد برنارد ماندفيل، يعتقد بأن الطريقة الوحيدة لتوليد الثروة تكون بارتفاع الطلب على الأشياء السخيفــة وغير الضرورية، ومن الشـواهد، أن جـوال نوكيا 1100 الذي صدر في 2003، يعتبر أكثر جوال تم بيعه في التاريخ، وبإجمالي 255 مليون جهاز، إلا أن جودته العالية وسهولة إصلاحه وعدم الحاجة لاستبداله، كانت من أسباب إفلاس نوكيا وخروجها نهائياً من السوق، وبعض شركات مصابيح الإنارة الكبرى، كجنرال إليكتريك الأميركية وفيليبس الهولندية، تنبهت لذلك منذ 1924، وأسست لتحالف اسمه (فيبوس) في إشارة إلى آلهة النور عند الإغريق، واتفقت على التقليل من جودة مصابيحها، وعلى خفض أعمارها الافتــــــراضية من 2500 ساعة، في المتوسط، إلى 1000 ساعة، بعدما لاحظت تراجع مبيعاتها من 63 مليون مصباح إلى 28 مليون مصباح، خلال عامي 1922 و1923.
هذه الاتفاقية كــــانت مقدمة لما يعرف بالتقادم المخطط، وفيه يتعمد منتـــج السلعة تحديد عمرها الافتراضي، وبحيث يتزامن مع انتهاء فترة الضمان عليها، أو يربطــه بتحديث كما في الأجهزة الإلكترونية، أو بموسم موضة وتقليعة مثلما يحدث في عالم الأزياء، وكلها تكون في الغالب ذات جودة متدنية ولا تقارن بمثيلاتها في فترات زمنية سابقة، ومن الأمثلة، أن عمر الثلاجات القديمة يصل لحوالي 30 عاماً مقارنة بقرابة 13 عاماً للجديدة، وسيارات ما قبل الفايبر غلاس، كانت تستمر دون إصلاح لأكثر من 15 عاماً، بينما السيارات الحالية تبدأ بزيارة الورشة في أول ستة أعوام، وكذلك الطــــابعات لا يتم إصلاحها إذا تعطلت، لأن قيمــــة شرائها أرخص.
فرنسا ومنذ 2015 تعتبر التقادم المخطط جريمة جنائية، وتعاقب مرتكبها بالسجن لمدة عامين وبغرامة قدرها 300 ألف يورو، أو ما يساوي 5 % من مبيعات الشركة، وأتصور أنها سابقة مناسبة قد يستثمرها المشرع السعودي في أنظمته القادمة، والسلطات الفرنسية وظفت هذا القانون في إلزام شركة (آبل) الأميركية على دفع تعويض لجهاز حماية المستهلك في فرنسا بقيمة 25 مليون يورو، لأنها تلاعبت بمستخدمي جوالات الشركة في أراضيها وأجبرتهم على شراء إصدارات جديدة، نتيجة لتحديث معطل قامت به (آبل) على السوفت وير الخاص بالآيفونات القديمة في 2017، بخلاف تأثيراتها البيئية، فدول العالم في 2019، أنتجت قرابة 25 % من نفايات التلفــــزيونات والكمبيوترات والجوالات والأجهزة اللوحية، و10 % من هذه الأطنان يتم تدويرها والبقية لا يتغير حالها.
ليس من مصلحة أحد معالجة مدمني التسوق؛ لأن أموالهم تذهب على هيئة مكاسب عالية إلى التجار وشركات العلامات التجارية العالمية، والواقع أن العكس هو الصحيح، فهناك شركات محلية معروفة توفر خدمات الشراء الفوري بالدفع الآجل أو بالتقسيط المريح، وتشترط في الثانية دفعاً مقدماً يتراوح ما بين 33 % و25 % من قيمة السلعة، وبدون فوائد أو أربـــاح، ليس عشقــاً في المتسـوق وإنما لأنهـا تـأخذ نسبتها من بائعي السلع والمنتجات، وحتى البنوك تعمل على مكافأة الناس عندما يصرفون مبالغ تتجاوز قدراتهم المالية، وتوفر لهم قروضاً وقروضاً تكميلية لتعظيم أرباحها من ورائهم، والمجتمع المحلي نفسه يشجع على السلوك الاستهلاكي، لأنه يحاكم الأشخاص ويعطيهم أوزاناً اجتماعية وفق مقتنياتهم عالية القيمة، أو استناداً لتصرفاتهم غير المسؤولة في الأموال، والحكمة الاقتصادية تفترض، أن من يشتري ما لا يحتاجه اليوم، قد يجبر على بيع ما لا يستطيع الحياة من دونه في المستقبل.
http://www.alriyadh.com/2011672]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
المجتمع المحلي نفسه يشجع على السلوك الاستهلاكي، لأنه يحاكم الأشخاص ويعطيهم أوزاناً اجتماعية وفق مقتنياتهم عالية القيمة، أو استناداً لتصرفاتهم غير المسؤولة في الأموال، والحكمة الاقتصادية تفترض، أن من يشتري ما لا يحتاجه اليوم، قد يجبر على بيع ما لا يستطيع الحياة من دونه في المستقبل...
جازان السعودية تتصدر قائمة الخمسة الكبار في التسوق الإلكتروني السعودي، ومن ثم تأتي مناطق الرياض وحائل ومكة المكرمة وتبوك، وهذه التراتبية حددها تقرير صدر هذ العام عن إجمالي تعاملات عام 2022 في مجال التجارة الرقمية، وبمعرفة هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة، مع ملاحظة أن التسوق باستخدام المواقع المحلية وصل بين المواطنين والمقيمين لما نسبته 94 %، والنساء يتفوقون على الرجال بنسبة 74 %، واهتماماتهن تتراوح ما بين الملبوسات والأحذية ومستحضرات التجميل وحجوزات الطيران والفنادق، مقارنة باهتمام رجالي واضح يركز على أجهزة الكمبيوتر والجوالات الذكية والمواد الغذائية، وعائدات تجارة الإنترنت في المملكة جيدة، وحققت ما قيمته سبعة مليارات دولار في 2021، والتوقعات تشير إلى أنها ستقترب من تسعة مليارات دولار في 2025.
الاستعانة بأدوات التسوق الإلكتروني إيجابية إذا استخدمت بتوازن، وإلا فإنها بالتأكيد ستفاقم من متاعب المدمنين عليه، خصوصاً أن هوس الشراء صنف باعتباره مرضاً عقلياً في 2013، وتم تعريفه باسم (اضطراب التسوق القهري) والمرض يشكل معاناة لقرابة 5 % من سكان العالم، أو بالأرقام 250 مليون شخص، وللوقوف على حجم المشكلة، فالدراسات أكدت أن 58 % من مدمني التسوق معرضون لخطر الديون والسرقة ومخالفة الأنظمة، و46 % قد يدخلون في دائرة المخدرات، وينفق العالم على السلع الفاخرة الكمالية أكثر من تريليـــــون دولار سنوياً، حصة الشرق الأوسط فيهـــــا تسعة مليارات دولار، والإنفاق على الكماليات في دول الخليج بما فيها المملكة، بحسب الدراسات المتخصصة، يعادل سبعة أضعاف ما ينفقه المستهلك الأوروبي عليها.
فيلسوف الاقتصاد برنارد ماندفيل، يعتقد بأن الطريقة الوحيدة لتوليد الثروة تكون بارتفاع الطلب على الأشياء السخيفــة وغير الضرورية، ومن الشـواهد، أن جـوال نوكيا 1100 الذي صدر في 2003، يعتبر أكثر جوال تم بيعه في التاريخ، وبإجمالي 255 مليون جهاز، إلا أن جودته العالية وسهولة إصلاحه وعدم الحاجة لاستبداله، كانت من أسباب إفلاس نوكيا وخروجها نهائياً من السوق، وبعض شركات مصابيح الإنارة الكبرى، كجنرال إليكتريك الأميركية وفيليبس الهولندية، تنبهت لذلك منذ 1924، وأسست لتحالف اسمه (فيبوس) في إشارة إلى آلهة النور عند الإغريق، واتفقت على التقليل من جودة مصابيحها، وعلى خفض أعمارها الافتــــــراضية من 2500 ساعة، في المتوسط، إلى 1000 ساعة، بعدما لاحظت تراجع مبيعاتها من 63 مليون مصباح إلى 28 مليون مصباح، خلال عامي 1922 و1923.
هذه الاتفاقية كــــانت مقدمة لما يعرف بالتقادم المخطط، وفيه يتعمد منتـــج السلعة تحديد عمرها الافتراضي، وبحيث يتزامن مع انتهاء فترة الضمان عليها، أو يربطــه بتحديث كما في الأجهزة الإلكترونية، أو بموسم موضة وتقليعة مثلما يحدث في عالم الأزياء، وكلها تكون في الغالب ذات جودة متدنية ولا تقارن بمثيلاتها في فترات زمنية سابقة، ومن الأمثلة، أن عمر الثلاجات القديمة يصل لحوالي 30 عاماً مقارنة بقرابة 13 عاماً للجديدة، وسيارات ما قبل الفايبر غلاس، كانت تستمر دون إصلاح لأكثر من 15 عاماً، بينما السيارات الحالية تبدأ بزيارة الورشة في أول ستة أعوام، وكذلك الطــــابعات لا يتم إصلاحها إذا تعطلت، لأن قيمــــة شرائها أرخص.
فرنسا ومنذ 2015 تعتبر التقادم المخطط جريمة جنائية، وتعاقب مرتكبها بالسجن لمدة عامين وبغرامة قدرها 300 ألف يورو، أو ما يساوي 5 % من مبيعات الشركة، وأتصور أنها سابقة مناسبة قد يستثمرها المشرع السعودي في أنظمته القادمة، والسلطات الفرنسية وظفت هذا القانون في إلزام شركة (آبل) الأميركية على دفع تعويض لجهاز حماية المستهلك في فرنسا بقيمة 25 مليون يورو، لأنها تلاعبت بمستخدمي جوالات الشركة في أراضيها وأجبرتهم على شراء إصدارات جديدة، نتيجة لتحديث معطل قامت به (آبل) على السوفت وير الخاص بالآيفونات القديمة في 2017، بخلاف تأثيراتها البيئية، فدول العالم في 2019، أنتجت قرابة 25 % من نفايات التلفــــزيونات والكمبيوترات والجوالات والأجهزة اللوحية، و10 % من هذه الأطنان يتم تدويرها والبقية لا يتغير حالها.
ليس من مصلحة أحد معالجة مدمني التسوق؛ لأن أموالهم تذهب على هيئة مكاسب عالية إلى التجار وشركات العلامات التجارية العالمية، والواقع أن العكس هو الصحيح، فهناك شركات محلية معروفة توفر خدمات الشراء الفوري بالدفع الآجل أو بالتقسيط المريح، وتشترط في الثانية دفعاً مقدماً يتراوح ما بين 33 % و25 % من قيمة السلعة، وبدون فوائد أو أربـــاح، ليس عشقــاً في المتسـوق وإنما لأنهـا تـأخذ نسبتها من بائعي السلع والمنتجات، وحتى البنوك تعمل على مكافأة الناس عندما يصرفون مبالغ تتجاوز قدراتهم المالية، وتوفر لهم قروضاً وقروضاً تكميلية لتعظيم أرباحها من ورائهم، والمجتمع المحلي نفسه يشجع على السلوك الاستهلاكي، لأنه يحاكم الأشخاص ويعطيهم أوزاناً اجتماعية وفق مقتنياتهم عالية القيمة، أو استناداً لتصرفاتهم غير المسؤولة في الأموال، والحكمة الاقتصادية تفترض، أن من يشتري ما لا يحتاجه اليوم، قد يجبر على بيع ما لا يستطيع الحياة من دونه في المستقبل.
http://www.alriyadh.com/2011672]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]