تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لقد تغيرت الأولويات.. حقيقة قد لا تكون مريحة للكثيرين



المراسل الإخباري
05-15-2023, 03:05
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
الدبلوماسية السعودية تنفذ شروط الاستقرار وكل التحولات الاستراتيجية والرغبة في تصفير المشكلات في المنطقة، وهي تبعث برسائل مهمة للمحيطين سواء في الخليج العربي أو الشرق الأوسط أو حتى شمال أفريقيا بأن القواعد والأولويات قد تغيرت، مع أنني أدرك أن هذه الحقيقة قد لا تكون مريحة للكثيرين؛ إلا أنها أصبحت واقعاً لا بد من تقبّله..
نحن في غاية الوضوح عند القول إن الدبلوماسية السعودية تغيّرت وباحتراف الكثير من قواعد الأولويات الإقليمية والدولية، فالرياض لديها مشروعاتها التنموية للمنطقة بفرص كبرى لمشاركة القوى الدولية سواء في الشرق أو الغرب، فما الذي تعنيه الفكرة السياسية التي أتحدث عنها في منطقة اعتدنا أن تكون منطقة استقطابات كبرى، فمنذ الحرب العالمية الثانية تضع أمريكا الإطار الاستراتيجي للمنطقة فيما يخص العلاقات الدولية والطاقة والتحالفات والمعارك الاستراتيجية والقواعد العسكرية، وقد حققت أمريكا الكثير من إنجازاتها الدبلوماسية حتى بداية القرن الحادي والعشرين.
سعت أمريكا إلى تحويل سياساتها كتباً مقدسة لا يجوز مسها، ولكنها لم تنجح، فهذا معاكس للقواعد التاريخية، فمثلاً - الدولار الأمريكي - ورغم سيطرته إلا أنه في مواجهة المزيد من التضييق على حصته في التجارة الدولية، وأيضاً الاحتياطات النقدية، وهذا مؤشر غير مريح للإدارة الأمريكية، فالاحتياطات النقدية العالمية بدأت تظهر بعملات مختلفة عن الدولار، وتحاول أمريكا الاستدارة على العالم بمشروعاتها المرتبطة بالطاقة النظيفة وبالذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، وكلها مشروعات أتت مع إدارة بايدن التي تحاول أن تتجاهل الكثير من الحقائق حول النمو الفائق السرعة للاقتصاد الصيني المنافس، فمثلاً هناك 19 % من ديون أمريكا هي للصين، وهناك آلاف الشركات الصينية في أمريكا وعشرات الشركات الأمريكية في الصين.
قبل أيام زار المنطقة جاك سولفان مسؤول الأمن القومي الأمريكي ومهندس سياستها الدولية في عهد الرئيس بايدن، ولكنه قبل أن يأتي قدم محاضرة مهمة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، قال فيها الكثير من السياسات التي ترغب أمريكا في نشرها حول العالم من جديد، أمريكا لا تراهن على مرحلة زمنية محددة أو تنافس قصير المدى، فالخطاب الأمريكي عبر جاك سولفان يكشف أن المراهنة الأمريكية على التفوق تمتد فوق كل مساحات القرن الحادي والعشرين، وهذا طموح كبير وقد يكون مبالغاً فيه، ويخلق أسئلة مهمة حول الأولويات الدولية وأطراف قواعد اللعبة الدولية.
أمريكا أدركت أن معايير التوازن وخاصة في الشرق الأوسط تتجه بشكل مختلف، فحتى العلاقات الإسرائيلية الأمريكية أصبحت تخضع للتقييم الأمريكي ولو بشكل غير معلن، فإدارة بايدن تطرح فكرة هي أبعد عن أجواء الواقع الاستراتيجي الذي تعودته المنطقة، فالمسار الاستراتيجي لإدارة بايدن يقترح أن يتم تعزيز قدرات دول المنطقة لبناء أنظمتها الدفاعية بعيداً عن التدخل والمساعدة الأمريكية، ولكن السؤال الأهم يقول: لماذا تتم معالجة أزمة المنطقة بهذه الطريقة، المنطقة بحاجة إلى الاستقرار وإلى النمو الاقتصادي الذي يجب أن يسير في تناسب عكسي مع الاهتمامات العسكرية، فالمنطقة تسعى إلى تجاوز عسكرة المنطقة، والمملكة العربية السعودية عبر نجاحها الدبلوماسي تقدم الفكرة الاقتصادية القائمة على بناء المصالح الاقتصادية المشتركة، وهذا الاتجاه من أهم مثبطات التنافس العسكري والتحالفات غير الموثوقة، وقد أثبت التاريخ أن التحالف الاقتصادي هو الضمان الأكثر موثوقية في الاستمرار.
أعود إلى ما قاله جاك سولفان الذي يركز في كلمته على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأنه محور الاهتمام الأمريكي وينقل عن الرئيس بايدن قوله: "إن التزام أمريكا بالشرق الأوسط لا يتزعزع لأن المنطقة حيوية للمستقبل المشترك وعميقة فيما يخص المصالح الأمريكية وشركاءنا وحلفاءنا"، هكذا تقيم الإدارة الأمريكية المنطقة تقييماً أمنياً عسكرياً يفتقد وبشكل واضح إلى التنمية الاقتصادية، ولذلك يصف رئيس الأركان المشتركة الأمريكية بحسب سولفان المنطقة بأنها "منطقة تحت ضغط مفرط وتصعد التوترات بشكل كبير" ليكن السؤال التالي، لماذا يجب أن تستمر هذه المنطقة بذات التقييم الأمريكي الذي بدأ قبل سبعة عقود؟ ألم يعد من الممكن بناء منطقة خالية من الضغوطات؟
جاك سولفان تحدث عن الإطار الجديد لمشاركة أمريكا في الشرق الأوسط (الشراكات، الدبلوماسية، الردع، التكامل، وقف التصعيد)، لذلك أمريكا تروج لتجسير أزمات المنطقة عبر المصالح المشتركة باستخدام عربة الدبلوماسية التي هي في الواقع تكرار لتجارب تمت في المنطقة تحت مسميات مختلفة مثل التطبيع أو الاتفاقات، ولكن الجديد في الأمر هو الدفع الأمريكي للاعبين دبلوماسيين للمنطقة كالهند، وإسرائيل التي تطمح أن تفترش المنطقة على حساب الحق الفلسطيني، وهذا ما لن تسمح به الدولة الأهم في المنطقة السعودية.
الدبلوماسية السعودية تنفذ شروط الاستقرار وكل التحولات الاستراتيجية والرغبة في تصفير المشكلات في المنطقة، وهي تبعث برسائل مهمة للمحيطين سواء في الخليج العربي أو الشرق الأوسط أو حتى شمال أفريقيا بأن القواعد والأولويات قد تغيرت، مع أنني أدرك أن هذه الحقيقة قد لا تكون مريحة للكثيرين إلا أنها أصبحت واقعاً لا بد من تقبّله.




http://www.alriyadh.com/2012261]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]