تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : شراهة الجهل وتسوّل المعرفة



المراسل الإخباري
06-06-2023, 03:23
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png ماذا عرفت اليوم؟ بل ليكن السؤال: هل أردت أن تعرف شيئا هذا اليوم أو كل يوم، أم أن وعيك يسقطك في ضجر المعرفة، والركون للدعة، والميل للتوقف عن فعل شيء يكسب معرفة؟ يضحك أحدهم ولماذا يجب أن أعرف ما دمت أرغب أن أحيا مستمتعا بدون قيود لمعرفة.. يعزز شاهد الجهل أتريد أن ندور في فلك التعلم والمعرفة الحقيقية وبين أيدينا مراتع التسلية من الوسائل والتطبيقات والمقاهي. هناك فعلا حالة من الامتلاء المطعون، والركض خلف الراحة من كل شيء ويكفي الاقتصار على تغذية البطن وترطيب العروق وكثير من الضحك والروايات.
نعيش اليوم ما بين غربة ورغبة، غربة تسوقنا نحو الذوبان الفكري والانصهار العقلي والامتزاج بدواهي الامور وكراهية المعرفة، ورغبة تقودنا إلى الجمود والسقوط البارد لمنع أنفسنا عن مزعوم التعب والإرهاق. تأملوا الصغار هل يريدون أن يتعلموا ما يحتاجون أم ما يرغبون بلا حاجة؟ وهل يتوقفون عن تلقي المعرفة التي اختاروها وإن كانت غير معرفة حقيقية؟ ستجد العجب الكثير، لا يريد أحدهم أن يتعلم ويعرف ما يحتاج بل يرغب بمعرفة ما يقلده ويفعله الآخر دون النظر إلى العائد المعنوي والفكري والنفسي على ما يتعلمه.. يبحث عن معرفة تعينه على مزيد من الراحة والتسلية.. كل ذلك يرمي بنا إلى محيط من التشابه في حياتنا لتدور في حالة غازية لا جهات لها وقد تحجب رؤيتنا عن الواقع الذي يجب أن نتفاعل معه.. حتى الفضول وشراهة المعرفة التي كنا في الماضي نعصب بها رؤوسنا قد انصهرت في مساحات اللامبالاة.. انظروا لبعضهم هناك في غياهب تلك الوسائل التواصلية يميل لتعلم التافه من القول والفعل والإشارة، ويتجاوز حاجته لمعرفة الضروري من متطلبات عقله وحياته حتى تعزز في عمقه الباطني إحساس الاكتفاء بأن ما يتلقاه هو المطلوب فقط لمسايرة عيشته المخملية التي يزعهما عقله المنزوي في زوايا التجمد العاطفي واختلال مفاهيمه لما حوله.
ندرك تماما أن الكثير لم يعد يتساءل عن حاجته للمعرفة الضرورية لحياته بل أصبح منتظرا لما يختار له الآخر أيًا كان فيقذفه في وعيه المرتبك فيتقمصه وجدانيا دون شعور. ولا شك أن الكثير من حولنا ألبسنا قناعة بليدة جدا هي اتبع ولاحق وتلقَّ ما ترغب، لكن لا يهمه أن تعرف ما تحتاج، وهنا تكمن المشكلة حيث إن الناس يعيبون سطحية التفكير عندما يجادل بعضهم البعض فيكتشف منسوب التفكير فيما بينهما، بينما البحث عن المعرفة المرغوبة وإهمال المعرفة المطلوبة هو مسبب فاعل في تكريس سطحية العقول لأن المعرفة الحقة غائرة جدا ولا يطفو إلا ترهات التلقي المؤقت.
يتوارد للذهن سؤال: كم من الرسائل والمحتوى والتحويلات التي تمررها للآخر عبر تطبيقات الإرسال والتواصل والتفاعل المختلفة؟ ستقول عشرات في اليوم وأحيانا مئات، ويبقى السؤال هنا: كم عدد الرسائل التي تحتوي معرفة مطلوبة وضرورية مقارنة بما تمرره من نكت، أو مقالب، أو تعليقات ساخرة، أو"رياكشنات"، أو محتوى تافه، أو إشاعة ساقطة، أو خبر مترهل، أو معلومة فارغة لا أساس لها؟ ستعيد الفكرة مرة أخرى وسترى عن الكثير أن كل محتوى منقول ومرسول يندر اشتماله على معرفة حقيقية نافعة وضرورية تفيدك في يومك لتجيب أني علمت وعرفت اليوم شيئا طيبا وجديدا..
ويبقى القول: بعض العقول غارقة في دعتها الأحادية ولا ترغب في جدية المعرفة ولا تسمح لنفسها أن تتفاعل مع ما هو جاد وضروري، فهذه العقول تتجه بهشاشتها نحو التسلية والترفيه الذاتي إحساسا بأن ما هو جاد فذلك ثقل وشغل عن لهو الحياة ومتعة العيش، هذا السلوك يدفع بهم نحو سطحية التفكير وكثافة الأهواء وخسارة النفس لقيمتها، لذا فالعودة للمعرفة حاجة روح.




http://www.alriyadh.com/2016095]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]