المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإدارة والشكاوى الكيدية



المراسل الإخباري
06-09-2023, 03:22
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png هل سبق ورفع أحدهم فيك شكوى كيدية؟ هل جاءتك دعاوى كثيرة ضد أحد الموظفين؟ كيف يجب أن يكون التعامل في مثل هذه الحالات؟ مقالة اليوم تحاول أن تناقش هذه القضايا...
نعود بالزمن قبل ألف وأربعمائة سنة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي قام بتولية المغيرة بن شعبة رضي الله عنه على البحرين، وكان حازماً وصارماً في تعامله معهم، الأمر الذي دعاهم لرفع شكوى ضده عند الخليفة الذي قام بعزله، ولكن أهل البحرين لم يكتفوا بذلك، وخاف بعضهم أن عمر بن الخطاب قد يعدل عن قراره ويقرر إعادة تولية المغيرة من جديد على البحرين.
وقتها قرروا أن يجمعوا مائة ألف دينار ويبعثوها مع كبيرهم الذي رحل إلى المدينة المنورة ودخل مجلس الخليفة وهو يزعم أنه يريد إعادة مائة ألف دينار من بيت المال سرقها المغيرة بن شعبة وأودعها عنده، التفت عمر بن الخطاب إلى المغيرة سائلاً إياه: «ما قولك؟»، فأجاب المغيرة: «إنه يكذب يا أمير المؤمنين، فالمبلغ 200 ألف دينار، وما أتى به الرجل هو 100 ألف فقط، فأين المائة الف الباقية؟؟ فرد الخليفة عمر بن الخطاب: «ماحملك على هذا؟»، فأجاب المغيرة: «العيال والحاجة!»، فخاطب عمر بن الخطاب كبير القوم الذي أتى من البحرين: «ما تقول؟»، فأجابه: «لا والله لأصدقَنك، ما دفع إليَّ قليلاً ولا كثيرًا»، فقال عمر للمغيرة: «ما أردت إلى هذا؟»، فأجاب المغيرة: «الخبيث كذب علي، فأحببت أن أخزيه!»، الجدير بالذكر أن المغيرة بن شعبة عرف عنه بأنه من دهاة العرب، حتى قال عنه الإمام الطبري: «كان لا يقع في أمر إلا وجد له مخرجاً ولا يلتبس عليه أمران إلا أظهر الرأي في أحدهما».
بطبيعة الحال، فالشكاوى الكيدية ليست أمراً حصرياً على الشخصيات التاريخية، بل واقع مؤلم تعيشه الكثير من بيئات العمل، فحسب نتائج دراسة مؤسسة «National Bullying Helpline» في المملكة المتحدة عام 2015، فقد تبين أن 70 % من العاملين في المملكة المتحدة يعانون من الاعتداءات النفسية في مقرات العمل، ويرى 71 % منهم أن هذه الاعتداءات مصدرها زملاء العمل. وفي دراسة أخرى أجرتها مؤسسة «Workplace Bullying Institute» عام 2017، تبين من نتائجها أن 19 % من العاملين في الولايات المتحدة الأميركية يتعرضون لأشكال مختلفة من الاضطرابات النفسية والعنف النفسي في أماكن العمل، وأن 60 % من هؤلاء العاملين يقولون إن الاضطرابات النفسية ناجمة عن شكاوى كيدية من قبل زملاء العمل أو الرؤساء.
ولا شك أن لانتشار الشكاوى الكيدية داخل المنظمات الكثير من الآثار السلبية المتمثلة في تدمير العلاقات الإنسانية والاجتماعية وتزعزع الثقة بين الموظف والإدارة وزملاء العمل، ناهيك عن انعدام الحوافز للإنجاز وتأثر الصحة النفسية والعقلية للموظفين الذين يتم استهلاك أوقاتهم في الرد على الشكاوى الكيدية والتعامل معها، أضف لذلك ما يترتب على عدم التعامل الجاد والصارم من الإدارة مع أصحاب الشكاوى الكيدية إلى تسرب الكفاءات إلى منظمات وبيئات عمل أخرى. وفي الوقت نفسه، فلا يجب أن يفهم من ذلك تجاهل الشكاوى أو عدم التعامل بجدية مع المشكلات والأخطاء والظلم الذي قد يقع في المنظمة.
ويبقى السؤال الأهم، ما الذي يتوجب عمله من المدير تجاه الشكوى الكيدية؟ في الواقع هنالك عدد من الخطوات وأهمها:
التأكد من صاحب الشكوى وأنه شخص معروف يتحمل مسؤولية كلامه وليس مجرد حساب أو شخص وهمي.

التحقق من صحة المعلومات والحقائق المذكورة.

الاستماع إلى الأطراف كافة ومنها الشخص الذي تم رفع الشكوى ضده.

اتخاذ القرار والإجراء ضمن الأنظمة المتبعة والعمل على أن يكون من يتخذ القرار من أصحاب المصلحة والعلاقة في القضية.

وفي حال ثبتت صحة الشكوى فلا بد من تطبيق النظام بحق كل مخالف، أما إذا ثبت أن الشكوى كيدية فلا بد من رد الاعتبار للشخص الذي تم رفع الشكوى ضده وعقاب الشخص المدعي لكي لا يتجرأ هو ولا غيره على اقتراف هذه الجريمة بحق أي شخص آخر.
وأختم بكلمات علي شريعتي: «إذا ارتدى الزور والمكر لباس التقوى ستقع أكبر فاجعة في التاريخ».





http://www.alriyadh.com/2016646]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]