المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إغلاء الزهيد



المراسل الإخباري
06-11-2023, 03:12
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
إن تملك فكرة التميز وسيطرتها على الأذهان وتسلطها على المعاملات وتسهيلها للنفقات مما ينبغي دراسته من أهل التخصص الاجتماعي، وليتها تنصرف للتميز النافع للدين والوطن والمجتمع، كما سعدنا به قبل أيام عشناها تميزاً في الفضاء، والعلوم!..
حين نتكلم عن المباح فنحن نطرق الحديث عن الحياة ذاتها، فالله جل في علاه وهب الإنسان الحياة، وفيها عمره الضئيل، وفتح له فيها باب التمتع والتنعم بكل جمالها ومنافعها، وما منع من ذلك إلا أشياء تعد عدًّا، وهي لا تساوي شيئاً في السماوات والأرض التي خلقت جميعها لنفع الإنسان، وسخرت له.
ولكن لم يترك الله الإنسان عبثًا في هذا الكم الهائل من المباح والمنافع، فقد وهبه عقلاً ذكيًا يفرق بين النافع والضار، ويرجح بين النافع والأنفع، والحسن والأحسن، وكل تصرفات ابن آدم توزن بهذا الميزان، إلا أن هناك نوادر وشوارد ترد على العقل فتتأقلم معها تصرفات الإنسان ويمارسها، ويخالف فيها ميزانه المضبوط، فإذا به يتصرف خارج "إطار التفكير والمعقول" ومن ثم نجده يدافع عن الأفكار غير المعقولة وينزلها منزلة الحقائق والمنافع التي لا غبار على نفعها.
وقد يخالفني الرأي كثيرون من ذوي الطرح، وهذا لا يمنع أن أضع الفكرة وأتقبل نقدها، وإنما تولد الحقائق من تلاقح العقول.
إننا نشاهد جواهر ثمينة تباع في المزادات بملايين الدولارات، ومن البديهي أن لا نجد غرابة من ذلك؛ لأن تلك المعادن أصلاً معادن نفيسة، وغالية الأثمان بطبيعتها، كالماس والذهب والزمرد والياقوت، وغير ذلك، وهذا مما جعله الله في الأرض قيمة تقام بها مصالح العباد، وإنما الغريب أن تجد شيئًا هزليًا عاديًا زهيدًا لا قيمة له تذكر، ولكن لمجرد شهرة منسوبة لفلان المتوفى قبل أعوام ليست بالكثيرة، فتباع أوراق ومقتنيات عادية، بأغلى الأثمان، وليس ذلك إلا لمجرد الشهرة الخالية من النفع البشري، ولا أعني هنا الحديث من باب "الحلال والحرام" وإنما من باب "المنافع والقيمة الحقيقية للعمل" فهناك أبواب أيضًا كثيرة من هذا القبيل تصرف فيها الأرقام الخيالية من الأموال، تلك الأرقام كان من المقدور أن يفعل بها نفعًا ملموسًا للبشرية، ولو حتى في أبواب مشابهة من المباح الذي يعود بالنفع المشترك لا مجرد "هزل" وإغلاء لزهيد إذا ما تحققنا منه لوجدناه لا يساوي بضعة ريالات، ولكنه أعطي قيمة خيالية لمجرد شهرة وتميز فارغ عن النفع الحقيقي ولو حتى في باب لهو.
هناك مزايدات تجارية على رقم (مميز) مثلاً؛ رقم هاتف أو مركبة، أو أي رقم من هذا القبيل ليس تحته إلا مجرد التميز، فتدفع فيه المَبالغ المُبالغُ فيها، وربما استطاع الشخص أن يشتهر لو أحب الشهرة بعمل فيه نفع متعد بأقل بكثير مما دفعه لذلك الرقم الفارغ عن الانتفاع! قد يقال: هذا من باب المباح والذي قد يكون فيه نوع من التسهيل في المعاملات والتواصل حين امتلاك الرقم المميز هذا، فنقول هذا صحيح، ولكن المغالاة والمزايدة الخيالية هو موضع النقاش والنقد ولا شك.
إن تملك فكرة التميز وسيطرتها على الأذهان وتسلطها على المعاملات وتسهيلها للنفقات مما ينبغي دراسته من أهل التخصص الاجتماعي، وليتها تنصرف للتميز النافع للدين والوطن والمجتمع، كما سعدنا به قبل أيام عشناها تميزاً في الفضاء، والعلوم!
إن التميز النافع غاية المتميزين حقاً، وما عداها فإن من شأنها أن تغلي من الزهيد وتزهد في كل ذي قيمة وشأن. هذا، والله من وراء القصد.




http://www.alriyadh.com/2016915]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]