الاتصال والتنسيق والتعاون

[المراسل الإخباري]

http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
الاتصالات هي عصب العمليات وشرايينها، والتنسيق والتعاون هما الضامن لإنجاحها، ومن واقع الخبرة في العمليات الجوية، وجدت أن الاتصالات من أهم عناصر نجاح العمليات، عن طريقها يتم التنسيق والتعاون وتوفير الجهد والوقت..
ثلاث كلمات مهمة تبدأ بالحرف (سي باللغة الإنجليزية) كتبت بحروف بارزة في مدرسة ضباط الأسراب للقوات الجوية الأميركية في ولاية ألباما، وتعني (الاتصال والتنسيق والتعاون) وضعت في الفصول والممرات. تذكرت هذه الكلمات التي مضى عليها في ذاكرتي أكثر من أربعين عاماً وأنا أقرأ عن حادثة محرجة لشرطة ديترويت، حصلت في عام 2017، حيث كان الضباط في قسم الشرطة 11 يستعدون لشن غارة على تجار مخدرات، بعد توافر معلومات عن شخصين مشبوهين يبيعان المخدرات أمام أحد المنازل في ديترويت، ثم وردتهم أخبار عن رجال أشداء ومسلحين دخلوا المنزل، تصور ضباط الشرطة أن ذلك المنزل وكر لتجار المخدرات، ولا بد من مداهمته، وتحركت الشرطة في القسم 11 وداهمت الرجلين الذين يبيعان المخدرات بقرب المنزل، واشتبكوا معهم في عراك، خرج المزيد من الرجال من داخل المنزل، والمزيد من رجال الشرطة من القسم 11 واشتبكوا في صراع عنيف أسفر عن إصابات وجروح لكن دون وفيات، وفي النهاية اتضح أن الرجلين الذين تظاهرا ببيع المخدرات هم من رجال الشرطة من القسم رقم 12، وأن الرجال الذين دخلوا إلى المنزل في وقت سابق هم أيضاً رجال شرطة من القسم نفسه، حيث وضعوا كميناً لاستدراج مروجي المخدرات والقبض عليهم، وهذا ما يفسر ارتداءهم ملابس مدنية تشبه ملابس مروجي المخدرات، وبعد التحقيق في الحادث المحرج وجدوا أن قسم الشرطة رقم 11 قام بعملية لا تقع ضمن منطقته، كما أنه لا يوجد اتصال أو تنسيق بين قسمي الشرطة 11 و12، لمثل هذه العمليات. (كتاب قوة الجهل، للكاتب دايف تروت).
الاتصالات هي عصب العمليات وشرايينها، والتنسيق والتعاون هما الضامن لإنجاحها، ومن واقع الخبرة في العمليات الجوية، وجدت أن الاتصالات من أهم عناصر نجاح العمليات، عن طريقها يتم التنسيق والتعاون وتوفير الجهد والوقت. ومن الأمثلة على غياب الاتصال والتنسيق والتعاون هو ما كان يحصل بين البلديات والمرافق الأخرى التي توفر الخدمات كالكهرباء والماء، أحياناً تنتظر بعض الجهات حتى تنتهي السفلتة ليبدأ الحفر على جوانب الطريق، وهكذا مع بقية الوزارات والهيئات التي تقدم خدمات مشابهة، أما اليوم وبفضل الرؤية 2030 ودمج بعض الوزارات كالتعليم العالي والتعليم العام، والبلديات والإسكان، وبين وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل، أصبح التنسيق أفضل وأسرع، وإن كان لا يزال بحاجة للتطوير المستمر، ومثال ذلك:
أولاً) لدينا ثقافة متأصلة تقول هذا لي وحدي، ولا أسمح لأي جهة خارجية أن تقترب منه، حتى وإن كان مكملاً لعمل الجهة المسؤولة عن هذا المجال. وعلى سبيل المثال لا الحصر فالمدارس مهمة وزارة التعليم، لكن توجد وزارات أخرى تحتاجها المدراس لتؤدي رسالتها على الوجه المطلوب، مثل: وزارة الصحة وضرورة تفعيل الرعاية الصحية الأولية في المدارس، فكلما كان التدخل مبكراً كانت النتائج أفضل. كما أن لوزارة الداخلية دور في التوعية من المخدرات، وحوادث الطرق، وتفادي الحرائق والتمرين على الإخلاء بيسر وسلاسة، وكما هو في مدارس الدول المتقدمة، وهو ما يعني ضرورة سهولة التواصل والتنسيق دون الحاجة لأخذ موافقة الجهات العليا في كل وزارة.
ثانياً) تحتاج الأقسام داخل الوزارة الواحدة إلى المزيد من التواصل والتنسيق والتعاون. فعلى سبيل المثال تمر وزارة الداخلية بتطوير شامل، وبعض الأقسام فيها تقوم بأدوار يمكن دمجها كالشرطة والمرور والدوريات الأمنية لتكون أقوى وأسرع في الاستجابة، وقد كان لوزارة الداخلية تجربة في الدمج، لكن التجربة توقفت لأسباب لا أحيط بها، وكان من الواجب دراستها وإيجاد الحلول لها بدل إيقافها، والأفضل معرفة ما لدى الدول المتقدمة في هذا المجال، حيث تمتاز وحداتها بالكفاءة وسرعة الاستجابة، وقد لا يكون السبب زيادة الأفراد بقدر ما هو في حسن اختيار الأفراد وجودة والتدريب والتعاون والتنسيق. وقد كان لوزارة الدفاع قبل أربع سنوات تجربة ناجحة في إعادة الهيكلة والدمج وتوحيد جهود الإدارة والتدريب والمشتريات والعمليات في وكالات تخدم كل أفرع القوات المسلحة، مما زاد في كفاءتها وسهولة التواصل والتنسيق والتعاون.
الكفاءة والجودة في الاتصالات تنعكس إيجاباً على كل العمليات اللاحقة ونجاحها، وهذا يتطلب إيمان القيادة العليا في كل وزارة بأهمية هذه العناصر داخل الوزارة وخارجها، وتوظيف التقنية لرفع الكفاءة وسرعة الاستجابة ومضاعفة القوة.




http://www.alriyadh.com/2018079]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]