تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عوالق ذات..



المراسل الإخباري
06-21-2023, 03:47
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
علينا معرفة أن الأشياء دوماً مهددة بالغياب، وأننا ذاتَ يوم كنا هنا في هذا المكان، حيث لن نكون أبداً مرة أخرى.. وعلينا أن ندرك أن الحياة لا تستمر بالوتيرة نفسها، نتغير لأننا نُصدم، ونفقد، ونُكسر، وقد تخوننا الظنون وتخيب الآمال فينا..
البعض يستمر عالقًا داخل نفسه، ويكون على مسافةٍ بعيدةٍ جدًا ممن حوله، يلفه الفراغ، حتى يألفه، ويعتاد العيش طويلاً داخل العتمة حتى يصبح جزءًا منها.

من سوء الخلق جعل ما يفعله المستضيف أو ما يقدمه تحت المجهر كأنه في اختبار! لذلك أصبحت الزياراتُ متعبةً ومكلفةً من الطرفين لكثرة النقد، ادخل بيوتَ الناسِ أعمى واخرج منها أبكما.

السعادة أشياء بسيطة تقرع أبواب قلبك دائمًا.. فـلا تتجاهلها في تفاصيل أنت تحبها، ولا تقارنها بأحد، واهتم بتفاصيل سعادتك.

متعب أن تجلس على رصيف ذاكرتك وتردد داخلك قد تلهث الريح في حمل همك إلى الجهة الأخرى من الفرح.. حينها اخفض قلبك وارفع دعواتك فتطمئن.. حين شم رائحة الطين.

من فرص كنت تراها لا تستحق.. فيكون أعظم من شعورك بالخيبة على ما اخترته فندمت عليه.

‏إن زرعت آلامك في حقل من الصبر، فبذرتها بالرضا ثم أسقيتها بالحمد ستنبت لك بإذن الله يسرا وسعادة.

أصعب المحطات أن يصل بك العمر إلى الوقوف على الأطلال فتحرق ذاكرتك تتذكر أدق التفاصيل تدرك حينها أنك تجاوزت أكثر عمرك وأغلب حظك.

بعد أن يمضي من عمرك سنوات قد تحبط مما فاتك من فرص كنت تراها لا تستحق.. فيكون أعظم من شعورك بالخيبة على ما اخترته فندمت عليه.

صعب أن تجد كل الأحلام التي تحملها دوما تحولت إلى أوهام لأنك تأخرت، تكاسلت، أو منعك أحدهم من تحقيقها فتضحك بصوت مرتفع لتخفي بكاء منخفضا، «أو ترتدي قناع الفرح كي تخفي ملامح حزن وجهك الحقيقي».

بإحساس جميل يقترب أحدهم نحوك.. وبشعور قبيح لا تضع له قيمة.. فتغفل عنه بخذلانك.

كم يؤلم حين تريد أن تنتشل أحدهم من سوء يعيشه.. وهو يريدك أن تغرق فيه.

مرات يكون نصيبنا من التعب أن نظل دائمًا في تلك المسافة الرمادية بين الطمأنينة والقلق، بين غمرة الكلام وقوة الصمت، بين هزائم أرواحنا وصلابة عاطفتنا.

مزعج ذاك الشعور الذي يجعلك تفكر فيما خسرته سابقا وأن العمر لم يعد فيه سعة لتسترجعها. وتدرك أن كل ما مر بك أخذ جزءاً منك ومضى.

-‏ ليست السعادة في قوة ضحكاتنا، ولا في حجم ثرائنا، ولا في طريقة عيشنا.. بل في نظرتنا للأمور من حولنا، وتقبلها برضا داخل أنفسنا.
كم هو صعب أن تركض خلف ذاكرتك مشحونا.. تتعب.. فلا تنال إلا بقايا ذكرى، وفوات أوان.. بعد ذلك تصمت نفسك.

تلاطمك الحياة فتموج بكل ما هو في داخلك، ترفعك قليلا وتهوي بك أكثر.. وتغدو بك رحلة التفكر نحو أفق تشعر أنه رحيب.. تلامسه الشمس ويمسكه المساء.

تناقضات، صعوبة، ألم، أحاسيس مبعثرة، وشتات فكر يجعلك تجوب كل الأبعاد، وتدور في كل الأفلاك وحدك، فتجد ذاتك تقرض كل بوح ثائر، تائه.. يجعلها تثرثر.

صعب أن تتعرف على نفسك في مرآة مشوهة تظهرك بما ليس فيك حقا فلا تعرف من أنت.

تلك هي الغربة حين تصرخ في زحام حولك، تنادي أحدهم؛ تضج آهاتك فلا يصل صوتك، ولا يجيبك أحد.

مزعج حين تتعطل الحواس وأنت تشعر بالظلم، بالغبن، بالجهالة فلا يسمعك بشر ولا تنتصر.. هناك تطمئن عندما تتجه لله وحده عز وجل.

من الهزل أن يحاول أحدهم إقناعك بأن تغيّر بعض مبادئك لتساير الحياة وتماشي الواقع أو ستتعطل أمورك.. أو لكي تنال مكسبا ما أن تضطر يوماً إلى تمثيل دور لا يليق بك ولم تعرف به سابقا.

كم هو مؤلم أن تفكر بأن تدوس على فضائلك، وترفع رذائلك ظناً أنك ستعلو وتصل إلى القمة.

خطأ أن تتظاهر بما لست عليه، تحاول المحافظة على إبقاء صورة جميلة عنك، أو تدمن استعارات الملامح، والكلمات.. لكي تثبت لهم أنك صادق.

مكانك تعشقه، ترغب أن تحافظ عليه، يرغمونك أن تنحني لتيار يجرفك عنه فتصدم، أو أن تكذب وتكذب لكي تصوّر لهم أنك لست أقل منهم أو من غيرك فتتألم.

دخل مع محل الخضار.. ولأول مرة يحضر ابنه الصغير يريد تعليمه اختيار الخضار.. وقف على إحدى الحاويات وقرّب ابنه وقال: انتبه يا ابني سنبدأ باختيار الكوسة واصغ لي جيدا، وقام يشرح ويردد هذه ذاوية وتلك طرية واحرص على زهرتها ووو.. فسأل ابنه هل فهمت لأني أريدك أن تتعلم دروسا مهمة هذه الليلة.. رد ابنه: نعم يا والدي.. ابتسم والده ونادى على البائع بصوت عالٍ وساخن وهو يحمل قطعة بيده: بكم يا أخي كيلو الكوسة اليوم؟ ابتسم البائع وقال: هذه ليست كوسة، هذه قرع صغير يشبه الكوسة.. انصدم الأب أمام ولده وفي داخله يردد "يبدو أنني من سيتعلم دروس هذه الليلة"، انتبه لوضعه ووجه كلامه لابنه: وهذا درس مهم لك يا بني أن تعرف أن هذا الزمن قد تتحول الكوسة إلى قرع ولا ندري غدا ماذا ستكون الفاصوليا.

علينا معرفة أن الأشياء دوماً مهددة بالغياب، وأننا ذاتَ يوم كنا هنا في هذا المكان حيث لن نكون أبداً مرة أخرى. وعلينا أن ندرك أن الحياة لا تستمر بالوتيرة نفسها، نتغير لأننا نُصدم، ونفقد، ونُكسر، وقد تخوننا الظنون وتخيب الآمال فينا.

حتى لو ركضنا أسرع وبنفس أطول ولياقة فائقة فلن ندرك ما قد يفوتنا حتى إن كان بطيئا لأن أقدار العزيز مرتبة وموقوتة.





http://www.alriyadh.com/2018731]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]