تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لطائف المعاني



المراسل الإخباري
06-25-2023, 06:24
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
لما كان الإيمان بالغيب هو حقيقة الدين، فإن محاولة إثبات الفكرة والدفاع عنها سيكون سبيلاً للفرقة والتقاتل، فوحد الله الخلق على عبادات وشعائر لتكون فاصلاً عند اختلاف الأمم، وكانت الرسل والأنبياء تأتي بالشرائع المختلفة، ولكنها لم تختلف في واحدية الله، وضرورة الإيمان بالغيب..
تتكرر الأعياد وشعائر العبادات في جميع الأزمنة، عند كل الأمم، فهي ملازمة لحاجة الإنسان للارتباط بالغيب الذي لا يستطيع العقل السوي إيجاد سبيل إليه غير الإيمان به، ولذلك تكرر في التنزيل الحكيم في وصف المتقين (الذين يؤمنون بالغيب).
وما فيه المسلمون اليوم من أيام ليست مجردة عن الإيمان بالغيب، فأكثر الشعائر والعبادات التي يؤديها المسلمون فيها لا يسمح العقل لنفسه بالتوغل في تفسير وتعليل مشروعيتها، إذ إن أساس التدين والعبادات قائم على الإيمان بالله، وتصديق رسله قائم على الإيمان به، فإذا وجد أساس الإيمان في القلوب وصدقت برسل الله وما أنزل على خلقه اضطرت لإدامة الفكر في وجودها ومجيئها، فجعلت تلك الشعائر والعبادات لتذكيرها بمن خلقها وبالقادر عليها، ولو ترك الأمر للعقول لاستحداث ما يذكرها بربها ويقوي إيمانها بالغيب الذي أخبرها لم ولن يستقيم أمر البشرية، فلكل عقل تفكيره وطريقته في استحداث ما يشاء، ولن تتشابه العقول قط، وبذلك سيكون لكل إنسان تدينه وقناعاته التي انفرد بها.
ولما كان الإيمان بالغيب هو حقيقة الدين، فإن محاولة إثبات الفكرة والدفاع عنها سيكون سبيلاً للفرقة والتقاتل، فوحد الله الخلق على عبادات وشعائر لتكون فاصلاً عند اختلاف الأمم، وكانت الرسل والأنبياء تأتي بالشرائع المختلفة، ولكنها لم تختلف في واحدية الله، وضرورة الإيمان بالغيب.
وعند المسلمين تتكرر عشر ذي الحجة في كل عام، وفيها فرض الله ركنًا من أركان الإسلام، وهو حج بيت الله المحرم، وفي أعمال الحج من الشعائر والعبادات ما يتساءل عنده غير المسلمين، لماذا يفعل المسلمون هذا؟ ولم يُكلف المسلمون بتفسير الشعائر وتعليل العبادات بما قد يخفي لطائف المعاني الظاهرة والبينة من ربط الإنسان بربه بالعبادات الظاهرة، فهو سؤال قد لا يوجه للمسلمين فحسب، بل يوجه لكل الأمم التي اتخذت سبلاً تفرغ فيها ضرورتها إلى التدين، فيؤول السؤال الاعتيادي هذا إلى طرح أعمق ليس لتعليل الشعائر وتفسير العبادات، بل لإثبات ضرورة الإيمان بالغيب، والذي بناءً عليه نعبد الله ونمتثل لشرائعه تدينًا، وما وجدنا فيه من التعاليل الظاهرة والتي ترتبط بمصالح الخلق شرحناه كما أمرنا، كفرض الزكاة، فهي ركن أيضًا من أركان الإسلام، ولتعليلها قد تؤلف كتب وتلقى محاضرات ودروس، وذلك يزيد العقل تصديقًا بعدل وحكمة هذا الدين، ولكن حيث لا نجد إلا عبادة أرادها الله خالصة له بعيدة عن توغل العقل في تعليلها، قلنا آمنا بالله، (كل من عند ربنا). وقد روي عن عمر رضي الله عـنه أنه كان يقول عند الحجر الأسود: "والله إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبلك ما قبلتك".
وغير تقبيل الحجر الأسود هناك الكثير من العبادات والشعائر التي لا يجب على المسلم التوغل في تعليل مشروعيتها، بل يتلذذ بامتثال الأمر بفعلها تصديقًا منه بهذا الدين، وإيمانا منه بالله العظيم الذي بنى إيمانه به على ركن الإسلام الأول. هذا، والله من وراء القصد.




http://www.alriyadh.com/2019438]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]