تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رسالتنا الحضارية



المراسل الإخباري
06-29-2023, 04:19
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png عندما قامت هذه البلاد العظيمة على يد الإمام المُوحّد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن –طيب الله ثراه- وأرست جذورها في أرض صلبة قوامها إسلام وسطي سمح، وعقيدة صافية، وأهداف سامية تنشر الأمن، وتؤسس مجتمعاً مُوحِّداً يسوده الرخاء والاستقرار؛ عندما قامت على هذه الأُسس، كان الإمام العبقريّ واضعاً نُصب عينيه تأسيس «مشروع بناء حضاري» لدولة قوية الأركان، منتهجاً في هذا السيْر نهج آبائه؛ فأسّس دولة حديثة قوية، بفضل الله استطاعت أن تنشر الأمن والرخاء والعيش الرغيد في قارّة مترامية الأطراف.
ومن يقرأ سيرة وتاريخ هذا الإمام الفذّ يدرك بجلاء؛ عمق النظر، وحصافة الرؤية، وسعة الأفق، وشساعة الحلم، وصلابة الإرادة، والثقة بالله، ثم الإيمان العميق بالهدف.
كان الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- يباهي بشعبه ويؤمن بالقيم العربية الأصيلة، فيقول: «لقد مَلَكْتُ هذه البلاد التي هي تحت سُلطتي بالله ثم بالشيمة العربية، وكل فرد من شعبي هو جندي وشرطي، وأنا أسير وإياهم كفرد واحد، لا أفضّل نفسي عليهم ولا أتبع في حكمهم غير ما هو صالح لهم حسبما جاء في كتاب الله وسنّة رسوله».
اليوم نجد هذا النهج يزداد ترسّخاً منذ عهد الموحد مروراً بملوكه الكرام الذين أدّوا الأمانة خير تَأدِيَة، حتى هذا العهد الزاهر المستنير الساطع حضوراً وتأثيراً.
وتأتي متوالية النجاح والإنجاز والحضور العالمي في كل المناسبات؛ وما حَجُّ هذا العام عنّا ببعيد؛ حيث عالمية التجربة، وبراعة القيادة، وعظمة الإنجاز، وتفرّد الأداء والخبرة والتجربة التي جلّلت هذا الموسم عطاءً ثرّاً ونوعيّاً فارِقاً في عظمته واستثنائيته.
هذا النجاح المذهل والقيادة المدهشة والإدارة المُلهِمة والمثيرة للإعجاب والتمثُل والاقتداء؛ هي حصيلة تراكم عقود عديدة من الخبرة في خدمة هذه الشعيرة؛ وكذلك إيمان بالدور التاريخي الذي رسّخه الإمام المُوحّد؛ وهو إيلاء الحج كل الاهتمام والطاقة واحتشاد الإمكانات وتسخيرها لخدمة الحج وضيوف بيت الله الحرام.
في كلمة للإمام الملك عبدالعزيز تتجلى قيمة وأهمية استشعاره لهذه الفريضة العظيمة، يقول في كلمة له خلال افتتاح مجلس الشورى بمكة المكرمة بدورته الجديدة لعام 1351/1932: «إننا رأينا أن يزاد على أعمال المجلس في دورته الحالية أن يوكل -ولو للجنة خاصة منه- العناية في شأن الحج والحجاج، لأن السعي لخدمة مصالح الحجاج في هذه البلاد المقدسة من أسباب القرب إلى الله، إن شاء الله تعالى. ومن الواجب لمصلحة هذه البلاد العناية بهم والسهر على راحتهم.».
إذاً فلا غرو أن يكون موسم الحج لدى قيادتنا بهذا السمو والاهتمام الذي لا يدانيه اهتمام؛ فهو نهج سعودي انطلق منذ عقود طويلة رغم شح الموارد وحالة الضنك التي كانت تعيشها بلادنا في ذلك الزمان؛ لكنها الشيمة العربية التي أشار لها بلمّاحية العبقري الموحد؛ فهي باقية ما بقيت هذه البلاد بحول الله وقوته وتيسيره.
اليوم نفخر كسعوديين أن قائدنا الفذ الهمام الملك سلمان يقف على كل تفاصيل هذه الرعاية والحفاوة للشعيرة العظيمة، يعضده ويباشر الإشراف المباشر عليها سمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله–، حيث أتت التوجيهات بعودة أعداد الحجاج إلى ما قبل جائحة كورنا (كوفيد-19) والعمل على أن يؤدوا فريضة الحج بكل بيسر وسهولة وراحة وطمأنينة، وأتى السماح بعودة أعداد الحجاج دون قيد أو شرط.
لقد شهد العالم كيف تم تيسير أداء فريضة الحج لعدد من الحجاج في دول العالم كافة، لا سيما المسلمون الذين قدّموا لأوطانهم خدمات جليلة، أو الذين لم تسعفهم الظروف المادية أن يؤدوا فريضة الحج، واستضافتهم على نفقة المملكة.
وجاء هذا الاستقبال لحجاج بيت الله الحرام بهذا العدد الهائل ووسط هذه الصورة المبهجة لتسجل لنا كسعوديين إنجازاً تاريخياً عبر منظومة الخدمات المتكاملة التي ضمنت تسهيل رحلة الحجاج من كل مكان بالمواءمة مع الجهات الحكومية والخاصة المسؤولة عن تنظيم رحلات الحج.
لقد سخرّت بلادنا إمكاناتها وخبراتها المتراكمة في إدارة الحشود لأن يكون موسم الحج مثالاً يحتذى في ضبط الأمن وأداء الفريضة في أجواء آمنة ومستقرة، والعمل على كل ما يضمن أمن الحج وسلامة الحجاج؛ ولعل هذا أبلغ خطاب حضاري نوجهه للعالم دون منّ أو مباهاة؛ وإنما هو مواصلة مستدامة للنهج الإنساني والحضاري الذي ترسّخ عبر عقود عديدة من رعاية هذه الشعيرة وقاصديها في كل أصقاع العالم.




http://www.alriyadh.com/2020059]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]