تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كرسي المنصب العظيم



المراسل الإخباري
07-15-2023, 03:02
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png كتبت في مقال الأربعاء الماضي عن معايشتي خلال عشرات السنين الماضية لأصحاب المناصب، وصنفتهم لأحد ثلاثة لا رابع لهم: الأول أعطى المنصب حقه من البذل والجهد والإنتاجية ولم يأخذ لنفسه غير راتبه وأجره على إخلاصه، والثاني جلس على كرسي المنصب وفرح به ولم يفرح الكرسي منه بأي إنتاجية بل لم يحرك ساكناً (هذا كنا نسميه حسب النظام) لأن هذا كل ما يكتبه ويفعله، أما الثالث فقد (حطز) على الكرسي، أي جلس بقوة واندفاع وثقل ولم يفد الكرسي بشيء بل استفاد منه، و(تمصلح) وأخذ أجره الدنيوي وزيادة، وسوف يحاسب عليه في عهد الحزم والعزم ومحاسبة المقصر، وأعانه الله على حساب عسير في الآخرة.
اليوم نستعرض أصحاب كرسي المنصب العظيم، وهو كرسي يجلس عليه صاحبه وقلّما يقوم، لكن صاحب ذلك الكرسي قام قبل الجلوس عليه بما هو أعظم، فهو إما مدافع عن وطنه فقد أحد أو كلا طرفيه السفليين أو أصابته رصاصة بشلل أطراف كانت تتحرك بشرف وقوة وشجاعة ليس لها نظير.
أو صاحب الكرسي متقاعد قدم لهذا الوطن عملاً مخلصاً طوال شبابه ثم كبر وتقاعد وأقعدته السنين، أو صاحب الكرسي هو ممن ابتلي فصبر وأصيب في حادث سير تسبب فيه متهور مستهتر لبى رغبة غبية ساذجة في نفسه تهوى فرط الحركة لتشل حركة الآخرين، و(فحط) ليتسبب في (قحط) نفسي لأسرة كاملة تحول أحد أفرادها لصاحب همة لا يهم بحراك لكنه صبر واحتسب الأجر من الله وثابر وأنتج وعمل.
أو صاحب الكرسي مريض أيضاً ابتلي وصبر وفقد القدرة على نعمة الحركة فشكر، ولا يزال يجاهد بما بقي لديه من قدرة على دفع عجلة الكرسي ليسهم في تحريك عجلة تطور وطنه وإعالة أسرته.
أو هو طفل ولد صاحب همة، وهؤلاء هم أهل أعلى همة ودوماً يعوضهم الله الرحمن الرحيم عن فقدان الحركة بعظم الحراك والإبداع والإنتاج.
كرسي المنصب العظيم هذا نشاهده الأكثر توجهاً للمسجد، والأكثر أداءً للعمرة، والأكثر وجوداً في الحج، والأكثر سعياً في مجال الخير، والأكثر إنتاجية! إذا وجد مديراً مدبراً يعلم أن الحراك ليس في الحركة بل في الفكر، إنه باختصار كرسي المنصب العظيم في الدنيا الذي يؤهل من يجلس عليه إلى المنصب الأعظم في الآخرة بعمله وبصبره واحتسابه، وبرحمة ربه الذي وعد الصابرين، ووعده الحق.
في حج هذا العام وقبله رأينا هذا البلد الأمين كيف وفر آلاف الكراسي المتحركة لأصحاب الهمم وكبار السن والمرضى والمصابين بالسمنة وبعض النساء اللاتي تشق عليهن الحركة، وهذا الكم الهائل من الكراسي المتحركة المتطورة مع رجال ونساء يدفعونها ويساعدون الحجاج في كل شأن، جهد عظيم ضمن جهود أخرى جبارة تبذل لخدمة ضيوف الرحمن، وهي أحد أسرار ما ننعم به في هذا الوطن من خير عظيم وأمن وأمان.
الأعداد المهولة من الكراسي المتحركة التي شاهدناها هذا العام تزحف بين المشاعر، لفتت انتباهي إلى عظم شعور من يجلس عليها ورغبته الصادقة وجهاده لأداء هذا الركن بشغف وسعادة، فقلت: إنه كرسي المنصب العظيم.




http://www.alriyadh.com/2022515]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]