تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الطابور المستأجر



المراسل الإخباري
07-30-2023, 10:02
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
الواجب قطع الطريق على من يحاولون التربح بطوابير مصنوعة تضر بمنافسيهم، وعلى وجه الخصوص أصحاب المشروعات القائمة والمتميزة، وهو ما يحتاج إلى ابتكار حلول إبداعية من نوع ما قامت به أمازون في 2018 بواسطة تطبيقها (أمازون غو)..
تقليعة (اللاين) الموجودة في مدينة الرياض السعودية هذه الأيام غير معتادة، ولا تشكل جزءاً من الثقافة المحلية ولا تاريخ يربطها بالمجتمع السعودي، وبالأخص مسألة الانتظار لساعات في طابور محل قهوة أو مطعم أو متجر، والظاهرة الجديدة تناولتها قناة الإخبارية في 25 يوليو من العام الجاري، والأعجب أنها لا توجد في بقية المدن الرئيسة كجدة والدمام، وهذه الطوابير الوهمية والمفتعلة توظف لأغراض الدعاية والإعلان، ومعظم من يقفون في الطابور أو حتى يجلسون بداخل المحال هم زبائن مستأجرون، ويتقاضون مبالغ مالية أو وجبات مجانية، وينشرون ما يقدم لهم في منصات السوشال ميديا، أو كما اعترف بعضهم في المقابلات الميدانية للإخبارية، ومن يأتي بإرادته يكون مقلداً لغيره أو مستسلماً لغواية الزحام، أو لمشاهدة مؤثر أو مشهور يوجد في المكان، ويمكن أن ننظر إليه كأسلوب تسويقي لا يكلف شيئاً ويحقـــق المطلــــوب، ولعله يدخل فيما يعرف بـ(الغوريلا ماركتنغ)، ويخفض من التكاليف الإعلانية، والتي تصل عالمياً إلى ترليون دولار في العام الواحد.
استخدام الطوابير الطويلة في التسويق بدأته شركة آبل قبل أكثر من عشرة أعوام، وذلك بعد أن قامت بمنع الطلبات المسبقة على إصدارتها الإلكترونية مثل: آيفون وآيباد، وفي كل دول العالم، وهذا أعطاها أفضلية إعلامية، والمتـابع سيلحظ أن طوابير إصــــدارات آبـل تأخذ مساحات بارزة، وتحديداً في المواد الإخبارية لوكالات الأنباء، والقنوات التلفزيونية المحلية والعالمية، ومعها المواقع الشهيرة والسوشال ميديا، ويعتقد المختصون بأن استخدام استراتيجية الطوابير المزدحمة في الوصول إلى المواد بأنواعها، يمارس دوراً مؤثراً على العقل الباطن عند الناس، ويعطيهم الإحساس بضرورة الإسراع للحصول عليها قبل نفاذها.
التصرف في حد ذاته مجرب في حالة الشركات العملاقة صاحبة الشعبية، وبلا تكاليف أو مصروفات إضافية، وفي الولايات المتحـــــدة يقضي الأميركيون قــــرابة 37 مليار ســـاعة سنوياً في طوابير الانتظار، لدرجة أنهم يأتون إلى الطابور أحياناً بمقاعد وخيام، تحسباً للانتظار يوماً أو أكثر، ما يعني أنه يمثل سلوكاً اجتماعياً مقبولاً لديهم، وخصوصاً في مواسم التخفيضات الكبرى خلال شهري نوفمبر وديسمبر.
أول من وقف في طابور بالإيجار هو الأميركي روبرت صامويل في 2012، وأستطيع القول إنه بمثابة الأب الروحي لكل واقف مستأجر في طابور طويل، وقد أسس شركة وظف فيها ثلاثين شخصاً لهذا الغرض، وكان يقبض من كل مستفيد 85 دولاراً عن أول أربعة ساعات انتظار، و40 دولاراً عن كل ساعة إضافية، وفي 2015 ونتيجة للأزمة الاقتصادية في فنزويلا، لجأ بعض الفنزويليين إلى الوقوف في الطوابير الممتدة نيابة عن الآخرين، وذلك لمساعدة من يرغبون في استلام حصتهم من السلع الأساسية قبل أن تنفذ، وتقدر مداخيلهم الشهرية بنحو 79 دولاراً شهرياً، وهو مبلغ معقول في فنزويلا ويعادل راتب أستاذ جامــعي، ومن أمثلة الانتظـــار الطـــويل، انتظــــار تناول طبق اللحم البقري المقرمش المعروف بـ(الكروكيت) في اليابان، والذي يمتد لمدة تصل إلى 29 عاماً، فهناك من سيستلم طلبه في 2052.
85 % من المعرفة الإنسانية التي يتحصل عليها الشخص تأتي عن طريق العين، والمعنى أنه تكون أحكامه بناء على خبراته البصرية، والطابور مفيد في هذا الجانب كأداة تسويقية فاعلة، لأنه يشعــر من يراه أمام المحال بمقــــدار الإقبال عليها، والسابق ينطوي على تدليس وتحايل ما لم يكن طوعياً، فقد تكون المحال فاشلة ولا تقدم هوية مختلفة تعطيها الأحقية والتفوق، وقد لا تختلف في وضعها العام عن الانتخابات البلدية وقوائمها وتزكياتها في فترة سابقة، والطوابير نفسها تنتقل من محل لآخر ولمن يدفع ويقدم خدمات أفضل، والوجوه لا تتغير في معظم الأحيان، وتحضر بشكل واضح في الافتتاح الأولي للمشروعات التجـــارية أو الفروع الجديدة، وهم في الغالب ســـعوديون وفي سن المراهقة من الجنسين، وجوالاتهم لا تفارق أيديهم إلا نادراً، أو أثناء حواراتهم الجانبية، أو عند الاتفاق على صفقة طابور جديد.
الواجب قطع الطريق على من يحاولون التربح بطوابير مصنوعة تضر بمنافسيهم، وعلى وجه الخصوص أصحاب المشروعات القائمة والمتميزة، وهو ما يحتاج إلى ابتكار حلول إبداعية من نوع ما قامت به أمازون في 2018 بواسطة تطبيقها (أمازون غو)، والذي وفرت عن طريقه متجراً ذكياً للمواد التموينية، خالٍ تماماً من طوابير الانتظار، فلا يوجد في المتجر كاشير، ولا يقوم المشترون بالوقـــوف لدفع قيمة مشترياتهم، وكل ما عليهم هو تحميل التطبيق ومسحه عند المدخل، ومن ثم يقوم الشخص باختيار ما يريد ويخرج، وأثناء تسوقه تعمل أجهزة الاستشعار على تعقب حركته وما أخذه معه، وتضاف القيمة إلى حسابه في أمازون، ولا بد من الاستثمار في هذه الفكرة العبقرية بالمشاركة مع صاحبهـــا، وتوسيـــع استخداماتها في أكثر من مجال، وبما يضمن الخصوصية والسرية لبيانات المستفيدين، ويتواءم مع (إنترنت كل الأشياء) وقدومه المتوقع في المستقبل القريب.




http://www.alriyadh.com/2024939]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]