تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المونودراما ما هي؟



المراسل الإخباري
08-04-2023, 07:55
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png
المونودراما: محاكاة لفعل درامي محدد له طول معين لشخصية واحدة يقدمها ممثل واحد مستعرضاً أزمة الشخصية تجاه نفسها أو تجاه الآخرين من خلال المناجاة والجانبية والحوار مع شخصيات افتراضية ومشفوعاً بألوان التزين الفني..
لقد ازدحمت الأرفف بالمؤلفات المسرحية ذات المونودراما، وصار يستسيغها الكثير من أجل البوح وبدون عناء حرفية الكتابة أو كلفة الإنتاج، دون علم منا بأنها من أصعب صنوف المسرح حرفية.
ولكننا نجد ذلك التيه في تحكيم هذا الصنف لغياب المعيار النقدي الذي يعتمد عليه الحكام في معيارهم النقدي. وهذا ما جعلني أعمل على بحث أكاديمي كبير متجردة من كل الأهواء، ومتسائلة: هل هي قالب مسرحي مثل القوالب المسرحية التي تكتنز بعض السمات المسرحية، أم أنها نص مسرحي بكل المقاييس؟ وبناء عليه طفت بكل التعريفات العربية والعالمية لكي أتبين أي صنف تتبع.
ومما لا شك فيه أن أغلب التعريفات تجنح إلى ما يشبه المونولوج، حتى أن بعضهم وصف مونولوج هاملت بأنه من نوع المونودراما.
وبطبيعة الحال هذا وصف يخرجها من قائمة التعريف بأنها مسرحية! لأن أهم ما يميز النص المسرحي هو الفعل والحوار.
والبعض الآخر وصفها بأنها حديث داخلي عن طريق البوح، وهذا أيضاً يخرجها من إطار المسرح إذا ما أردنا أن نصفها كمسرحية.
فلقد نقلنا المسرح عن أوروبا كاستجابة ضرورية لمطالب حركة البعث الثقافي والاتصال بالمفاهيم العلمية والفنية للنهضة الأوروبية والتأثر بها وذلك بخلاف المظاهر المسرحية عند العرب، وحين اطلع مثقفونا من العارفين باللغة الفرنسية والإنجليزية –خاصة المنشئين والأدباء- على الأدب المسرحي في هاتين اللغتين، أخذوا بروعة أفكارها وأساليبها، والمونودراما رافد من روافد المسرح في الوطن العربي.
ولكننا حين استوفدنا هذا الصنف من المسرح لم نجد تعريفاً جامعاً مانعاً له ليسكن في إطار المسرح ويتفرد بخصوصيته في الوقت نفسه، مما أحدث مسخاً مشوهاً لهذا المصطلح يتلاعب بذهنية المبدع والمتلقي وبالتالي الناقد في آن واحد، عن طريق سيل من المصطلحات والتعريفات التي تعمل على تهويم القالب وتنوع التناول، مما جعل هذا اللون في قلق دائم نحو إطاره المحدد له، وجب تحديده لكي نقيس عليه كتاباً ونقاداً.
فإذا أردنا رد المصطلح "مونودراما" إلى اللغة نجد أنه يعني: الفعل الواحد، "مونو" كلمة يونانية بمعنى واحد، و"دراما " كلمة يونانية مشتقة من "درآؤن" وتعني الفعل. وهذا التعريف اللفظي لا يغني عن التعريف الإجرائي، فنجد أنه قد أطلق عليه اصطلاح عربي وهو "دراما الشخصية الواحدة" محاولة لتقريب المفهوم، ولكن هذا لا ينم عن تفاعلية هذا الصنف في ذاته وفي موقعه الثقافي لينضح عما بداخله من خصائص ومميزات، ومنتمياً للمسرح في الوقت نفسه لغياب الفعل فيعتمد على السرد! وليضع النقاد أيديهم على معيار نقدي له ويتم القياس عليه.
فماذا تعني دراما الشخصية إذا ما حاولنا الاقتراب منها وتفحصها؟ هل هي الشخصية الفاعلة أم الشخصية المؤدية للفعل؟ فينشأ ذلك الالتباس حول دراما الممثل الواحد ودراما الشخصية الواحدة الواقعة تحت تأثير الأزمة وتداعياتها، وهذا ما يوقع هذا المصطلح في أزمة حول ذاته وتقنية التعريف الدرامي للمسرحية وحرفية كتابتها، فإن تأملنا المونودراما نجدها مسرحاً بأركانه الأربعة وهي "المكان، والممثل، والمشاهدين، والنص"، لكن نص المونودراما يجب أن يبنى على الفعل، فالفعل هو عماد النص المسرحي، فكيف يكون الفعل سرداً بلا فعل حقيقي؟ هذه هي الشروط والدعامات التي تقوم عليها المسرحية.
ومن هنا نستطيع القول إن التعريفات السابقة -التي يصعب ذكرها لضيق مساحة المقال- للمونودراما يخرجها من دائرة المسرحية في نقطة مهمة ومحورية وهي الحوار والفعل لا السرد، وهنا تكمن أزمة المصطلح. فتعريف المصطلح لا يحتوي على عنصر الحوار أو الفعل، وهذا قد يجعلها أقرب إلى القالب المسرحي وليس المسرحية، وهذا ما دعانا لإنشاء بحث أكاديمي لوضعها في إطارها الاصطلاحي. إذ إنها بحالها الآن تعتمد على تداعيات الشخصية وهي تتأرجح بين الماضي والحاضر، وبالتالي يحدث خلط معرفي في هذا الصنف بين المونولوج والدراما المسرحية، ثم يعرفها البعض بالمناجاة، وهذا يخرجها من دائرة الفعل، والبعض الآخر يعرفها بالصوت الواحد، اقتراباً من المصطلح الوافد "مونولوج"، فيخرجها من دائرة الفعل، أي أن الصوت كلمة كونها قول أو سرد، والمسرحية في حقيقتها لا تقوم إلا على الفعل وخاصية الحوار التي تعمل على تكثيف الحدث، هذا بالنسبة للشخصية وليس الشخص على الرغم من وجود حوار مع شخصيات افتراضية في النصوص المكتوبة نعلم كنهها، ذلك الحوار من منطوق الشخصية كما في مسرحية "مضار التبغ" للكاتب الروسي تشيخوف، حيث يفترض الكاتب وجود أناس في قاعة المحاضرات وهو يتحدث معهم، وكما في مسرحية "الحصان" والتي جسدتها الفنانة ثناء جميل للكاتب كرم النجار، تتحاور مع شخصيات افتراضية نعلم موقفها وردود أفعالها من منطوق كل شخصية، وكذا في مسرحية "كان ظلاً" -مجهولة المؤلف-، حيث نجد الشخصية تحاور الظل والتي تقع تحت أزمة قيده، ومسرحية "شرخ في لوحة فنان" لحامد أبو النجا، إذ نجد الشخصية تحاور جمهوراً افتراضياً لتبيع لهم لوحتها المشروخة، ومسرحية "إيقاعات الماريمبا" حيث يحاور الشاب شخصية افتراضية عبر جهاز التليفون، هذا الحوار هو صانع التوتر في الحدث، وكذلك مسرحية "العازفة" حيث تستدعى الشخصية الافتراضية ويتم مناقشة أقوال الشخصية الضد عن طريق الاعتراض أو المناجاة إلا أنها تفعل بكسر البيانو وإخراج ما يعيق مسيرتها منه.
إلا أن أياً من تعريفات هذا المصطلح لم يُشر إلى ذلك، لكي يتسنى لهذا الصنف الولوج في إطار المسرح، وليس كقالب مسرحي. ولذا وضعنا هذا التعريف الجامع المانع بعد بحث أكاديمي كبير ودقيق والذي أصبح مرجعاً للباحثين في هذا النوع من المسرح وعليه يقيم التحكيم معياره، وهو أن: (المونودراما: محاكاة لفعل درامي محدد له طول معين لشخصية واحدة يقدمها ممثل واحد مستعرضاً أزمة الشخصية تجاه نفسها أو تجاه الآخرين من خلال المناجاة والجانبية والحوار مع شخصيات افتراضية ومشفوعاً بألوان التزين الفني).




http://www.alriyadh.com/2025778]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]