المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نهر كوزو ومستقبل الإدارة اليابانية



المراسل الإخباري
08-04-2023, 07:55
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png "الوضع خطير جداً في عالم صناعة المحتوى الإبداعي في اليابان سواء من رسوم متحركة أنيمي وألعاب فيديو وغيرها، إنه يذكرني تماماً بعالم صناعة الإلكترونيات في نهاية تسعينات القرن الماضي. كانت الشركات اليابانية تقود القطاع عالمياً وتقدم أقوى المنتجات ولكنها ركزت على النمط الياباني في الابتكار والتعاملات التجارية وتجاهلت المنافسين في الدول المجاورة لتتفاجأ بعد سنوات قليلة بأن البساط سحب من تحت أقدامها لمصلحة المنافسين، واضطرت شركات يابانية كثيرة لإغلاق مصانع الإلكترونيات الخاصة بها والانسحاب تماماً من ذلك القطاع". كان ذلك جانباً من حديثي في بودكاست CJPF Radio برعاية إدارة الملكية الفكرية ومنصة كول جابان للتعاون الحكومي الخاص التابعتين لمجلس الوزراء الياباني، والذي يستضيف شخصيات ثقافية وإعلامية ومن عالم الأعمال في اليابان.
سألني محاوري: ما أهم المشكلات التي تواجه الشركات اليابانية؟ فأجبته دون تردد "البطء الشديد جداً في اتخاذ القرار للأسف، لا شك أن هذه المشكلة لا يمكن تعميمها على جميع الشركات، لكنها حاضرة بقوة في الكثير منها. وبكل شفافية، فالملف الذي يمكن حسمه في أسبوعين من المفاوضات مع شركات من دول أخرى قد يستغرق من الزمن سنتين أو ثلاثة مع الأصدقاء اليابانيين". قد يتساءل عدد من القراء الكرام: ما السبب في هذا التأخر؟ هنالك أسباب متعددة، من أهمها: عدم الرغبة في تحمل المسؤولية، فيتم تمرير القرار عبر لجان متعددة ويتم طبخ القرار على نار هادئة من أصغر موظف إلى مديره وإلى مدير مديره وهكذا.. وفي كل مرة قد تكون مضطراً للاجتماع وشرح تفاصيل المشروع مع كل شخص في المراحل المختلفة. ومن العوامل الأخرى، الخوف من التجارب الجديدة، وهذا يرجع أيضاً للخوف من الفشل وتحمل المسؤولية، فتجد الموظف يتردد كثيراً في فتح النقاش حول أي مشروع جديد لم يسبق تنفيذه من قبل. والعامل الثالث هو ميل عدد من الشركات اليابانية للتعامل مع العالم على الطريقة اليابانية وليس التكيف مع الثقافات المتبعة في العالم.
ولكي أكون محايداً ومنصفاً، فمن أهم مزايا الشركات اليابانية هي: الالتزام والأمانة واحترام المواثيق في تقديم المنتجات والخدمات. وهذا التمسك بالأسلوب الياباني منح الأصدقاء اليابانيين أصالة وتميزاً وإبداعاً جعلهم متفردين على المستوى العالمي في كثير من المجالات.
سألني محاوري: "ما الحل في رأيك؟"، فأجبت: إن اليابان تحتاج نهضة ميجي جديدة في عالم الأعمال. فعندما قامت نهضة ميجي بعد انغلاق وعزلة عن العالم امتدت لقرون انفتحت اليابان على العلوم والمعارف والثقافات ووطنتها دون التنازل عن قيمها الثقافية. وعندما نتحدث عن الانفتاح في القطاع التجاري فهذا لا يعني التخلي عن الأساليب اليابانية والتحدث والتواصل باللغة الإنجليزية وتبني المنهج الغربي في الأعمال، أبداً ليس هذا ما تحتاجه اليابان، اليابان كانت اليابان قبل نهضة ميجي وظلت اليابان بعد التحديث وبعد نهضة ميجي.
ضربت للمستمعين مثلاً من رحلة سياحية تنظمها شركة متخصصة في نهر كوزو في كيوتو منذ أكثر من مئة سنة، في الماضي كانوا يستخدمون القوارب الخشبية من أعلى الجبل إلى منطقة أراشيياما في رحلة تستغرق تسعين دقيقة، وبعدها يضطر المنظمون للرحلة إلى جر القوارب لمدة خمسة ساعات إلى قمة الجبل لبدء الرحلة التالية. اليوم، أصبحوا يستخدمون قوارب بتصميم تقليدي ولكن مصنوعة من البلاستيك المقوى، وبعد الوصول يتم شحن القوارب في شاحنات لتعود إلى قمة الجبل في ساعة واحدة فقط. منذ أكثر من مئة عامة يقود هذه القوارب ثلاثة أشخاص متمرسين، ويعرف كل منهم دوره، لم يتغير هذا الشيء، ومازالوا يمتعون ضيوفهم بالأحاديث الشيقة عن النهر وتاريخ الرحلة.. وبالعكس مع تطبيق التقنيات الحديثة والحجز عن بعد أصبح عدد الرحلات أكثر وازداد عدد السياح وارتفعت المبيعات. يمكن لتجربة نهر كوزو أن تكون مصدر إلهام لقادة الأعمال في مختلف القطاعات اليابانية.
وختاماً، شكرت محاوري على الاستضافة، وأكدت له تقديرنا في العالم العربي لتجربة اليابان في صناعة المعجزة اليابانية التنموية بعد الحرب العالمية الثانية، ولكننا اليوم في المملكة نصنع معجزتنا السعودية عبر رؤية 2030م والتي ستكون مصدر إلهام لكثير من الأمم التي تسعى للنماء والتطور حول العالم بإذن الله.




http://www.alriyadh.com/2025780]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]