المراسل الإخباري
08-06-2023, 18:40
http://www.alriyadh.com/media/thumb/75/8a/800_124d650b65.jpg لا تفزع؛ فإن كانت الانتهازية صفتك ودائك الذي لا شفاء منه فأنت المقصود. وإن كانت هوايتك المحببة تبديل الأقنعة وإجادة فنون الاستعراضات والتناقضات فأنت المقصود. وإن كان سلاحك الإغواء ومهارتك القفز على الأكتاف، وكنت على خصومة مع الوفاء والإخلاص فأنت المقصود. وإن كنت بارع في اقتناص الفرص لتعلو بقدميك على ظهر الآخرين، واستخدامهم كوسيلة لتحقيق أهدافك فأنت بكل تأكيد المقصود ولا أحد غيرك.
ربّما تربكك تلك المواجهة، تزيد في اضطرابك وتضعك أمام المرآة في لقاء آثرت ألا تخوضه أو تقصّدت تأجيله إلى حين الانتهاء من آخر ضحاياك في لعبة دوائر لا خط نهاية لها، طالما أن في جعبة الزمن أشخاص آخرون تؤنسهم المظاهر ويطربون للسان المعسول، فيتسارعون لإلقاء أنفسهم في أحضان "الانتهازي" في لعبة قد تكون مسلّية في ظاهرها ولكنها في الأثناء تسلبهم أغلى ما يملكون: كرامتهم، كبريائهم، أوقاتهم، قلوبهم وعاطفتهم وحتى أنفسهم لهثًا وراء سراب حسبوه ذات يوم ماء، وفي سبيل علاقة لا جدوى منها سرعان ما تفقد صلاحيتها مع طرف غير سوي مهووس بنفسه.
فمن غرائب صديقنا "الانتهازي" الذي يخلو قاموسه من معاني "الصداقة" و "الوفاء" و "الحب" و "الاحترام" و "العهد" و "الالتزام" وبكل تأكيد "الإيثار"، أنه يأسر نفسه في قالب واحد لا غير هو "المصلحة"، ولا يتورّع في سبيل إرضاء سيّده الأوحد أن يتخلّى عن كل القيم والمبادئ والأخلاق، طالما تعارضت مع خط منفعته.
وفي المقابل فإن تقمّس دور "الوفي" الذي يمنح الطرف الآخر شعور بأنه في قائمة الأولويات والاهتمامات، يكاد لا يفارقه لكسب العطف والتودد والاحتواء طالما دعت الحاجة إلى ذلك، ثم لا تلبث أن تتلاشى مع انتهاء مفعول الاحتياجات أو تبدّلت الأولويات.
فالانتهازي رغم حالته المثيرة للشفقة التي يسعى أن يحيط به نفسه لكسب دعم الآخرين ومؤازرتهم إلا أنه بالمقابل شديد الاعتزاز بالنفس، مسكون بشعور الكبرياء، ما يجعل حالته المرضية وتضخّم "الأنا" تصل به إلى حد اليقين بأنه "محور الكون" وبؤرة الجذب، ورأس الأولوية، وأنه هالة النور التي تدفع الفراشات للطواف حوله أملًا في التمتع بشعاعه، مع قناعته بأنه هو الذي يحترق في سبيل إسعاد الآخرين.
من المنصف الاعتراف بأن "الانتهازي" بارع في ذكائه، مراوغ، ويمتلك قدرة مدهشة على التلوّن وتغيير جلدته وطريقته تبعًا للموقف والحاجة، هذا عدا عن مهارته الفائقة في التخيّل ورسم سيناريوهات تدعم وجهة نظره، ويتخّذ منها أدوات للإقناع واستمالة "الطرف الآخر" وتحقيق مآربه دون اكتراث، وليس بغريب عليه أن تكون "الخيانة" و"جاهزية البديل" صفته الملازمة طالما بقي متمسّكًا بطبعه الأصيل "التخلّي" وذلك من خلال ممارسات واساليب تُمارس بطرق مباشرة أو غير مباشرة مما يجعل "الطرف الآخر" يبتعد من تلقاء نفسه بعد انقضاء الحاجه منه واستنزافه، والأهم من ذلك وضعه في معارك لا ناقة له بها ولا جمل، باستثناء أنها كانت ثمنًا لـ "وفاء" غير مُستحق وفي غير أهله!
لكنه رغم تلك المهارات فإنك سرعان ما تكتشف بأنه في حقيقة الأمر ضحية "نفسه وألاعيبها"، وبأنه مأزوم بعقد النقص وضعف الشخصية والاهتزاز الداخلي وسكين العزلة. وما حالة التنقّل الدائم من شخص لآخر، وإثارة الشك والريبة، سوى أعراض مزمنة تصاحب "صاحبنا" اينما حلّ، لأنها بيئته الخصبة التي تمنحه تلك القدرة على البقاء والاستمرار، وتمنحه "وهم" الانتصار، وخديعة التفوق.
قد يكون البعض مُعتقدًا بنظرية "ميكافيلي" بأن "الغاية تبرر الوسيلة"، أو معتنقًا لـ "نصيحة" داهية الدعاية النازية غوبلز "اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرين، ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك“ كمنهج حياة. لكن الحقيقة الأنصع والأصدق التي أثبتتها تجارب الحياة وأحوال البشر تكمن في تلك الحكمة: "تستطيع أن تخدع الناس بعض الوقت، ولكنك لن تستطيع خداع الناس طول الوقت". يحدُث هذا عند نهاية كل عرض مسرحي مهما طال عرضه وأيًا كان مخرجه وبلغت براعته وعظمت درجة إبهاره، فتنكشف الأوجه وتزول الأقنعة وتنتصر الحقيقة ويعود كل الأشخاص إلى مكانهم الطبيعي.
ختام القول؛ لا يغرّنك ذكاءك، ولا تتباهى بمهاراتك، ولا تخدعك مفاهيمك، ولا تتخذ من ظهور الآخرين وأكتافهم سُلّمًا للصعود، ولا تعتاد على نكران المعروف واستنقاص الآخرين، والانتفاع دون عطاء، واعلم أن للناس عيون وعقول يختبرون بها معادن الناس فيتخيّرون أصدقهم لأنهم الأكثر ثباتًا ورسوخًا أما ما دونهم فتتساقط أوراقهم عن الشجر سريعًا ..
ويبقى أصحاب النوايا الطيبة هم الفائزون!
http://www.alriyadh.com/2026051]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]
ربّما تربكك تلك المواجهة، تزيد في اضطرابك وتضعك أمام المرآة في لقاء آثرت ألا تخوضه أو تقصّدت تأجيله إلى حين الانتهاء من آخر ضحاياك في لعبة دوائر لا خط نهاية لها، طالما أن في جعبة الزمن أشخاص آخرون تؤنسهم المظاهر ويطربون للسان المعسول، فيتسارعون لإلقاء أنفسهم في أحضان "الانتهازي" في لعبة قد تكون مسلّية في ظاهرها ولكنها في الأثناء تسلبهم أغلى ما يملكون: كرامتهم، كبريائهم، أوقاتهم، قلوبهم وعاطفتهم وحتى أنفسهم لهثًا وراء سراب حسبوه ذات يوم ماء، وفي سبيل علاقة لا جدوى منها سرعان ما تفقد صلاحيتها مع طرف غير سوي مهووس بنفسه.
فمن غرائب صديقنا "الانتهازي" الذي يخلو قاموسه من معاني "الصداقة" و "الوفاء" و "الحب" و "الاحترام" و "العهد" و "الالتزام" وبكل تأكيد "الإيثار"، أنه يأسر نفسه في قالب واحد لا غير هو "المصلحة"، ولا يتورّع في سبيل إرضاء سيّده الأوحد أن يتخلّى عن كل القيم والمبادئ والأخلاق، طالما تعارضت مع خط منفعته.
وفي المقابل فإن تقمّس دور "الوفي" الذي يمنح الطرف الآخر شعور بأنه في قائمة الأولويات والاهتمامات، يكاد لا يفارقه لكسب العطف والتودد والاحتواء طالما دعت الحاجة إلى ذلك، ثم لا تلبث أن تتلاشى مع انتهاء مفعول الاحتياجات أو تبدّلت الأولويات.
فالانتهازي رغم حالته المثيرة للشفقة التي يسعى أن يحيط به نفسه لكسب دعم الآخرين ومؤازرتهم إلا أنه بالمقابل شديد الاعتزاز بالنفس، مسكون بشعور الكبرياء، ما يجعل حالته المرضية وتضخّم "الأنا" تصل به إلى حد اليقين بأنه "محور الكون" وبؤرة الجذب، ورأس الأولوية، وأنه هالة النور التي تدفع الفراشات للطواف حوله أملًا في التمتع بشعاعه، مع قناعته بأنه هو الذي يحترق في سبيل إسعاد الآخرين.
من المنصف الاعتراف بأن "الانتهازي" بارع في ذكائه، مراوغ، ويمتلك قدرة مدهشة على التلوّن وتغيير جلدته وطريقته تبعًا للموقف والحاجة، هذا عدا عن مهارته الفائقة في التخيّل ورسم سيناريوهات تدعم وجهة نظره، ويتخّذ منها أدوات للإقناع واستمالة "الطرف الآخر" وتحقيق مآربه دون اكتراث، وليس بغريب عليه أن تكون "الخيانة" و"جاهزية البديل" صفته الملازمة طالما بقي متمسّكًا بطبعه الأصيل "التخلّي" وذلك من خلال ممارسات واساليب تُمارس بطرق مباشرة أو غير مباشرة مما يجعل "الطرف الآخر" يبتعد من تلقاء نفسه بعد انقضاء الحاجه منه واستنزافه، والأهم من ذلك وضعه في معارك لا ناقة له بها ولا جمل، باستثناء أنها كانت ثمنًا لـ "وفاء" غير مُستحق وفي غير أهله!
لكنه رغم تلك المهارات فإنك سرعان ما تكتشف بأنه في حقيقة الأمر ضحية "نفسه وألاعيبها"، وبأنه مأزوم بعقد النقص وضعف الشخصية والاهتزاز الداخلي وسكين العزلة. وما حالة التنقّل الدائم من شخص لآخر، وإثارة الشك والريبة، سوى أعراض مزمنة تصاحب "صاحبنا" اينما حلّ، لأنها بيئته الخصبة التي تمنحه تلك القدرة على البقاء والاستمرار، وتمنحه "وهم" الانتصار، وخديعة التفوق.
قد يكون البعض مُعتقدًا بنظرية "ميكافيلي" بأن "الغاية تبرر الوسيلة"، أو معتنقًا لـ "نصيحة" داهية الدعاية النازية غوبلز "اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرين، ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك“ كمنهج حياة. لكن الحقيقة الأنصع والأصدق التي أثبتتها تجارب الحياة وأحوال البشر تكمن في تلك الحكمة: "تستطيع أن تخدع الناس بعض الوقت، ولكنك لن تستطيع خداع الناس طول الوقت". يحدُث هذا عند نهاية كل عرض مسرحي مهما طال عرضه وأيًا كان مخرجه وبلغت براعته وعظمت درجة إبهاره، فتنكشف الأوجه وتزول الأقنعة وتنتصر الحقيقة ويعود كل الأشخاص إلى مكانهم الطبيعي.
ختام القول؛ لا يغرّنك ذكاءك، ولا تتباهى بمهاراتك، ولا تخدعك مفاهيمك، ولا تتخذ من ظهور الآخرين وأكتافهم سُلّمًا للصعود، ولا تعتاد على نكران المعروف واستنقاص الآخرين، والانتفاع دون عطاء، واعلم أن للناس عيون وعقول يختبرون بها معادن الناس فيتخيّرون أصدقهم لأنهم الأكثر ثباتًا ورسوخًا أما ما دونهم فتتساقط أوراقهم عن الشجر سريعًا ..
ويبقى أصحاب النوايا الطيبة هم الفائزون!
http://www.alriyadh.com/2026051]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]