المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تريّث.. حتى لا تصدمك الحقيقة



المراسل الإخباري
08-08-2023, 12:58
http://www.alriyadh.com/media/thumb/08/a8/800_eb8e406d47.jpg
توسيع المدارك والخبرات، وجعل النفس مُنفتحة لتعلم الجديد وتغيير وجهات النظر باستكشف تجارب جديدة قد تساعدنا على تقدير الأشخاص بشكل أفضل لمواجهة قناعاتنا السابقة والتحقق من مدى صحتها وعدم الاستناد إلى الشائعات، يجعلنا نستمتع بتحدي أفكارنا السابقة والسعي للحصول على وجهة نظر أكثر شمولية وعدالة وموضوعية...
منطقياً، لا يمكننا أن نميز بين الملح والسكر إلا بعد تجربتهما، كذلك البشر من الصعب أن تحكم عليهم إلا بعد التعامل معهم وتكوين صورة كاملة عنهم. نحن نحكم على أنفسنا من خلال نوايانا، ونحكم على الآخرين بأفعالهم، فكل شخص على هذا الكوكب لديه قصة، والتسرع في الحكم قبل معرفة الظروف هو حكمٌ جائر، قد تفاجئنا الحقيقة، إذ إننا نضع أنفسنا في موقف خطير من الحكم السريع؟
دعونا نفكر في تأثيراتنا على الآخرين عندما نستند إلى ظاهرة مجردة، ونفقد الفرصة لفهم واحترام تجاربهم ومشاعرهم الشخصية. فلعل ما تروجه وسائل التواصل الاجتماعي، والأخبار السريعة، أدى إلى تعليمنا على الحكم السريع، ونفترض أننا نمتلك كل الإجابات والفهم الكامل، يجب أن نتعلم كأفراد ومجتمعات أن يكون تقييمنا مُستنيراً ومبنياً على الفهم العميق والصبر والتعاطف. هناك ثمة سعي طويل ومتعدد الأوجه نحو فهم الآخرين، وقد نجد أننا نفتقدها عندما نقفز مباشرة إلى الاستنتاجات مما يؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها، لقد أصبح الحكم على الناس مُرتبطاً بالأهواء والميول، بغض النظر عن الصورة الكاملة الحقيقة للشخص، فإذا أعجبنا الشخص فى أمر معين، نُثني عليه، ونرفعه إلى عليين، بينما إذا لم يعجبنا في أمر ما، ننتقده ونشوه صورته، حتى أصبح الحكم على الناس مرض يصعب شفاؤه.
يا ترى لماذا يتسرع البعض في الحكم على الآخرين؟
يُعتبر الانطباع الأول مهماً في تشكيل آرائنا حول الآخرين استنادًا إلى مظهرهم الخارجي، أو قد نحمل أفكاراً مُسبقة ضد فئات محددة من الناس بناءً على تجارب أو تحيزات ثقافية واجتماعية ودينية. تسرعنا في الحكم مرتبط بالعوامل النفسية، مثل: الخوف، والقلق، أو العداء، قد نستسهل انتقاد الآخرين لتخفيف هذه العواطف السلبية، والعقل البشري يميل إلى تبسيط الأمور وتقييمها بسرعة لتوفير الوقت والجهد العقلي، مما يجعلنا نلجأ إلى الحكم السريع دون توسيع نطاق الفهم، دون أن نعرف القصة الكاملة أو الخلفية؟ نحن قد نجرح الآخرين، قد نهينهم، ونؤثر فيهم بطرق لا يمكننا تصورها وافتراضات خاطئة قد تؤذيهم.
كنت دائماً أقدم حلولاً عملية لمن يحاول أن يُعالج هذي المُعضلة بالإصغاء والتفهم والاستماع بعمق وطرح الأسئلة قبل الحكم على الآخرين لمحاولة فهم السياق قبل اتخاذ أي قرار، كما أن توسيع المدارك والخبرات، وجعل النفس مُنفتحة لتعلم الجديد وتغيير وجهات النظر باستكشاف تجارب جديدة قد تساعدنا على تقدير الأشخاص بشكل أفضل لمواجهة قناعاتنا السابقة والتحقق من مدى صحتها وعدم الاستناد إلى الشائعات، يجعلنا نستمتع بتحدي أفكارنا السابقة والسعي للحصول على وجهة نظر أكثر شمولية وعدالة وموضوعية، وأيضاً بالتواضع في طرح الأسئلة والتعبير عن نيتك لتحسين علاقتكما، عدم التردد في الاعتذار وتصحيح الخطأ قد يكون من المفيد أيضاً، وبالبحث عن فرص التفاعل مع الأشخاص الذين يختلفون عنا، واكتساب فهم أعمق لنقاط الاختلاف والتشابه فيما بيننا يمكننا تقليل التسرع في الحكم وتعزيز التفاهم والتعايش الاجتماعي، عندما نمارس التمهل في الحكم، فإننا نتجنب التمييز اللاعقلاني الظالم ونعطي الفرصة للآخرين للتعبير عن أنفسهم وإثبات قيمتهم بدلاً من استنتاجات سريعة ومسبقة مما يعزز فهمنا المتبادل ويزيد من فرص التواصل الفعال وحل المشكلات.
"في إحدى صالات الانتظار بالمستشفى كنت جالسة في سكينة أقرأ كتاباً، وكان الجو ساكناً مُفعماً بالهدوء، فجأة! جاء رجل بصحبة أطفاله الذين سرعان ما ملأ ضجيجهم وأصواتهم المكان، جلس الرجل وأغلق عينيه غافلاً عن الموقف كله، كان الأطفال يتقاذفون الأشياء ويصرخون، كان الأمر مثيراً للإزعاج إلا أن الرجل استمر في جلسته دون أن يُحرك ساكناً! لم أكن أصدق أن يكون على هذا القدر من التبلد، وبعد أن نفد صبري التفت إليه وقلت: (لو سمحت أطفالك أزعجوني ممكن تكلمهم)، فتح الرجل عينيه.. وقال بلطف: (معك حق، والدتهم لفظت أنفاسها الأخيرة منذ ساعة، أنا عاجز عن التفكير، وأظن أنهم هم أيضاً لا يدرون كيف يواجهون الموقف)، بصمت تدفقت مشاعر التعاطف والتراحم دون قيود، هنيئاً لمن اتخذ عذراً للآخرين.




http://www.alriyadh.com/2026423]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]