تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : زُرت زوجة «تولستوي»



المراسل الإخباري
08-20-2023, 05:26
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png نَسخت بنفسها سبع مرات الرواية الأسطورية: "الحرب والسلام" قبل طبعتها! إنها "صوفيا تولستايا" زوجة الأديب الروسي "ليو تولستوي"، التي عشقت زوجها بعنف، ولاحقته في كل مكان، حتى محطات القطارات، إلى أن مات في محطة قصيّة عنها!
حِرصت في زيارتي الأخيرة لموسكو أن أزور أحد المتحفين الحكوميين لأديب الأمة الروسية، وبالذات الواقع في شارع "أوليتسا بريشيستينكا"، والذي يركز ليس على حياة الأديب بحسب؛ بل على تفاصيل زوجته المثيرة للاهتمام، خاصة لمن قرأ مذكراتها "يوميات الكونتيسة"، التي تدعو فيها الناس ليسامحوا تلك "المرأة التي ربما كانت عاجزة، منذ أعوام الشباب على تحمل على كتفيها الضعيفتين تلك المهمة الرفيعة، أن تكون زوجة رجل عبقري وإنسان عظيم"! على حد قولها.
تعد زوجة "تولستوي" مثالاً نموذجياً لزوجات المفكرين والأدباء، التي لم تتحمل عن زوجها كافة المسؤوليات المنزلية والعائلية فقط، بل أخذت على عاتقها المهام الإدارية والمحاسبية والتعامل مع دور النشر، وزادت عن غيرها بنسخ أعماله و-أيضاً- نقدها، كونها قادمة من عائلة مثقفة وقريبة من البلاط القيصري، إذ إنها ابنة طبيب الأسرة القيصرية، وتجيد ثلاث لغات أجنبية، وتعزف على البيانو.
من نافلة القول إن زوجات الأدباء يعانين أكثر من أزواج الأديبات، كون الحمل يلقى عليها كاملاً، في سبيل تفرغ بعلها للأدب، لتعاني الأمرين ثقل مسؤوليات المنزل وتحمّل الأديب نفسه! كما فعلت زوجة الشاعر أحمد شوقي، أو "آنا" زوجة "دوستويفسكي"، لكنهن لا يحظين بالاهتمام، لأنهن يعملن خلف الأضواء، كما فعلت "سوزان دومينيل" زوجة الروائي والشاعر النوبلي "صامويل بيكيت"، التي لعبت دور الأم والزوجة في حياة زوجها.
في المتحف تدرك دور "صوفيا" المحوري، فهي تقريباً كل شيء، تفاصيل حياة الأديب كلها مرتبطة بها، تلحظ أنها امتلكت كل العناصر التي يحتاجها، فثقافتها جعلتها مطلعة على الآداب العالمية وتذوق الفنون، للتناغم الاهتمامات الثقافية والأدبية بين الزوجين، مع اختلاف في الآراء الفنية، إذ كانت حينما تنسخ أعماله تبدي رأيها الشخصي، مستندة إلى ثقافتها وذائقتها، وكان "تولستوي" يصغي لها في أحيان، ويتجاهلها في أحيان أخرى، مما زاد من اشتعال الخلاف بينهما، لدرجة أنها أفصحت في يومياتها أنها لا تعجب ببعض مقالاته، وأن ثمة "حدة منفرة، وحتى حاقدة في مقالاته"!
غير أن الخلل الذي أصاب علاقتهما هو أن كلا الطرفين رغب من الزواج أن يلبي احتياجاته الشخصية وتطلعاته، فتولستوي كان يرى أنه بصفته أديباً غير معني بشؤون المنزل ونحوها وأن الشيء الوحيد الذي يقوم به هو الكتابة! بينما ترى زوجته أن من الضروري يهتم بها كزوجة وألا يهمل أطفاله!
ليساعد الله زوجة كل أديب ومبدع، فعليهن يقع حملٌ ثقيل وصعب، فهن يتعايشن مع الجانب المظلم الذي لا نراه، ويتحملن النزوات وروح اللامبالاة، لكنهن يعلمن أن أثرهن في تهيئة بيئة الكتابة والإبداع أساسي ولا مناص منه.




http://www.alriyadh.com/2028276]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]