تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الثَّقَافَةُ أُسلُوبُ حَيَاةٍ



المراسل الإخباري
09-30-2023, 02:41
http://www.alriyadh.com/theme2/imgs/404.png عندما نريد تعريف الثقافة فإننا لا بد أن نعود إلى جذورها اللغوية الأولى، الثقافة مشتقة من مادة (ثقف)، ولو فتّشنا في معاجم اللغة القديمة، أو الحديثة، سنجد أن هذه المادة كما - في المعجم الوسيط - تشير إلى: ثَقِفَ ثقفاً: صَار حاذقاً فطناً، فَهُوَ ثقف، وثقف العلم والصناعة: حذقهما، وثقف َالرجل فِي الْحَرْب: أدْركهُ، وَثقف الشَّيْء: ظفر بِهِ، وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز قال تعالى: «واقتلوهم حَيْثُ ثقفتموهم»، ومن ذلك: ثاقفه، مثاقفة، وثقافاً: خاصمه، ولاعبه إِظْهَارًا للمهارة والحذق، و(ثقف) الشَّيْء: أَقَامَ المعوج مِنْهُ وسوّاه، وَثقف الْإِنْسَان: أدّبه، وهذّبه، وَعلّمه، و(تثاقفوا): ثاقف بَعضهم بَعْضًا، و(تثقف) مُطَاوع ثقفه، و(الثقافة): الْعُلُوم والمعارف والفنون الَّتِي يطْلب الحذق فِيهَا.
ولو أردنا تعريف الثقافة بمفهومها اليوم لقلنا: إنها مكون علمي، وتراكم معرفي، يولّده أصحابه في خدمة ميدان، أو أكثر، من ميادين العلوم، والمعرفة، فالطبيب قد يكون مثقّفاً في مجاله، إذا أبحر فيه، أو في ما يتصل به، وكذا الأمر مثلاً للمهندس، والمعلّم، والفنّان، وغيرهم؛ إذ المعول عليه في موضوع الثقافة أن يكون المثقف حاذقاً في ميدانه، وملمّاً في غير مجال، أو على الأقل يعرف جزءاً من كل، أو كما قال ابن خلدون حين عرّف الأدب: «الأخذ من كل علم بطرف»، أي إدراك بعض الشيء مما يمكن إدراكه، أو ما يكون مسهماً في تطوير ثقافة الإنسان عموماً.
من هنا فإن الثقافة حين تصبح نمطاً معرفياً ذا أثر سلوكي لدى الفرد، وتمتد إلى أن تصبح عادة لدى كثير من الناس والمجتمع، فإننا سنكون أمام أسلوب من الحياة فريد، تصبح الثقافة عنوانه المشرق، وواجهته المضيئة، ويزداد الأمر جمالاً وإشراقاً حين ترتبط الثقافة في تعزيز الهوية الوطنية، والشراكة المجتمعية، وتشجيع القطاع الثقافي بشكل عام، والاعتزاز بالتراث، والانفتاح على العالم؛ لذلك نصّت رؤية وزارة الثقافة في مملكتنا الحبيبة على «أن تزدهر المملكة العربية السعودية بمختلف ألوان الثقافة، لتثري نمط حياة الفرد، وتسهم في تعزيز الهوية الوطنية، وتشجع الحوار الثقافي مع العالم».
وكم أعجبتني المبادرات التي يقدمها (الشريك الأدبي) في مدن المملكة العربية السعودية، وقد سعدت الأسبوع الماضي بتقديم (أمسية قصصية) في مقهى (بُنشاي) الذي يقع في منطقة حالمة بمدينة حائل، وسط حضور طيّب من الأدباء، والمثقفين، والأكاديميين، وكانت الأمسية على خلاف المعهود، حيث الكثرة تتجه دائماً إلى الأمسيات الشعرية، لكننا هذه المرة حاولنا التنويع، والدخول إلى فضاءات السرد، وهذا مما يحسب للجهود المشكورة التي يبذلها (الشريك الأدبي) في دعمه للتخصصات المختلفة، وتشجيعه على تنويع الفعاليات الثقافية، والأنشطة الأدبية.
إن هذا التواشج الثقافي بين الفرد، والمجتمع، وهذا التعاون بين القطاع الثقافي، والقطاع الثالث، يسهم في رفد ثقافتنا الجميلة، وينهض بصناعة مستقبل ثقافي مشرق، يتناسب مع رؤية المملكة الطموح (2030)، وهنا أستذكر رسالة وزارة الثقافة الجميلة التي تقوم على: «أن نمكّن ونشجع القطاع الثقافي السعودي بما يعكس حقيقة ماضينا العريق، ويساهم في سعينا نحو بناء مستقبل يعتز بالتراث ويفتح للعالم منافذ جديدة ومختلفة للإبداع والتعبير الثقافي».
وهو الأمر نفسه الذي يحقق المكاسب الثقافية التي تجعل من الثقافة أسلوب حياة، ونمط عيش، ومن هنا يساهم قطاع الثقافة بتأثيره المهم، وتفاعله المستمر والمباشر في تحقيق الركائز الاستراتيجية الثلاث لرؤية المملكة (2030)، والمتمثلة في بناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح.




http://www.alriyadh.com/2035424]إضغط (>[url) هنا لقراءة المزيد...[/url]